مع نهاية العام 2022 وبداية العام 2023 وتحديداً في 30 تشرين الثاني 2022 انشغل العالم بروبوت الدردشة ChatGPT من إنتاج شركة أبحاث الذكاء الصناعي OpenAI التي أسسها مالك "تويتر" الجديد أيلون ماسك في أواخر العام 2015. الأمر الذي فتح النقاش على مصراعيه حول الذكاء الصناعي وقدراته من جهة والمخاوف والمحاذير الأمنية والأخلاقية لهذه التقنيات وما يمكن أن تتركه من آثار على القوة العاملة لناحية إحلال تقنيات الذكاء الصناعي مكان العنصر البشري في العمل.
ينتمي هذا البرنامج لعائلة روبوتات الدردشة التفاعلية Chatbots التي تُعرف على أنها برامج دردشة آلية بين المسستخدمين من البشر من جهة والآلة التي تعتمد على الذكاء الصناعي للرد على رسائل العملاء ضمن حقل تخصصي محدد جرى تدريبها عليه من جهة أخرى.
إذًا ChatGPT هو روبوت دردشة على غرار مساعد غوغل الصوتي Google Assistant أو مساعد آبل الصوتي سيري في هواتف الأيفون وهو بذلك يجيب عن أسئلة وطلبات المستخدمين المرسلة بشكل نصي وذلك في مختلف المجالات والتخصصات كما أنه يجيد حل المسائل الرياضية المعقدة وشرح الحل خطوة بخطوة، كما يمكن استخدامه في طلب كتابة سيناريو لفيلم دعائي قصير حول فكرة محددة أو كتابة موضوع في مجال محدد، وهو حتى الآن يكتفي بإعطاء المعلومات بشكل نصي مكتوب دون القدرة على الإجابات الصوتية أو إنتاج الصور كما يفعل برنامج DALL-E الذي يقوم باستخدام الذكاء الصناعي في إنتاج الصور بناءً على مدخلات محددة من النصوص وهذا البرنامج أيضاً من إنتاج شركه OpenAI التي أنتجت برنامج ChatGPT.
كما أن ChatGPT لا يمكنه المساعدة في الموضوعات والأحداث العالمية المستجدة لأنه ليس لديه كمية كافية من البيانات حولها وذلك لأنه تم تدريبه على النصوص المنشورة حتى العام 2021 لذلك قد تجد في إجاباته عن هذه المواضيع الكثير من الخلل والتشويش كما أن برنامج ChatGPT قد يعتذر منك بإخبارك أن سقف معلوماته يقف عند العام 2021 ولم يتم تدريبه على معطيات جديدة.
ChatGPT هو نتاج لعملية استخدام الذكاء الصناعي في عمليات معالجة اللغة الطبيعية (أو اللغة البشرية) Natural Language Processing أو ما يعرف اختصاراً بـ NLP وهو عملية منح الحواسيب والآلات القدرة على فهم اللغة البشرية وتوليد اللغه كما يفعل البشر وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي الحديثة مثل التعلم الآلي أو Machine Learning والتعلم العميق Deep Learning والشبكات العصبية الدماغية Artificial Neural Network.
وكلمة Chat في ChatGPT تعني المحادثة واستعملت هنا للدلالة على نوع هذا البرنامج كونه من عائلة برامج الـ Chatbot وأحرف GPT هي اختصار لعبارة Generative Pretrained Transformer وهو نموذج لغوي صدر في العام 2020 يستخدم التعلم العميق (أحد فروع الذكاء الصناعي) لإنتاج نص شبيه بالنص اللغوي البشري بناءً على نص أولي يستخدم كمدخل لعملية الإنتاج اللغوي.
البرنامج يعمل بشكل مجاني حالياً ويشترط على المستخدمين إنشاء حساب لديه قبل استخدامه، وهو ما يمكن أن يتم بطريقة سهلة باستخدام بريد الجيميل من غوغل، وبسبب العدد المتزايد من المستخدمين فإنك في غالب الأوقات ستواجه برسالة تفيد بأن البرنامج يعمل بطاقته القصوى ولا يمكنه تلقي المزيد من الطلبات في الوقت الحالي على الرغم من تشغيل البرنامج على خوادم مايكروسوفت للذكاء الصناعي Microsoft Azure بكلفة 100.000$ يومياً ويعالج يومياً ما يقارب 10 ملايين طلب لذلك عمدت الشركة إلى عرض حسابات مدفوعه بقيمة 20$ شهرياً تتيح للمستخدمين استعمال البرنامج حتى في وقت الذروة والحصول على اجابات أسرع وتجربة الخصاص الجديدة في البرنامج قبل غيرهم من المستخدمين.
يعمل ChatGPT بتقنية التعلم التعزيزي مع الإشراف البشري او Reinforcement Learning from Human Feedback (RLHF) حيث تم تدريب البرنامج على كمية ضخمة من النصوص اللغوية المنشورة على الإنترنت من كتب ومقالات بالإضافة لموسوعة وكيبيديا بمعدل وصل الى حوالي 300 مليار كلمة قدر حجمها بـ 570 GB من البيانات النصية.
في المرحلة الأولى من التدريب يخضع البرنامج للإشراف البشري لإعادة توجيهه في حال حدوث خلل في الإجابات المقدمة ويقوم الفريق بتعليم البرنامج الإجابات الصحيحة عبر إعادة إدخال البيانات الصحيحة كمدخلات في عملية التدريب وهذه العملية تشبه عملية تعليم الطفل.
وما يميز تقنية التعلم التعزيزي أو Reinforcement Learning هي أنها عملية مستمرة لا تنقطع وبإمكان النظام أن يتحسن مع الوقت في فهم الأسئلة وتحسين الإجابات.
كونه تم تدريب البرنامج على النصوص المأخوذة من الإنترنت المفتوح وما يمكن أن تتضمنه هذه النصوص من بيانات منحازة أو مضللة وأخبار كاذبة فإن ذلك سينعكس على نتائج إجابات ChatGPT فترى التحيز أو الصور النمطية والآراء العامة في بعض المواضيع. ولذلك فإن البرنامج نفسه يخبرك بشكل دائم عن احتمال تقديمه إجابات مضللة، ولذلك ينبغي الحذر دوماً من استخدام المعلومات التي يوفرها البرنامج في اتخاذ القرارات الحاسمة على المستوى الصحي أو المالي دون التدقيق والتحقق.
ويقدم البرنامج إجاباته دون ذكر المصادر التي اعتمد عليها في تحصيل معارفه، وعلى الرغم من التحذيرات القائمة من الاعتماد على المعلومات المقدمة من قبل ChatGPT دون تدقيق، فقد بلغ البرنامج عتبة المليون مستخدم في غضون خمسة أيام من إطلاقه، بينما أخذ فيسبوك 10 أشهر للوصول الى عتبة المليون مستخدم، وتخطى البرنامج اليوم عتبة المئة مليون مستخدم.
وبسبب خطورة البيانات التي يمكن أن يقدمها ChatGPT من تعليم المستخدمين أساليب السرقة والاحتيال أو تصنيع المواد الخطرة والمحظورة فقد قامت الشركة بإنشاء برنامج لفلترة الطلبات وحجب الإجابات الحساسة والخطرة عن المستخدمين واخبار المستخدم بتجاوزه سياسة استخدام البرنامج وقد يقوم البرنامج أيضاً بإغلاق مساحة الدردشة المفتوحة مع المستخدم بشكل نهائي.
ومن أكثر المخاوف المنطقية من الذكاء الصناعي وتطبيقاته وأبرزها اليوم ChatGPT هو ما يمكن أن يتركه من أثر على الجيل الناشئ من خلال مساهمته في تشكيل المعرفة الناقصة وتعويد المستخدمين على الخمول الذهني واستسهال اللجوء الى هذه التقنيات بدل إعمال العقل والمنهج العلمي وتقنيات حل المشاكل في الوصول الى النتائج العلمية مع أدلتها وهذا ما دفع ببعض الجامعات والمدارس لحظر هذا البرنامج على شبكتها سواء للطلاب او الاساتذه.
المصدر: موقع العهد الإخباري - لبنان
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال