قبل ظهور وباء كورونا وما صاحبه من إغلاق المدارس واضطرارنا كما باقي الأسر إلى تلقي الدروس من خلال الإنترنت، كنت لا أقتنع مطلقاً بضرورة حصول أولادي على هواتف ذكية خاصة، وقتها كانوا (7-10) سنوات، كل منهم كان لديه هاتف أو ساعة يتلقى من خلالها اتصالي فقط، لم أسمح لهم بتسجيل أرقام أصدقائهم ومن يريد التواصل معهم أو العكس يمكنه الاتصال بهم على هاتفي الخاص.
وقت التلفاز كان وقتاً محدداً ونشاهد برامج أحاول التحقق من محتواها قبل أن يشاهدوها، فعقولهم وقلوبهم أمانة الله لديّ، فكيف لي ألا أحفظها وأحميها! في نفس الوقت كانوا يتعلمون كيف يستخدمون الإنترنت ومبادئ البرمجة في المدرسة، وبالتالي هم غير معزولين عن التعامل التقني، ولكني ببساطة أنتقي ما يصل إليهم ما استطعت!
بعدما بدأت الدروس من خلال الإنترنت، كان لازماً أن يكون لكل من أطفالي جهاز خاص سواء حاسوبي الشخصي أو الهاتف أو التابلت. ثم بدأت المشاكل تظهر تباعاً؛ شيئاً فشيئاً بدأت أشعر أن قدرتي على التحكم فيما يشاهدونه تقلّ، فكرت كثيراً وبحثت كثيراً عن تجارب آخرين وأبحاث وإرشادات خاصة باستخدام الأطفال للإنترنت، تغيرت قناعاتي أيضاً. فبينما كنت أحاول أن أوصد الباب تجاه ما أخاف منه، قررت إعدادهم لمواجهة كل ما أخاف عليهم منه!
وذلك أيضاً بالتدريج، فأنا لن أستطيع منع الأفكار والقناعات لكني أستطيع توعيتهم وتعليمهم كيف يفرقون بين الغث والسمين، الصالح والطالح، أن يتعلموا التفكير النقدي وألا يأخذوا أي معلومة من أيٍّ كان كشيء مسلم به، ولكن في الوقت ذاته كنت أحاول أن أشرح لهم معنى التنمر الإلكتروني، وكيف يحمون معلوماتهم وهوياتهم. فبعد عامين من تلك التجربة، كل أولادي صار لديهم هواتف خاصة بهم، لا يملك أي منهم حساباً على أيٍّ من مواقع التواصل الاجتماعي طوعاً، يحملون هواتفهم وهم يعرفون جيداً فوائدها ومخاطرها.
1- التعليم
يمكن للإنترنت تنمية مهارات وحواس الأطفال والمراهقين، فبحسب مجلة نقابة الأخصائيين النفسيين، فإن هناك ألعاباً تحفز خيال الأطفال، بعض الألعاب تكسبهم خبرات وتجعلهم يتخيلون قيامهم بأدوار مختلفة في اللعبة فتنمي خيالهم، وبعض الألعاب التفاعلية التي تهتم بالمعرفة يكون تركيز الأطفال فيها أعلى بكثير من مجرد تلقي المعلومة من الكتاب. أما الأطفال الأكبر سناً فالإنترنت هو مصدر طبيعي للمعلومات لهم، كما هو الحال مع جميع الوسائط.
2- التواصل الاجتماعي
الإنترنت سهَّل علينا التواصل مع الآخرين، في أي وقت، يمكنكم تبادل الخبرات والضحكات والهموم والمشاكل واليوميات، كل هذا ونحن في بيوتنا، نتحدث مع أناس لم نرَهم قط، ولا نعرف خلفياتهم الاجتماعية ولا الثقافية، لا نهتم من أي بلد هم ولا لأي مدرسة ذهبوا، وإذا كان هكذا الحال معنا نحن الكبار فالأمر مماثل للأطفال، فإحدى الإحصائيات ذكرت أن سبعة من كل عشرة أطفال تحدثوا إلى غرباء في لحظات صعبة، سواء عن مشاكلهم مع والديهم أو أصدقائهم، وأنهم استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لحكي تفاصيل شخصية جداً.
3- الصحة النفسية
من المؤكد أننا جميعاً قرأنا أن قضاء الأطفال والمراهقين وقتاً طويلاً في ألعاب الفيديو والشات ومتابعة الجديد على فيسبوك وآخر ما فعله أصدقاؤهم على إنستغرام، يعرِّض صحتهم العقلية للخطر، وإن الاستخدام المفرط للإنترنت يزيد مع وجود مشاكل أسرية.
4- السِّمنة
الأطفال الذين يجلسون أمام أجهزة إلكترونية لفترات طويلة معرضون للإصابة بالسمنة أكثر من غيرهم، وذلك لاجتماع سببين: قلة ممارسة الرياضة وأيضاً استهلاك المزيد من السكريات والمشروبات والحلوى.
5- النوم
كلما استخدم الأطفال والمراهقون الإنترنت لفترات طويلة، قلَّتْ فترات نومهم وزادت اضطرابات النوم لديهم. ببساطة لأن أدمغتهم تكون مشغولة جداً بالتفاصيل التي عاشوها أثناء اللعب والتصفح خلال يومهم.
والآن بعدما عرفنا بعض الآثار السلبية والإيجابية لاستخدام الإنترنت للأطفال، هل المنع هو الحل لتجنب تلك الآثار؟
بشكل شخصي تعلمت ألا أمنع أي شيء عن أولادي دون تفسير، وأفضل أن نواجه معاً التحديات والتجارب السلبية على أن يواجهوها وحدهم، لذلك لا أقوم بمنعهم من استخدام الإنترنت، ولكن وضعنا قواعد معاً، منها ما يتعلق بالوقت ومنها ما يتعلق بالمحتوى.
بالنسبة للمحتوى فلدينا أيضاً قواعد:
١- لا يمكن تحميل ألعاب بها عنف، حتى لو استخدم تلك اللعبة كل أطفال العالم وليس فقط الأصدقاء.
٢- لا يمكننا متابعة أي شخص مشهور لمجرد أنه مشهور.
٣- اتفقنا على أن مواقع التواصل الاجتماعي سلبياتها أكثر من إيجابياتها.
من أجل ذلك استخدمنا تطبيق family link وهو تطبيق يساعد الوالدين على تحديد وقت كل التطبيقات الموجودة على الهاتف وأيضاً تتبع موقعه الجغرافي، أيضاً التطبيق يمنع الطفل من تحميل أي تطبيق دون موافقة الوالدين وهذا يساعدنا في تحديد المحتوى.
وكذلك من الأشياء المهمة التي تعلمها أولادي قبل استخدام الهاتف الذكي وتطبيق الواتس آب:
1- ألا يضعوا صورتهم الشخصية، بل يستخدموا أو صورة أخرى أو أفاتار.
٢- عدم تبادل أي معلومات مثل: عنوان المنزل أو اسم المدرسة على أي تطبيق.
٣- لا يجيبون أي أحد أياً كان عن مواعيد الوالدين الشخصية ومتى وأين يعملون.
٤- عدم فتح أي روابط إلكترونية مجهولة تصلهم على الإيميل الشخصي.
٥- لا يمكنهم إعطاء رقم هاتفهم لأي شخص دون موافقتي.
٦- يمنع فتح الكاميرا أو تبادل الصور الشخصية مع أيٍّ كان دون موافقتي مسبقاً.
٧- أثناء الدروس يمنع التجول بالهاتف في البيت.
وأخيراً قاعدة عامة لتحديد التعامل بالإنترنت حسب العمر نشرتها مجلة الأخصائيين النفسيين في ألمانيا وسمتها قاعدة 3-6-9-12.
أقل من ثلاث سنوات: لا يسمح باستخدام الشاشات.
أقل من ست سنوات: لا يسمح باستخدام الألعاب الإلكترونية.
أقل من تسع سنوات: لا يسمح باستخدام الهاتف الذكي.
أقل من 12 عاماً: لا يسمح باستخدام الإنترنت والهاتف الذكي دون رقابة.
اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،
يتعرّض الأطفال في أثناء الحروب للصدمة، وقد لا يكونون متحفّزين للتعلّم، لذلك تدمج المدارس والبرامج التعليمية خدمات الدعم النفسي والاجتماعي
تأثير الأب على الطفل يفوق تأثير الأم بل يصل إلى حد تغيير سلوكهم بشكل ملحوظ
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال