في الوقت الذي تضج فيه مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بحسابات تبني محتواها بالكامل على تصوير الأطفال، إما بشكل كوميدي لطيف أو لأغراض تعليمية، كشف المتخصصون أن الإفراط في تصوير طفلك يهدد صحته النفسية وقدرته على النضج والنمو بشكل صحي سليم. لذلك نحذّر الآباء الذين يلتقطون صوراً كثيرة جداً لأطفالهم من أن ذلك قد يكون ضاراً بنموهم، لأنه قد يجعلهم يشعرون "بأهمية مفرطة"، أو يسبب لهم تشوهات إدراكية عن العالم وأنفسهم على حدٍّ سواء.
تقول جوديث مايرز وولز، الأستاذة في التنمية البشرية والدراسات الأسرية في جامعة بوردو، لموقع Today: "هل تلتقط صوراً لطفلك باستمرار وليس صوراً عائلية مع الجميع؟ قد يعتقدون مع تكرار هذا النمط أنهم مركز الكون، ويتعاملون وفقاً لهذا المعتقد خلال حياتهم حتى بعد النضج بشكل لا واعٍ.
وبحسب الخبيرة، لا يجب على الناس التوقف عن التقاط صور لأطفالهم وتوثيق اللحظات الهامة والحميمة معهم، ما دام يتم ذلك بعناية ودون إفراط. موضحة أنه حتى بإمكان الآباء أن يشجعوا أطفالهم على استخدام الكاميرات لتسجيل الصور والمشاهد الفنية والأحداث المهمة التي يعتقدون أنها توضح قيم العائلة أو الأعياد والمناسبات السعيدة، بدلاً من التركيز على التقاط صور لأنفسهم فقط.
بدوره يقول آلان مورين، أستاذ علم النفس المشارك في جامعة ماونت رويال في الكندية، لموقع Today، إن الأبحاث في مجال علم النفس وجدت أن التقاط الكثير من الصور يخلق مشاكل أخرى نفسية للطفل. ويحدث ذلك بسبب ما يُسمى بـ"محفزات التركيز الذاتي"، التي تحدث بسبب أمور مثل المرآة أو الصورة أو الكاميرا، التي يمكن أن تجعل الأطفال يشعرون بمزيد من الوعي الذاتي بشأن مظهرهم، ويبدأون في الهوس بطريقة تصرفهم، وكيف يبدون طوال الوقت بصورة غير صحية.
وضرر هذا الأمر يكمن في أنه عندما يركز الناس على أنفسهم بشكل مفرط فإنهم ينتقدون أنفسهم بصورة كبيرة ومتكررة، ويشعرون بالسوء كثيراً حيال تصرفاتهم وملامحهم وخلافه. وبالتالي يكون الأطفال بنفسيتهم الهشة أكثر عرضة للمعاناة من تبعات هذه المشكلة.
ومن زاوية نفسية أخرى يؤدي التصوير المفرط للأحداث واللحظات إلى تبديد معناها وقيمتها، وحتى تأثيرها العاطفي عليك!
درست البروفيسور ماريان جاري من جامعة وايكاتو بنيوزيلندا تأثير التصوير الفوتوغرافي على الذكريات وقدرتنا على الاحتفاظ بها، وهي منشورة عام 2013 بمجلة SagePub العلمية للأبحاث. ووجدت ماريان أنه من خلال توثيق حياتنا باستمرار فإننا "نتخلى عن الوجود في اللحظة"، وبالتالي نولي اهتماماً أقل لما يحدث.
وبالمثل، أجرت أستاذة علم النفس ليندا هنكل دراسة أظهرت ما سمّته بـ"تأثير إعاقة التقاط الصور". وفي تجربتها وفقاً لموقع HuffingtonPost، نظرت مجموعة من المشاركين إلى القطع الأثرية في متحف، والتقطت المجموعة الأخرى صوراً لها. وفي النتائج وجد الباحثون أن المجموعة الأخيرة تذكرت تفاصيل أقل من الأولى. وهو ما يشرح أنه عندما نلتقط صورة فإننا نعتمد بشكل لا شعوري على الكاميرا لأخذ التفاصيل لنا والاحتفاظ بها بالنيابة عنا، وهو في الواقع ما يعيق بشكل مباشر قدرتنا على تذكر تلك الأشياء بمفردنا والانغماس فيها.
لذلك نتيجة لهذا التأثير، فأنت بشكل مباشر تؤثر على قيمة الذكريات التي تصنعها مع طفلك، وتهدد جودة العلاقة نظراً "لغيابك" النسبي عن الحضور فيها بشكل عميق. لذا عند قيام الآباء بإغراق هواتفهم المزودة بكاميرات متطورة بمئات الصور للطفل وهو يضحك ويبكي ويتحدث ويلعب وغيرها، يتأثر الآباء والطفل على حدٍّ سواء في طريقة تركيبهم لذكريات تلك اللحظات.
هذه المشكلة لا تؤثر فقط على الوالدين، بل تحرم الطفل من دور والديه الطبيعي في حياته بصورة متكررة كلما تكررت مواقف التقاط الصور لهم. لأنه إذا كان الآباء يتخلون عن بعض من دورهم كصانع وأمين لذاكرة الطفل، فإنهم يتخلون عن بعض من دورهم كأحد الأشخاص الرئيسيين الذين يساعدون الأطفال على تعلم كيفية التحدث عن تجاربهم وتوثيقها في ذاكرتهم.
من الخطأ اعتبار الصور الفوتوغرافية ذكريات في حد ذاتها، بحسب تصريحات باحثة علم النفس ليندا هينكل لموقع NPR الأمريكي. صحيح أن الصورة ستبقى كما هي في كل مرة تنظر إليها، لكن الذكريات تتغير بمرور الوقت، وبالتالي فإن الاعتماد على الصور لتذكر مناسباتك الهامة ينقص قيمتها وجودتها، وحتى قدرتك على تشكيلها واستعادتها لاحقاً.
على سبيل المثال، في كل مرة تتذكر فيها كيف كان تخرجك في الجامعة قد تلون تلك الذكرى وتغيرها وفقاً لمنظورك الحالي، بسبب الأفكار الجديدة التي تمتلكها أو الأشياء التي تتعلمها. إذ إن الذاكرة البشرية أكثر ديناميكية مما تستطيع الصور الفوتوغرافية القيام به. بالفعل يُعد التقاط الصور أداةً قيّمة يمكنها توفير "أدلة استرجاع مهمة" في وقت لاحق، ولكن ينبغي لنا أن نكون أكثر وعياً عند التقاط الصور في المقام الأول، خاصة بالنسبة لتصوير طفل لا يزال بعد في مرحلة النضج والنمو واستيعاب الحياة من حوله.
اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،
يتعرّض الأطفال في أثناء الحروب للصدمة، وقد لا يكونون متحفّزين للتعلّم، لذلك تدمج المدارس والبرامج التعليمية خدمات الدعم النفسي والاجتماعي
تأثير الأب على الطفل يفوق تأثير الأم بل يصل إلى حد تغيير سلوكهم بشكل ملحوظ
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال