التكنولوجيا والأطفال: كيف أستفيد من التكنولوجيا وأحمي أطفالي في الوقت ذاته؟

 

تُخفِّف الأجهزة الإلكترونية من صخب الطفل، وتجعله صامتاً، فتستطيع الأم أن تقوم بأعمالها دون أن يتعبها أو يعطِّلها؛ ولكن على الأم أن تَعِي أنَّ خلف هذا الصمت يوجد دمارٌ نفسيٌّ واجتماعيٌّ لطفلها. لذلك، لا يجوز بحالٍ من الأحوال اللجوء إلى الأجهزة الإلكترونية كوسيلةٍ تُخفِّف عنها أعباء التربية.

أيضاً، على الأم أن تَعِي أنَّها ستخسر طفلها في حال فتحت له الباب على مصراعيه لاستخدام الأجهزة الإلكترونية؛ لأنَّ عالم التكنولوجيا عالمٌ كبيرٌ وشاسع، والطفل غير مستعدٍّ نفسياً لاستقبال كلِّ ما في هذا العالم، حيث سيُصاب بالاضطراب والتشويش في حال استقباله من دون تهيئةٍ نفسية. لذلك، لا يجوز للطفل خلال المرحلة العمرية من (6 أشهر- 3 سنوات) استخدام أيِّ جهازٍ إلكتروني. تستطيع الأم بعد عمر 3 سنوات إدخال الأغاني المصورة بالتدريج إلى حياة الطفل، ومن ثمَّ أفلام الكرتون؛ لكن شريطة أن تكون الأم قد اطَّلعت على الأغاني والأفلام قبل عرضها على أطفالها، لتتأكَّد من خلوِّها من أيِّ مشاهد سيئةٍ أو قيمٍ سلبية، حيث يُصدَّر الكذب في بعض أفلام الكرتون على أنَّه قيمةٌ إيجابية، وتُضفِي تسليةً وبهجة.

من جهةٍ أخرى، تستطيع الأم مشاركة طفلها في أثناء مشاهدته فيلماً كرتونياً، أو لعبه لعبة إلكترونية؛ لأنَّ ذلك سيقوِّي الروابط العاطفية فيما بينهما كثيراً؛ كما عليها أن تعلم أنَّ أفلام الكرتون أو الألعاب الإلكترونية مُبهِرةٌ للطفل، لما تحويه من ألوانٍ كثيرةٍ وحركاتٍ هائلة؛ لذلك عليها أن تُقدِّر تعلُّق طفلها بها، وتبدأ توعية طفلها بطريقة حبٍّ وتودُّد، لا بطريقة تخويفٍ وترهيب، مثلاً: أن تجعله يشاهد معها فيديو عن مضار الأجهزة الإلكترونية وتأثيرها في إدراكه وتحصيله العلمي، ومن ثمَّ مساره في الحياة؛ وتبيِّن له أنَّها تحرص عليه وعلى مستقبله، لذلك ستُحدِّد له ساعاتٍ معينةً لمشاهدة أفلام الكرتون أو لعب الألعاب الإلكترونية.

يجب أن تضع الأم أوقاتاً محددةً لمشاهدة أفلام الكرتون أو لعب الألعاب الإلكترونية، بحيث يكون هناك نظامٌ معينٌ في حياته، كأن تقول لطفلها: هناك 3 ساعات أسبوعياً من أجل استخدام الهاتف المحمول ومشاهدة فيلم كرتون؛ ومن ثمَّ يشاركها الطفل في صناعة جدول أسبوعه، فتُعطِيه حريَّة وضع الساعات الثلاث كيفما يريد. وعلى الأم أن تحاور طفلها بعد أن يلعب لعبة الكمبيوتر، وتسأله عن إيجابيات اللعبة، ومن ثمَّ عن سلبياتها؛ لتنمّي لديه مهارة التحليل وعدم التسليم في كلِّ شيءٍ يُقدَّم إليه.

 

عند تقليل ساعات استخدام الأجهزة الإلكترونية إلى ثلاث ساعات إسبوعياً، يجب على الأم أن تجد بدائل من أجل تسلية الطفل، كأن تعتمد نشاطاتٍ، مثل: السباحة أو الرسم أو المطالعة، وتضيفها إلى جدوله الأسبوعي؛ أو أن تترك له مساحةً لكي يُبدِع وسيلة تسليته بنفسه، حيث سيُحفِّز عدم وجود جهازٍ إلكترونيٍّ في حوزة الطفل على ابتكار طرائق للتسلية والمتعة، ممَّا يجعله أكثر ذكاءً ومرونة.
يتعيَّن على الأبوين ترك الأطفال يشاركون في وضع القواعد والضوابط، مثل: مواعيد النوم، ومواعيد الطعام، ومواعيد استخدام الأجهزة الإلكترونية، ومواعيد الدراسة؛ بحيث يكون هناك حوارٌ دائمٌ بينهم وبين الطفل. ومع وجود لوح مكافآت؛ ففي حال التزام الطفل بالقواعد المُتفَق عليها، فسيحصل على درجاتٍ معينةٍ في نهاية الأسبوع، تُخوِّله للحصول على لعبةٍ معينةٍ يريدها.

سيُعزَّز لدى الطفل بهذه الطريقة ثقافة السعي، والإيمان بأنَّ كلَّ شخصٍ سينال بمقدار ما يجتهد ويتعب. تساعد هذه الطريقة في بناء عاداتٍ صحيةٍ للطفل، فالشخص الناجح هو من لديه عاداتٌ ناجحة.
يجب أن يتعلَّم الأبوان عن التكنولوجيا لحماية أطفالهم، كأن يبحثوا عن برامج فلترة مواقع الإنترنت التي تمنع المواد الإباحية، والمواد غير المناسبة لسنِّ أطفالهم، مثل: برامج (
Kaspersky Safe kids) و(Mobicip)، ويحمِّلوها على أجهزتهم الذكية أو حواسيبهم، ليستطيعوا التحكُّم بالمواقع التي يزورها الطفل، أو مراقبة تحرُّكاته على الإنترنت.
على الأبوين مراقبة نوعية أصدقاء طفلهما، حيث تؤثِّر مجالسة الصديق السيء كثيراً في توجُّهات الطفل؛ كما يستطيع الأبوان إقامة علاقاتٍ مع عائلاتٍ لديهم أبناء بأعمارٍ متقاربةٍ من أعمار طفلهما، وذلك لكي يضمنوا أن يكون أصدقاء طفلهم ذوي سلوكٍ حسن.


أخيراً، الأطفال أمانةٌ في أعناق الأبوين؛ لذلك عليهما تبنِّي المفهوم الحقيقي للتربية، والسعي إلى بناء أطفالٍ سليمين نفسياً وجسدياً وعقلياً، والالتزام بالحوار الصادق والعميق معهم، واحترام مواهبهم وقدراتهم وتعزيزها، وزرع القيم الإيجابية فيهم، واحتواءهم حتَّى عندما يُخطِئون، وجعلهم يتحمَّلون نتيجة أفعالهم لوحدهم.

 

 

 

 

المصدر: موقع "النجاح نت"