يوتيوب ليس للأطفال، فاحذروه ؟!

يوتيوب ليس للأطفال، فاحذروه ؟!

أصبحت التكنولوجيا عُنصرًا مهمّاً في حياة الإنسان لا يُمكن أن يستغني عنه، ومع تطورها السريع الذي أدى إلى تأثيرات كبيرة على المجتمعات، وخاصةً مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي والتي تسمح بإنشاء وتبادل المحتوى بين جميع الناس، إذ تلعب هذه الشبكات دوراً كبيراً في تغيير ثقافة المجتمعات وخاصةً الناشئة منها.
فالكثير من الآباء والأمهات يتركون الأجهزة اللوحية والهواتف في أيدي أطفالهم لمشاهدة مقاطع فيديو على اليوتيوب لمجرد تسليتهم، أو لإلهائهم ومتابعة الأهل لأعمالهم من دون مراقبة، مع عدم إدراكهم لخطورة هذه التكنولوجيا وما تجمعه عنا وعن أولادنا من معلومات تستغلهم في الإعلانات. ومع هذا الكم الهائل من الفيديوهات التي تحتوي على ما يبحث عنه المشاهد بسهولة، يقابله قلق كبير من قبل الأهالي بسبب سهولة وصول أطفالهم إلى أي فيديو وعدم القدرة على مراقبتهم خصوصًا مع تنوع الأجهزة مثل المحمولة والحاسب وغيره.


إن أكثر المقاطع المرفوعة على اليوتيوب الخاصة بالأطفال، يحتوي على ثقافة الغرب وعاداتهم وتقاليدهم، فبعض الدول كروسيا والصين قامتا بحظر اليوتيوب لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية للحفاظ على ثقافتهم الخاصة وتحذر من الغزو الثقافي الأمريكي، وتنبه من المخاطر الشديدة المترتبة على الانفتاح، وتدعو في المقابل إلى إحياء الهوية الثقافية الخاصة ببلدانهم. 
إنّ الفيديوهات الموجودة على اليوتيوب لها تأثير على سلوك الأطفال وتكوين عاداتهم وقيمهم وتدخلهم في عزلة عن عائلاتهم ورفاقهم، وتجعلهم عرضةً للابتزاز والاحتيال من قبل بعض القراصنة. وقد يصل بهم لمرحلة الإدمان  الفعلي، وتُقلّص من قدراتهم الإنتاجيّة أيضاً، بالإضافة إلى المشاكل الصحية؛ فقد تُسبّب الإنترنت تعبًا للعينين، أو قد يُسبّب الاستماع المُستمر عبر سمّاعتي الأذن مشاكل لهما، كما تُسبب إطالة الوقت أمام التلفاز أو الإنترنت السُمنة بسبب قلّة الحركة أو ممارسة الرياضة.

 


في الأشهر الأخيرة أصيب بعض الآباء في أيرلندا بالصدمة بعد اكتشافهم الكثير من مشاهد العنف والدموية، غير المناسبة للأطفال في مقاطع فيديو على موقع يوتيوب تحت اسم كارتون أطفال أو أغاني للأبجدية أو أغاني خاصة بالحضانة والأطفال، وهناك الكثير من الخطورة على الاطفال بسبب تسرب مقاطع الفيديو المخيفة والمزعجة، والتي يقوم الأطفال بتشغيلها بعد البحث عن عبارات الأطفال القياسية كالبحث عن “Elsa” أو عن “Mickey and Friends”، وبنقرة واحدة يمكن أن يتعرض الطفل لحوالي نصف ساعة من العنف الشديد الذي تم دمجه مع موسيقى خاصة بالأطفال في الخلفية.

حيث يحتوي يوتيوب على مجموعة كبيرة من مقاطع الفيديو المبتذلة وغير المفيدة للأطفال، إذ أن أكثر المقاطع التي يشاهدها الأطفال لا معنى لها تماماً أو سخيفة، فهناك فيديو يقوم فيه رجلاً بفتح "مفاجآت البيض" ولمدة 7 دقائق وكل بيضة تحتوي على سيارة من سيارات ديزني Disney Cars، وتم مشاهدة هذا الفيديو أكثر من 33 مليون مشاهدة، والقناة لديها أكثر من 7 مليون مشترك، وهناك الكثير من الفيديوهات مثلها في القناة نفسها، ولكن إذا بحثنا داخل اليوتيوب سنجد أن أكثر من 10 مليون فيديو يحمل نفس الفكرة ألا وهي "بيض المفاجآت"، وهذه الفيديوهات يدمن عليها الأطفال، ويقومون بمشاهدتها مراراً وتكراراً، ويستغرقون عدة ساعات في مشاهدتها، وفي حال أبعدت الشاشة عنهم، سيبدؤون بالصراخ ويستمرون به لوقتٍ طويل. 


وهناك خاصية في اليوتيوب "التشغيل التلقائي" Auto play، فعند تفعيلها يقوم يوتيوب بعرض فيديوهات مشابهة للتي يشاهدها الطفل، والتي من الممكن أن تأخذه إلى فيديوهات ذات محتوى عنفي أو جنسي أو مشاهد رعب، ومثال على ذلك، إذا تم عرض فيديو عن قطار الأرقام، فإن بعد عشر فيديوهات يقوم اليوتيوب تلقائياً بعرض فيديو عن "مشهد جنسي ل ميكي"، وبعضها يعرض عليهم بعض أبطال الكرتون وهم يتعرضون للضرب أو القتل، أو مقالب غريبة ترعب الأطفال، والتي لاحقاً تؤدي إلى مشاكل أو صدمات نفسية.


أخيراً، إن ملء فراغ الطفل بالفيديوهات غير الموجّهة والاستعاضة عنها باللعب في الهواء الطلق، تزيد من ثقته في نفسه، وتتحسّن صحته الجسدية والعقلية، ويختلط مع الأطفال الآخرين، وتتطوّر مهاراته الاجتماعية، ويتعلم كيف يفشل، ويستمر ويتعاون ويخطط ويحل المشكلة، بعكس الطفل الذي يجلس أمام الشاشة الإلكترونية، حيث يكون متعرّضاً لمشاهد تؤثر على ثقافته وسلوكه سلباً، وتدخله في عزلة، وقد يصل إلى مرحلة الإدمان، باختصار شديد يوتيوب ليس للأطفال، فاحذروه.

 

 

 

 

المصدر:  موقع "مركز الأبحاث والدراسات التربوية"
للكاتب الأستاذ سامر جابر

مواضيع مرتبطة

أسلوب شائع في المراسلة قد يجعلك أقل مصداقية

كشفت دراسة جديدة عن أسلوب شائع في كتابة الرسائل النصية قد يؤثر سلبًا على كيفية إدراك الناس لصدق المرسل.

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام،

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بالعام 2023