الأطفال مثل الكبار يغضبون، ويعترضون، ويصرخون، ولكن خبرتهم في التعرف على مشاعرهم وكيفية التعامل معها تكون ضعيفة، لم تتشكّل ولم تُصقل بعد، بل ورُبما يجهلون أن ما يشعرون به هو "غضب"، ويجهلون أيضا ما الذي يستحق الغضب لأجله، وما الذي يُغضبهم بالأساس. على الجانب الآخر، وفي الكثير من الأحيان، لا يتعامل الأهل مع غضب الطفل بطريقة صحيحة، مما يُضاعف المشكلة. مثلا، الكثير منا يعرف "كيفن"، الطفل الغاضب ذو السنوات الثمانية في فيلم "وحيد في المنزل" (Home Alone)، المعترض على كل ما يحدث في المنزل. لم تُساعده أمه في تجهيز حقيبة السفر، لا يُريد ابن عمه المبيت معه في الغرفة، ولم يحصل على قطعة البيتزا التي طلبها. غاضب وحانق، وكل مَن في المنزل مُستاؤون منه ومن تصرفاته. "كيفن" يرى أن غضبه مُبرَّر، بل ويدفعه بركان غضبه إلى التمني أن يعيش أياما خالية من العائلة. ما صُوِّر أمام هذه الكاميرا يُحاكي واقعا موجودا.
هذا بالطبع يقع على عاتق الأهل، وفي بعض الأحيان قد يرتكبون أخطاء تزيد من تأزّم وعي الطفل بمشاعره وكيفية التعامل معها، فأغلب ما يتشرّبه الطفل في صغره يبقى عالقا، بصورة أو بأخرى، معه حتى كبره. وفهم المشاعر والتكيف معها يُعتبر لبنة الأساس في تأسيس الذكاء الاجتماعي الذي سيلعب دورا مهما في حياة الطفل الاجتماعية وعلاقاته مع الغير، إذ تلعب الوراثة دورا في الذكاء، ولكن الذكاء الاجتماعي قابل للتعليم، ويحتمل الخطأ والصواب. فما الأخطاء التي يرتكبها الأهل في التعامل مع نوبات الغضب الجديدة كليا على الطفل وخبرته، وكيف يُمكن تعليم الطفل فهم هذه المشاعر والتحكم بها؟
الغضب، الانفعال، السخط، الكبت، ومجموعة مرادفات أخرى نستطيع أن نستمر في ذكرها وكتابتها، وقائمة أخرى من التصورات والأوصاف التي اعتدنا سماعها مثل "يغلي دمه" أو "عندما يغضب يُصاب بالعمى". هذا بالفعل يُشبه ما يتعرّض له الأطفال من مشاعر يجهلون أنها "تغلي دمهم" أو تُهيّجهم، ووظيفة الأهل هُنا أن يرسموا خطوطا عريضة تُحدِّد للطفل الملامح الجديدة عليه التي يضطر أن يفهمها ويتعامل معها.
وهنا مجموعة من النقاط التي تُساعد الطفل على تمييز مشاعره وفهمها:
* توضيح سبب منع أو منح الطفل التعزيز المتفق عليه.
* مكافأة الطفل كلما أبدى التزاما، مع توضيح سبب المكافأة أو التعزيز.
* التحدث مع الطفل بشكل مباشر وبكلمات واضحة وذات رسالة تحمل فكرة واحدة للطفل.
* إن كان يُحسن الكلام، يُفضَّل أن يُطلب منه إعادة ما فهمه من والديه، فهذا يُسهِّل فهم شخصيته والتعامل معه.
* عدم التراجع عن الاتفاق معه، إلا إذا اتفقا مع بعضهما على هذا التراجع، مع ضرورة توضيح هدف التراجع للابن.
* السعي الدؤوب لعدم التراجع عن القرارات بسبب صراخ الطفل أو غضبه، وإلا سيتعلّم أنه كلما أراد شيئا فالسبيل هو الصراخ.
* في حال وجود أي خلاف بين الوالدين، من الضروري توضيح هذا للطفل مع التأكيد أنه لا علاقة له بالأمر وعدم جرّه ليكون مادة في خلافهم.
أخيراً، النصيحة المتوارثة الأشهر التي تقول: في حال بكى الطفل أو غضب "اتركوه"، فهل هذه نصيحة مجدية؟ إذا كان سبب الغضب معروفاً ومفهوماً فيُمكن أن يُترك الطفل للتعبير عن غضبه، ولكن دون تجاهل. فبمجرد أن يهدأ، يجب أن يُناقَش وأن يفهم أن تصرفه خاطئ، بشرط ألّا يكون سبب الغضب الأهل وتأخرهم مثلا عن حاجة بيولوجية للطفل، فهُنا لا يُمكن في أي حال من الأحوال أن يكون هذا خطأ الطفل. ويُنصح بفهم ما يزعج الطفل أو يوتره، ومحاولة نزع كل ما يُمكن أن يتسبّب في ذلك، وفي حال أبدى الطفل غضبا أمام الناس، فمن واجب الأهل هُنا أن يؤكدوا للمحيطين عدم التعامل مع الطفل أثناء نوبة غضبه، وأنهم -أهله- أكفأ في التعامل معه، ولا مانع من استشارة مختص ليعطيهم إجابات علمية شافية.
المصدر: الجزيرة
اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،
يتعرّض الأطفال في أثناء الحروب للصدمة، وقد لا يكونون متحفّزين للتعلّم، لذلك تدمج المدارس والبرامج التعليمية خدمات الدعم النفسي والاجتماعي
تأثير الأب على الطفل يفوق تأثير الأم بل يصل إلى حد تغيير سلوكهم بشكل ملحوظ
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال