هل تستأذن أطفالك قبل نشر صورهم على الإنترنت؟

هل تستأذن أطفالك قبل نشر صورهم على الإنترنت؟

غالباً ما يفكر الآباء في أفضل طريقة لحماية الأطفال أثناء استخدام الطفل للإنترنت. ومع ذلك، فإن الآباء لا يفكرون دائما في كيفية تأثير استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي على رفاهية أطفالهم.

ان الأمر عالمي بخصوص ما يتعلق بما يُنشر وما لا داعي لنشره. فالأمر بات سهلا حتى على من لا يعمل في مجال إعلامي، أو يرتكز على أعتاب وظيفة تحتاج إلى متابعين أو جمهور بالمعنى الكلاسيكي. فأي خفيف ظل، أو فارغ، أو موهوب؛ لديه كاميرا واتصال بشبكة الإنترنت، صار من السهل عليه أن يُصبح مشهورا يُتابعه الآلاف، فيشعُر لا إراديا بإحساس يُلزمه بنشر أي شيء حتى ولو لم يكُن مُفيدا، إثبات حُضور لا أكثر. وبخط متوازٍ نرى الجمهور اعتاد أن يرى خصوصيات وتفاصيل حياة من يتابعونه، أو وجباته أو روتينه اليومي، بل ويعتبون على "مشهورهم" المفضل الذي لا يُشاركهم أكثر. كما حدث مع الفنانة اللبنانية ميريام فارس، التي كانت تتعمد نشر صور لزوجها ولطفلها دون إظهار وجوههم، الأمر الذي أثار استياء متابعيها وافتراض سيناريوهات تتهم الفنانة بالغرور والخوف من الحسد وفتح أبواب من السخرية لم تُقفل حتى هذه اللحظة!


إن الأهالي أحيانا لا يعون معنى إنسانية أطفالهم، واحترام شخصياتهم المُستقلة. فما الفائدة من نشر ما يُسيء لطفلي وفتح باب السُّخرية والاستهزاء؟ إن توثيق بعض التجارب يُمكن أن يكون نافعا في نشره، وهي تفعل هذا أحيانا إن رأت أن موقفا معينا قد يحمل رسالة تربوية تُفيد غيرها من الآباء والأمهات. ولكن الكثير من الأهالي يقعون في فخ السماح للجمهور بالاستهزاء وتناقل مقاطع أو صور مؤذية تُسيء لشخصية الطفل. إن هُناك فرقا بين ما يُنشر ويعكس خفة ظل براءة الطفل، ليكون ضحك الجمهور بخلفية من الحب والإعجاب، وبين أن يضحك الجمهور استخفافا بموقف حدث مع طفلي، مع الإشارة إلى أن الأهل هم حجر الزاوية الذي يُحدد طبيعة تفاعل الجمهور.

إنه من المُمكن أن يكون نشر منشور مُعين سببا في لفت انتباه الأم أو الأب لثغرة في علاقة أحدهما مع طفلهم، فهُناك بالتأكيد فائدة من نشر المواقف التربوية الهادفة. حيث إن وعي الطفل لمفهوم الإحراج، وهل من المُمكن أن يُحرج الطفل وأن يترسب أثر بعض المواقف المُحرجة في نفسه حتى في عمر صغير؟ نعم، إن الطفل يبدأ بفهم الإحراج من عمر 3 سنوات، وحتى لو لم يكن يُدرك الطفل معنى الإحراج، فنحن كأهل نُدرك بشكل مُطلق معنى الإحراج، فلماذا نختار أن نضع أطفالنا في بُقعة نحن أول من يُدرك أنها مُحرجة؟ إنها خبرة سلبية لن تُضيف للطفل، ولا للأهالي ولا حتى للجمهور. 
فالجمهور، وخاصة الأقرباء منهم أو المعارف، سيحفظون الموقف بذاكرتهم -حتى لو لم يكن الطفل مُدركا-، وبعد مرور فترة من الوقت، أو السنوات، سيلجأون إلى إعادة واسترجاع بعض المواقف المُحرجة التي قد سبق ونشرها الوالدان باعتبار أنها عادة موجودة في مجتمعاتنا هدفها -رُبما- فكاهي، ولكن في خلفيتها استخفاف وانتقاص من تقدير الطفل لذاته. وبالتالي سيُفقده ثقته بنفسه أو بوالديه، وقد يلجأ للومهم على نشر خصوصيته وتعريضه لهذه المواقف المُحرجة، وتُؤكد أنه لا ضرورة لكل هذا!

 


خُطوط حمراء يرسمها الطفل

إن الطفل من عمر 5 سنوات يُصبح قادرا على النقاش، والاعتراض، والقبول والرفض. فهو قبل سن خمس سنوات قد يدرك أن الأم أو الأب قد قاموا بنشر صورة له، ولكنه لم يستطع حينها قراءة ما كُتب. عندما يصل الطفل للعمر الذي يسمح له بالقراءة قد يبدأ بالسؤال عن سبب كتابة الشيء المرفق بصورته، أو قد يطلب من الأم قراءة ما كتبت، أو قد يعترض على نشر صورة معينة ويطلب إزالتها، قد لا يعجبه شكله أو يرى بأنه مُضحك. في كل الحالات يجب احترام رغبة الطفل في كل ما يراه مناسبا للنشر عنه، واحترام خطوطه الحمراء التي تُريحه، والتي لا تُشعره بأنه مُحاصر أو مُهدد بردات فعل لغرباء قد يضحكون عليه. هذا كله يصب في نهر ثقة الطفل بنفسه ومدى حساسيته التي يجب أن تُحترم وتؤخذ بعين الاعتبار وعدم الاستهانة به.

إن سلوكيات الآباء والأمهات وتعاطيهم أو تجاوبهم -الإيجابي أو السلبي- مع رغبات الطفل هو أكبر نموذج ومثال يُمكن أن يقتدي به الطفل ويتشرب منه ما يُمارَس أمامه، لتُزرع فيه هذه الممارسات كجزء سيصعب فصله عن شخصيته في الكبر. بالإضافة إلى أن الأهالي هُنا هم المثال الوحيد الذي يمكنه أن يتعلم منه التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، عصر المنصات التي لا يمكن -لأيٍّ منا- أن يُنكر وجودها الراسخ في حياتنا، ومع كل تطور نجد أننا نحتاج إلى ضوابط أكثر وأخلاقيات أكثر تضمن الأمان في استخدام هذه الوسائل دون خوف أو أذى. فإدراك حدود الآخر بوعي هو درس غير مباشر سيتعلّمه الطفل.

 

 

 

 

المصدر: موقع "الجزيرة نت"

مواضيع مرتبطة

دعوى جماعية ضد آبل بتهمة "الإعلان المضلل"

تواجه شركة آبل دعوى قضائية جماعية جديدة تتهمها بالإعلان عن جهاز شائع لديها بشكل مضلل

مصر.. الكشف عن 14 مليون حساب وهمي على "فيسبوك"

بث الشائعات والابتزاز الإلكتروني والسب والقذف والاعتداء على قيم المجتمع من خلال هذه الحسابات الوهمية

المفوضية الأوروبية تغرّم ميتا 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

الغرامة التي أعلن عنها هي سابع أكبر غرامة يفرضها الاتحاد الأوروبي على الإطلاق