تزامنا مع التطور التكنولوجي الهائل الذي شهدناه في الألفية الثانية، يصعب نصح الآباء والأمهات بمنع أطفالهم من التعرض التام للشاشات ووسائل التكنولوجيا، فاعتماد الإنسان على التكنولوجيا أصبح شبه يومي، وتجنب الشاشات بأنواعها شبه مستحيل. وبالرغم من أنه يجب تحديد الساعات التي يقضي فيها الطفل وقته أمام الشاشة، فإنه يجب أيضا الاهتمام بكيفية قضاء الوقت أمام الشاشات، ومدى انخراط الأطفال في التكنولوجيا دون أن تؤثر على حياتهم العامة وطفولتهم.
الاستغراق التام في استخدام التكنولوجيا دون غيرها من وسائل الترفيه والحركة أمر يستوجب التصدي الفوري له. وقد يبالغ بعض الأطفال في رد الفعل فور طلب الأباء التوقف عن استخدام الحاسوب أو الهاتف، وهو مؤشر قوي أن التعلق الشديد وصل حد الإدمان والاعتماد الكامل على تلك الأدوات للحصول على السعادة والترفيه. يبدو ظريفا أن يراسل أفراد العائلة بعضهم البعض من خلال الهاتف أثناء تواجدهم سويا في نفس المنزل؛ لكن الخبراء يدرجون هذا التصرف كعادة سيئة تمزج بين الكسل، وعدم القدرة على قيام أنشطة حركية أو اجتماعية، وتجنب الحديث وجها لوجه، وعدها موقع "فيري ويل فاميلي" (Very well family) بمثابة إنذار للتوقف الفوري عن استخدام الشاشات والأجهزة.
في أطروحة دكتوراه عن التطور العقلي والسلوكي للأطفال، طُرح استفتاء على 600 أسرة تتراوح أعمار أبنائهم بين الـ3 سنوات حتى 12 عاما، قُسموا لفئات عمرية، وجد الباحث أن -بغض النظر عن الفئة العمرية- هناك تناسبا مباشرا بين فرط استخدام الأجهزة اللوحية وشاشات التلفزيون مع اضطرابات النوم، والذي يتبعه اضطراب سلوكي متنوع بسبب الحرمان من النوم، وعدم القدرة على الوصول لمراحل النوم العميق الضرورية للنمو والراحة.
وعدت دراسة نشرت على موقع ساينس دايركت العلمي Science direct أنه ثمة سلوك إدماني يظهر على الطفل في حال زاد عدد ساعات استخدامه للشاشات، هذا السلوك يظهر عند منع الطفل من استخدام الشاشة أو الجهاز اللوحي، ويشمل التوتر والقلق ونهم الطعام وعدم التركيز.
وعند الأطفال من شريحة عمرية أصغر يكون عبارة عن سلسلة نوبات غضب متتالية صعبة السيطرة، وترتفع نسب الشعور بالنهم أو الجوع العاطفي لدى الأطفال المستخدمين للإلكترونيات والشاشات، لذلك ربطت جميع الدراسات التي أجريت على استخدام الشاشات العلاقة الوطيدة بين استخدام الأجهزة اللوحية والسمنة المفرطة خصوصا مع ضعف اللياقة البدنية وصعوبة ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة. كما أشارت دراسة حديثة نشرت في رابطة الطب النفسي الأميركية عن علاقة قوية بين ألعاب العنف في الأجهزة اللوحية وزيادة العنف بين الأطفال.
الفطام الإلكتروني أو الإجازة من الإلكترونيات أو ما يطلق عليه "Digital detox" هو أمر ضروري حتى يعتاد الأطفال على أن هناك متعة في الحركة واللعب، واستكشاف الطبيعة يبدأ بإجازة خلوية، وتستمر الإجازة في العطلات الأسبوعية، ويُدفع الأطفال إلى مزيد من الأنشطة الحركية، ليتحرروا من الجلوس التام أمام الشاشة.
يجب التفريق بين طفل يجلس للعب طوال النهار، وآخر يقرأ على الجهاز اللوحي، أو حتى يمارس بعض الأحجيات التي تساعده على تنمية مهاراته الحسابية، والعديد من التطبيقات التي تفيد الطفل، ومنها تعليم الأطفال البرمجة وصناعة الروبوتيكس، والتي انتشرت في العديد من المراكز مؤخرا.
فهناك "جودة الوقت" (Quality of time) و"كمية الوقت" (Quantity of time)، والفارق بينهما كبير، ويجب الحرص على جودة الوقت الذي يقضيه طفلك على الشاشة، وفي القائمة التالية نماذج مواقع لتدريس البرمجة والترميز للأطفال:
يتبع موقع "كود.أورج"Code.org مؤسسة غير ربحية، ويشكل نقطة انطلاق لتعليم الأطفال البرمجة، ويشارك في برمجة العديد من التطبيقات والموارد عبر الإنترنت، ويستخدمه عدد من المدارس الحكومية والعامة لتعليم الترميز، ويشرف عليه مجموعة مميزة من خبراء البرمجة والترميز في العالم.
أكاديمية خان Khan academy هي مؤسسة تربوية غير ربحية، تهدف إلى "توفير تعليم عالي الجودة لأي أحد وفي أي مكان"، ويوفر موقعها على الإنترنت أكثر من 3600 محاضرة صغيرة عبر فيديوهات مخزنة على موقع الأكاديمية؛ من بينهم دورة تدريبية مخصصة لتعليم البرمجة للأطفال بجانب العديد من الدورات التدريبية المجانية الأخرى.
صممت شركة آبل Apple موقع سويفت بلاي غراوندز Swift Playgrounds لمستخدميها لبرمجة تلائم إصداراتها، وهو يتيح دروس البرمجة مجانا؛ لكنه أكثر تعقيدا من باقي المنصات التي تعلم البرمجة للأطفال، يحل فيه الأطفال ألغازا تفاعلية و أحجيات موجهة خصيصا لإتقان أساسيات الترميز، ويتطلب جهاز آيباد iPad يعمل بنظام iOS 12.0 أو أعلى.
يعد استثمار وقت الأطفال من أهم أولويات الوالدين، فالجلوس على الأجهزة اللوحية يسلب الطفل الوقت اللازم لاكتشاف نفسه وممارسة الرياضة والألعاب والحركة، وذلك بتقسيم الوقت وإضافة المتعة والاستفادة مما يتعلم الطفل دون الانسياق التام للألعاب، التي تشجع على العنف، وتضع الأطفال في خطر السمنة المفرطة.
المصدر: الجزيرة نت
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال