لا تمنع أطفالك من الشجار دائماً.. هكذا ينمّي شخصياتهم ويطوّرها بشكل لا تتخيله

لا تمنع أطفالك من الشجار دائماً.. هكذا ينمّي شخصياتهم ويطوّرها بشكل لا تتخيله

عندما نتكلم عن الشجار بين الأبناء يتوقع الجميع سرد سلسلة لا تنتهي من الشكاوى، وتعديد المشاحنات التي يقوم بها الأبناء وكيف أنهم عجزوا عن الحل، وأن الأمر صار متروكاً لرب السماء. وفى الغالب حينما يود الأبوان تناول هذه المشكلة وعلاجها بين الأبناء، يكون التركيز على الأسباب المؤدية للمشكلة، ومن المشاغب الذي افتعل الشجار وكيف نعاقبه أو نعاقب جميع الأطفال الذين يسببون الإزعاج للأبوين ويجعلونهما يفقدان السيطرة على أعصابهما ويثيرون جنونهما. ولكن اليوم سنلفت انتباه الجميع إلى فوائد الشجار العظيمة، وأثرها في تربية الأبناء، قبل أن نستطرد في الأسباب المؤدية للشجار بين الأبناء، وكيف نتعامل معه بطريقة تربوية حكيمة.

للشجار بين الأبناء فوائد عظيمة أهمها:

أنه يعد ظاهرة طبيعية وصحية؛ نتيجة لتقارب الأعمار والاهتمام بين الأبناء بشكل كبير في الأسرة الواحدة، إضافة إلى ارتفاع حدة التنافس بين الأبناء من منهم الأهم والأقوى والأكثر حضوراً، كما أنه يسهم في نمو الشخصية وتطورها، وذلك من خلال تعزيز قدرة التفاوض لدى الطفل، وقبوله لمبدأ الربح والخسارة، وأيضا تمكينه من الدفاع عن حقوقه بدون أن يتسبب في إلغاء حقوق الآخر وإيذائه.

ويعد تقدير الأهل لاندفاع أبنائهم أثناء اللعب وتفاعلهم مع بعضهم بعضاً له دور كبير في توجيههم إيجابياً من خلال إعطائهم الحرية الكافية؛ ليطوروا مهاراتهم ويبدوا آراءهم بصراحة، وبعيداً عن الخوف والتدخل المقيد لمشاعرهم، فهو فرصة للكشف عن شخصية الطفل وطريقته في الدفاع عن نفسه في حال أحس بالظلم من قبل إخوته، لذا فإن التدخل السريع للآباء للحد من الخلافات يقيد مهارات الأبناء، ويقتل روح المنافسة فيهم، ويمنعهم من التعبير عن مشاعرهم بحرية وضمن حدود الأدب.

إن شجار الأطفال إحدى الوسائل لإثبات الذات والسيطرة، وكلتاهما من الصفات اللازمة لنجاح الإنسان في الحياة، بل الشجار فرصة يتعلم فيها الطفل كثيراً من الخبرات، منها وجوب احترام حقوق الآخرين، والعدل والحق والواجب، ومعنى الصدق والكذب، وأهمية الأخذ والعطاء بأسلوب يحقق له المحافظة على حقوقه وحقوق الآخرين، ولكن حتى يبقى الشجار إيجابياً وشكلاً من أشكال المنافسة، فلا بد أن تكون بيئة الطفل آمنة، تخلو تماماً من الأدوات الحادة، وهذا بجانب الدور الرقابي للأهل.

 

الضرر الناتج عن منع الطفل من التشاجر أكبر من الشجار نفسه.. كيف ؟!

يعتقد معظم الأهل أن الحل دائماً يكمن في المنع، ولكن على العكس تماماً فقد يكون للمنع آثار ونتائج عكسية أكبر بكثير من ترك الطفل يتشاجر، ومن هذه الأضرار هو قمع الطفل وإلغاء شخصيته، بالإضافة إلى أنها تمنعه من الدفاع عن نفسه حتى لو بالنقاش، وتفقده القدرة على التفاعل مع الغرباء بثقة، فالخلافات والمناوشات والرغبة الكبيرة في فرض السيطرة  تزعج الآباء من أبنائهم وتضايقهم وتدفعهم للتدخل وقمع انفعالات الأطفال الطبيعية الناتجة عن الحماس وإثبات الذات، وهي في الحقيقة حالة إيجابية يجهل أهميتها الكثيرون، ويعتبرونها مصدر قلق يزيد من ضغوطاتهم اليومية، لذا فإن التدخل السريع للآباء للحد من الخلافات يقيد مهارات الأبناء، ويقتل روح المنافسة فيهم، ويمنعهم من التعبير عن مشاعرهم بحرية وضمن حدود الأدب، حيث إن تدخل الأهل في كل كبيرة وصغيرة يجعل الابن اتكالياً مهزوزاً لا يقوى على حل مشاكله، الأمر الذي يتسبب في خوفه من المواجهة والدفاع عن نفسه. 


إذن.. لماذا يتشاجر الأبناء؟


يخيل للكثيرين أن شجار الأبناء يكون لأسباب تافهة وصبيانية للغاية، وأنها طبيعة المرحلة وتنقضي بانقضائها، ولكن الشجار بين الأبناء قد يكون له أسباب صحية تعود إلى خلل في إفرازات الغدة الدرقية، أو الشعور بالإجهاد، أو الإمساك المزمن نتيجة سوء التغذية وسوء حالة الطفل الصحية. وقد يكون سبب الشجار يعود لطبيعة المرحلة العمرية بالفعل، فالأبناء أقل من 12 عاماً يتعاركون لجذب انتباه الأبوين، حتى لو كان جذب الانتباه يتم بشكل سلبي من خلال العراك، وأما الأبناء فوق الـ12 عاماً فله عدة أسباب، أبرزها عدم احترام حدود الآخرين، سواء بالتعدي على خصوصياتهم أو بأخذ أشيائهم دون استئذان. 


لا تمنعه ولكن علمه كيف يتشاجر!

التشاجر أمر فطري طبيعي غريزي لدى البشر، وهو صحي للغاية، فلا داعي أن تنكره أو تصف طفلك بأوصاف غير لائقة كونه يفعل أمراً فطرياً، ولكن الأفضل أن تعلمه كيف يتشاجر بطريقة صحية مع من حوله، فالشجار سيبقى أمراً لا مفر منه طوال الحياة، والمهم هو كيف نقوم به، وذلك من خلال أن تعلم طفلك كيف يتحكم بنفسه ويضبط أعصابه وقت الغضب، فلا يصرخ أو يشتم أو يعتدي على الآخرين لمجرد أنهم يختلفون معه في الرأي، ولكن دربه على طرق واستراتيجيات ينفذها وقت الغضب ليهدأ ويستخدم عقله بدلاً من عضلاته لحل تلك المشكلة بنفسه أو بالتعاون مع الآخرين دون إيذاء أحدهما للآخر. 


متى نتدخل لفض التشاجر بين الأبناء؟


يحدث أن ترى طفلاً ينادي أمه كلما خدشته ورقة أو نظر له أحدهما، فتأتي الأم بسرعة أكبر من سيارة الإسعاف والنجدة لتلبي نداء طفلها وتعاقب من رمقه بنظرة أو كلمة بشدة، أو تذهب مع صغيرها لتشكو الآخر لأمه، وهكذا الحال كل يوم، فتخيل كيف ستكون شخصية ذلك الطفل مستقبلاً؟!

والأصل أن لا يتدخل الوالدان، ولكن في حالة لو تحول الشجار إلى اعتداء جسدي أو ضرب يدوي أو شتم وصراخ بصوت عال، ففي هذه الحالات لا بد من التدخل لإيقاف الشجار، أما لو كان الشجار ليس فيه هذه الممنوعات فنتركهم يتشاجرون ويتصارعون ونراقبهم من بعيد، حتى نعودهم على مواجهة مشاكلهم لوحدهم، وفي حالة التدخل من الوالدين فينبغي أن يحافظوا على هدوئهم قدر الإمكان، فضبط النفس أحياناً يكون صعباً، ولكن هذا هو الصواب حتى نكون ناجحين تربوياً.


ختاماً.. إذا كان ولا بد من العقاب، فليكن عقاباً نافعاً، كأن تطلب من ابنك قراءة كتاب أو قصة، ويحكي ما تعلمه منها للجميع، وأيضاً إن أفسد لعبة أخيه، فليكن عقابه أن يحول مصروفه إلى أخيه، حتى يتم تجميع مبلغ اللعبة، ويأتي له بواحدة بدلاً من التي كسرت، وهكذا تعلم طفلك أن العقاب يأتي بالحلول، ولا يحطم نفسية المخطئ، ويُشعره بالحقد أو الاضطهاد.

 

 

 

المصدر: موقع "عربي بوست"

 

مواضيع مرتبطة

مراهقات في كوسوفو يشوّهن أنفسهن للمشاركة بتحدٍ على "تيك توك"

أفادت والدة إحدى الضحايا بأن أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم تسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع فيديو على "تيك توك"

كيف يتكيف النساء والآطفال مع ظروف النزوح وتحدياته في لبنان؟

وسط الحال الأمنية والنفسية الصعبة للبنانيين، يبرز التأثير الأكبر على النساء والأطفال، خصوصًا مع توقف العام الدراسي للكثيرين منهم

تجارب الأمهات في تعزيز قدرة الأطفال على الصبر والتحمّل

يتعلّم الأطفال من القدوة، لذلك الصبر معهم هو إحدى الطرائق لتعليمهم هذه الصفة.

كلمات مفتاحية

ارشادات_أُسرية