التأثير الإدراكي والعقلي للتكنولوجيا على الأطفال

التأثير الإدراكي والعقلي للتكنولوجيا على الأطفال

لقد ازداد استخدام الأطفال للأجهزة الذكية بشكل هائل في العشر سنوات الأخيرة. هذا ما دعا الى ازدياد التساؤلات حول أثرها الايجابي والسلبي على الأطفال الذين يقضون وقتهم بنشاطات في عالم التكنولوجيا، و في أي مرحلة يجب أن يقوم الأهل بالتدخل.

يقضي هؤلاء الأطفال وقتهم في ممارسة نشاطات متنوعة باستخدم وسائل التكنولوجيا مثل لعب الألعاب ومشاهدة مقاطع الفيديو والبرامج والاستماع إلى الموسيقى والدردشة مع الأصدقاء وتصفح مواقع الانترنت. لم يعد السؤال المهم ما إذا كان الأطفال يستخدمون الأجهزة الذكية، بل أصبح السؤال هو كيف ولماذا يستخدمونها وما مدى تأثيرها عليهم.

ورغم ما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا من فوائد للأطفال  فهنالك الكثير من المخاوف حول مخاطرها على الطفل اجتماعياً وإدراكياً وجسدياً.

 

الآثار السلبية: الأثر الإدراكي أو العقلي

إن السبيل الأمثل لتعلّم الأطفال الصغار هو من خلال التفاعل مع الناس وليس مع الشاشات. إن التركيز المفرط على الشاشة وقلة التواصل البصري مع الناس قد يضر بنمو الدماغ لدى الطفل لا سيما في سنواته الأولى التي تحدث بها أسرع فترة نمو للدماغ. هذا الضرر يؤدي إلى مشاكل في تطور الطفل فكرياً وفي القدرة على التعاطف والتأمل الذاتي والتواصلية في العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى القدرة على الانتباه والتركيز. إن التعلم في العالم الطبيعي ذو الأبعاد الثلاثة يؤدي إلى تطور الإدراك بشكل أفضل عند الرضّع والأطفال حيث أن التعلم باللمس يثري العملية التعليمية بشكل أكبر من التعلم من خلال المشاهدة على الشاشة.

أظهرت الدراسات أن الطلاب ذو التحصيل المرتفع يستطيعون التركيز على الدراسة رغم وجود الهواتف الذكية، بينما أظهرت أن الطلاب ذوو التحصيل المنخفض لديهم قابلية أكبر للتشتت مما ينعكس على تحصيلهم الدراسي.
ترتبط مواقع التواصل الإجتماعي بعدة مشاكل مثل كيفية تصور الجسم المثالي واضطرابات الأكل، وكذلك الأرق و ازدياد معدلات القلق والإكتئاب لدى الأطفال واليافعين الذين يرتبطون بمواقع التواصل الإجتماعي بشكل عاطفي.

إن مواقع التواصل الإجتماعي واسعة الإنتشار بطبيعتها و تكاد تدخل في جميع مناحي حياتنا، مما يسهل من حدوث المضايقات والتنمر على هذه المواقع لتتجاوز أسوار المدرسة وتصل إلى مضايقة الأطفال في منازلهم. لقد قدم العالم الرقمي مخاطر شديدة ومصدر آخر للضغوطات في حياة هؤلاء اليافعين. إن إمكانية التنمر الإلكتروني دون الإفصاح عن الهوية تزيد من الأثر المدمر المحتمل بفعل مواقع التواصل الإجتماعي. وبالإضافة إلى أشكال التنمر التقليدية، قد يؤدي التنمر الإلكتروني إلى آثار سلبية أكثر، تشمل ظهور أعراض إكتئابية و استخدام المخدرات، والأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار.

وجدت الأبحاث أن استخدام الفيسبوك مثل تصفح الأخبار ومشاهدة صفحات الأصدقاء وصورهم المنشورة دون التفاعل معها يؤدي الى الشعور بالتعاسة و الغيرة من الآخرين. نحن نلاحظ في أغلب الأحيان أن حسابات التواصل الإجتماعي تُظهِر الصورة الإيجابية والمشرقة عن حياة أي شخص، و هذا قد يؤثر على نظرة الآخرين لحياتهم الخاصة، و يؤدي إلى شعورهم بالغيرة وعدم الرضا.

إن الأبحاث والدراسات المتوفرة حالياً توضح أن برغم وجود آثار سلبية من الإستخدام المفرط للأجهزة الذكية على الأطفال، فإن عدم استخدامها يؤثر سلباً أيضاً. وبالتالي، فإن الإستخدام المعتدل يمكن أن يؤدي لآثار إيجابية. وعلى الرغم من هذه الدراسات، فليس هناك فكرة واضحة أو اتفاق جماعي فيما يتعلق بكمية الوقت الذي يحدد الإستخدام المعتدل والمفرط، فهذه الأمور نسبية وتختلف بين الأفراد. لنا أن نتسائل، أين الفرق بين الكثير والمفرط؟


نتمنى أن تجد الفائدة في هذه المقالة. من المهم أن تعلم أنك لست وحدك في هذه المعركة مع الأجهزة الذكية.