كيف أصبحنا جميعًا متبرعين بأدمغتنا للذكاء الإصطناعي؟

كيف أصبحنا جميعًا متبرعين بأدمغتنا للذكاء الإصطناعي؟

كلماتك أسهمت في تعليم روبوتات الدردشة للذكاء الاصطناعي في كلّ مكان، وأنت لا تعلم.

نشر موقع "أكسيوس" الأميركي مقالًا بعنوان "كيف أصبحنا جميعًا متبرعين بالدماغ للذكاء الإصطناعي؟"، تحدّث فيه عن أنّ طفرة الذكاء الاصطناعي مبنيّة على البيانات، والبيانات تأتي من الإنترنت، والإنترنت جاء منا.

إذ يُظهر تحليل جديد نشره الموقع، في 19 نيسان/أبريل الحالي، لمجموعة بيانات عامّة واحدة، تُستخدم على نطاق واسع لتدريب الذكاء الاصطناعي مدى اتساع صناعة الذكاء الاصطناعي، اليوم، في أخذ عيّنات من خزانة نشر الويب لمدة 30 عامًا لتعليم شبكاتهم العصبيّة.

لماذا يهمّنا ذلك؟

هل كتبت مدونة من قبل؟ أنشأت صفحة ويب؟ من المحتمل أن تكون كلماتك قد أسهمت في تعليم روبوتات الدردشة للذكاء الاصطناعي في كلّ مكان، وأنت لا تعلم. ففي حين أنّ إعادة الاستخدام اللفظي الهائلة هذه تثير شجارًا قانونيًا مهمًا حول ما إذا كان ينبغي التعامل معها على أنّها استخدام عادل أو سرقة، إلا أنّها تلهم أيضًا حسابًا شخصيًا للعديد من الملايين الذين أنشأت منشوراتهم عالم الإنترنت اليوم.

يقول الباحثون: "كنا نظن أنّنا نشارك قلوبنا وعقولنا، وبالطبع كنّا كذلك. لكن من دون أن ندرك، كنا ننشئ أيضًا قاعدة بيانات غير مكتملة ولكنّها غنيّة للتعبير البشري".
إذ يتيح لك مشروع  Washington Post إدخال أي اسم نطاق على الإنترنت لمعرفة ما إذا كان قد أسهم في قاعدة بيانات تدريب الذكاء الاصطناعي ومقدار ذلك. 

أدوات الذكاء الاصطناعي

نظرًا إلى أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي المرئيّة، مثل Dall-E و Midjourney و Stable Diffusion ، أصبحت شائعة قبل انطلاق برامج الدردشة اللفظية مثل ChatGPT، كان المبدعون في المجالات كلّها- مثل المصوّرين والرّسامين والفنانين- همّ أوّل من تصارع مع هذا الإدراك.

كما يُواجه الموسيقيون الصّراع نفسه، حيث يواجهون نسخًا متضاعفة من أعمالهم مستوحاة من الذكاء الاصطناعي. فقد وجد فريق البحث أنّ "مجموعة البيانات تحتوي على أكثر من نصف مليون مدوّنة شخصيّة، تمثل 3.8 % من إجمالي "الرموز" أو أجزاء اللّغة المنفصلة في البيانات. ولا تظهر المنشورات على منصّات التواصل الاجتماعي المملوكة، مثل الفيسبوك أو إنستغرام وتويتر، لأنّ هذه الشّركات حافظت على الوصول إلى بياناتها لأنفسهم.

فقاعة فكريّة

يُلقي تعطّش الذكاء الاصطناعي لبيانات التدريب الضوء على تاريخ الإنترنت الشهير الممتد على مدى 30 عامًا. ولا يمكن أن تحدث اختراقات الذكاء الاصطناعي، اليوم، من دون توافر المخزونات الرقميّة والمعلومات والأفكار والمشاعر التي دفع الإنترنت الناس إلى إنتاجها. لكنّنا أنتجنا هذه الأشياء كلّها لبعضنا البعض، وليس للذكاء الاصطناعي.

من هذا المنطلق؛ كان وجود هذه "المجموعات" الضخمة من البيانات نتيجة مهمّة للغاية، وغير مقصودة لظهور الويب نفسه. ففي العام 1995؛ عندما وقع الناس في حبّ الإنترنت ومن ثمّ المتصفّحات ومحرّكات البحث، واحتفل أيضًا الجيل الأخير بظهور المدوّنات ثمّ بمواقع التواصل الاجتماعي، كان الإنترنت يمثّل مادة سهلة لكي يتعلّمها الذكاء الاصطناعي ويتحكّم بها؛ بل إنّه يدرسها بشكلٍ يومي.

وبحلول أوائل العقد الأوّل، من القرن الحادي والعشرين، بدأت تحرّكات ثورة التعلّم الآلي في جعل بعض الخبراء البعيدين غير مرتاحين. لكنّ الأمر استغرق نظرة طويلة جدًا للشعور بأنّ الويب بأكمله قد يكون على وشك التحوّل إلى علف تدريب على الذكاء الاصطناعي.

اليوم، هذه النتيجة غير المقصودة هي في مقدّمة ومركز تجربتنا عبر الإنترنت - تذكرنا أنّ كلّ ما نقوم به الآن مع الذكاء الاصطناعي، ومن أجله، سيشكل بدوره المستقبل بطرائق لا يمكننا توقّعها.
الميادين نت نقلُا عن موقع "أكسيوس" الأميركي