لم يكن طفلي قد بلغ من العمر الـ 4 سنوات بعد حين فاجأني بمعرفته كيفية تجاوز الإعلانات المزعجة عبر موقع يوتيوب، وليس ذلك فحسب بل كان يعلم أيضاً أشياء لا أعرفها! وعندما تطرّقت إلى هذا الموضوع مع صديقاتي من الأمهات، علمت أنّ هذه الحال لا تنطبق على طفلي فقط إنّما على جميع الأطفال من جيله أيضاً؛ فما الذي يجعل الأطفال الصغار جيدين جداً في استخدام التكنولوجيا؟
تظهر الإحصائيات كيف أنّ الأطفال حتّى الأصغر من بينهم هم أكثر ذكاءً من ناحية استخدام التكنولوجيا. قد لا يكون طفلك الصغير قادرًا على التحدث أو المشي بعد، ولكن وفقًا لإحدى الدراسات، فمن المحتمل أنه يستطيع استخدام الهاتف الذكي. يتم تربية أطفال اليوم وهم معرضون تمامًا للتكنولوجيا، الأمر الذي أدى إلى ظهور مصطلح "المواطنون الرقميون". بوجود الهواتف بين أيدينا ، فليس من المستغرب على الأطفال الرضع والصغار قبول الشاشات بسهولة؛ فهي في كلّ مكان!
من المعروف أن التكيف مع التكنولوجيا الجديدة أمر صعب بالنسبة لكبار السن، ولكن يبدو أنه سهلٌ تقريبًا على الشباب. إن الوجود الشامل للتكنولوجيا ليس هو الشيء الوحيد الذي يبدو أنه يضع الأطفال في المقدمة؛ فلذلك علاقة بالطريقة التي يتعلمون بها ويستوعبون المعلومات. يدعم النمو المبكر للدماغ "الفترات الحرجة" لدى الأطفال دون سن السابعة. خلال هذه الأوقات، تكون كيمياء الدماغ مثالية لتعلم مهارات جديدة وأخذ معلومات جديدة. تقدم التكنولوجيا مجموعة مهارات أحدث نسبيًا للأطفال الصغار، ولكن كان هناك الكثير من الأدلة على أن الأطفال يمكنهم فعل أشياء مثل تعلم اللغات واكتساب القدرات الموسيقية بشكل أسرع من البالغين. ويبدو أنّ الأمر نفسه ينطبق على التكنولوجيا.
يتمتع الأطفال الصغار بقوة ذهنية هائلة. أظهرت الأبحاث القدرات المذهلة لدماغ الرضيع. يتضمن أحد الأمثلة إشارات بصرية حيث ابتكر الباحثون طريقة لفهم كيفية استيعاب الأطفال للمفاهيم خصوصاً وأنّهم لا يستطيعون التواصل لفظياً. يستخدم النهج، التوقع المرئي، حيث يراقب الباحث اتجاه نظر الأطفال لتحديد ما إذا كانوا يفهمون الأنماط بعض الأحداث المرئية أم لا. فيومض الباحث صورة مرتين على الجانب الأيسر من الشاشة متبوعًا بثلاث مرات على الجانب الأيمن. يتكرر هذا النمط عدة مرات. ويراقب من بعدها نظر الرضيع بينما يستمر في عرض الصور الوامضة. بعد ومضتين على اليسار، لوحظ أن بعض الأطفال يغيرون نظرهم إلى اليمين، كما لو كانوا يتوقعون الصورة الوامضة التالية.
قد تكون طبيعة الأجهزة الحديثة مسؤولة أيضاُ عن الطريقة الغريزية التي يتفاعل بها الأطفال معها. فشاشات اللمس، على سبيل المثال، يمكن التلاعب بها بأصابع صغيرة وبسهولة نسبية. من الطبيعي أن يكتشف الأطفال الأشياء من خلال اللمس. وبهذه الطريقة، يمكن أن يكون الجهاز اللوحي أو الهاتف الذكي أداة مفيدة وطبيعية في بحثهم عن الاكتشاف.
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال