أهمية البحث والاطلاع عن المشاكل الواقعة أو المتوقع حصولها لأطفالنا جراء الاستخدام الخاطئ أوالمفرط للشاشات الرقمية يأتي من منظور أخلاقي كون الأبوين هم المسؤولين بالدرجة الاولى عن اختيار ما هو الأمثل لأطفالهم، ومن منظور علمي يعود ذلك إلى البحوث العلمية والدراسات التي لا تزال قليلة ونادرًا ما تتحدث عن المخاطر التي تلحقها التقنية بصحة أطفالنا الجسدية والنفسية.
لنتحدث بواقعية قليلا، اليوم الشاشات الرقمية تحل ضيفا ثقيلا على المنازل، لها ما لها من تبعات على الصحة والسلوك لكل أفراد الاسرة، الأرقام تتحدث عن 63% من الأطفال الذين يقضون مايزيد عن ساعتين يوميا أمام الشاشات الرقمية. اليوم ندقق في تأثيرها على صحة الطفل، ونموه، وسلوكه.
يبدأ الطفل في سنواته الأولى التعلم من بيئته المحيطة، وإذا دخلت الشاشات الرقمية في هذا السن المبكر إلى دائرته الصغيرة فيمكن أن تلحق أضرارًا شديدة به، حيث تعيق هذه الشاشات بمختلف أنواعها انتباه الطفل، وقدرته على التركيز، وشعوره بمواقف الآخرين والتواصل معهم، وبالتالي يُحرم الطفل الفرصة في تطوير قدراته.
يتطور دماغ الطفل بسرعة ويكون حساسًا بشكل خاص تجاه البيئة المحيطة، وتحديدًا بين فترة الولادة والسنة الثالثة، فالتغييرات التي تحدث في الدماغ خلال هذه السنوات الأولى تصبح القاعدة الأساسية التي تقوم عليها وظائف الدماغ اللاحقة.
أشارت نتائج دراسة، أن الأطفال الذين قضوا أكثر من ساعتين في اليوم في أنشطة على الشاشات الرقمية سجلوا درجات أقل في اختبارات اللغة والتفكير. أما الأطفال الذين استخدموا الشاشات أكثر من سبع ساعات، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت عن طريق تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي ترقق في قشرة الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن التفكير النقدي والمنطقي.
في دراسة أجريت في كندا على 2400 عائلة، أظهرت النتائج ارتباط استخدام الأطفال دون سن المدرسة للشاشات الرقمية لمدة ساعتين أو أكثر بشكل يومي بمشاكل السلوك بشكل ملحوظ.
وبالمقارنة مع الأطفال الذين يقضون أقل من 30 دقيقة في اليوم، فإن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين كانوا أكثر عرضة بخمس مرات لمشاكل السلوك .
حيث أبلغ الآباء عن نوبات الغضب، والصراخ والمواقف السيئة العامة والسلوك العدواني للأطفال، بالأخص عند محاولة حرمانهم من الشاشات الرقمية.
تم إجراء العديد من الدراسات حول آثار التعرض لشتى أشكال العنف الموجود في ألعاب الفيديو والأفلام والبرامج التلفزيونية والموسيقى، حيث أظهرت النتائج أن مشاهد العنف مرتبطة بشدة بالسلوك العدواني أو العنيف لدى الأطفال، كما أنها تقلل أيضًا من التعاطف لدى الأطفال.
غالبا ما يرتبط الإفراط في استخدام الشاشات الرقمية بشكل سلبي بأداء الأطفال في المدرسة، فقد أجرى الباحثون في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال دراسة تشير إلى وجود علاقة بين الوقت الذي يقضيه الأطفال في سن الدراسة في مشاهدة التلفزيون وتشغيل ألعاب الفيديو واستخدام أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية مع زيادة احتمال عدم إتمام واجباته المنزلية.
الأطفال الذين يقضون ساعتين إلى أربع ساعات كل يوم باستخدام الشاشات الرقمية خارج العمل المدرسي أكثر عرضة بنسبة 23٪ لعدم إنهاء واجباتهم المدرسية مقارنةً بالأطفال الذين يقضون أقل من ساعتين في استهلاك الوسائط الرقمية. تزداد هذه النسبة كلما ازداد عدد ساعات استخدام الأطفال للشاشات الرقمية، حيث وصلت النسبة إلى 63% من الأطفال الذين لم يستطيعوا إكمال واجباتهم عندما استخدموا الشاشات لست ساعات.
إهمال الطفل وتركه الساعات تلو الساعات على برامج التلفاز والهواتف الذكية والألواح الرقمية، يسلب الطفل قدرته على الإبداع وعلى التفاعل الخلاق داخل محيطه، وبذلك يكون التحدي الاكبر واقعاً على عاتق الأهالي للحد من هيمنة الشاشات الذكية بمختلف أنواعها على حياتنا وعلاقتنا بأطفالنا، بالسيطرة أولًا على هيمنة الشاشات على الأهالي قبل الأطفال، إذ يبدأ التحدي من منح الطفل الاهتمام وتوفير البدائل وخلق قوانين منزلية توفر للطفل الاهتمام الكافي لينعم بطفولة صحيحة.
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال