إذا كُنت قد استخدمت منصّة "تيك توك"، فمن المرجح أنّك قد صادفت مقاطع مصوّرة لأشخاص يعرضون معاناتهم أمراضًا واضطرابات، لاسيما النفسيّة منها، ويعطون إرشادات للتعامل معها أو علامات تشخيص لبعض الأمراض. فهل يمكن الاتكاء على هذه "التشخصيات"؟
يتزايد، حاليًا، الاهتمام بمجال الصّحة النفسيّة وتشخيص اضطرابات النّمو والتطوّر، وتطرح تساؤلات حول إمكان استخدام منصّة "تيك توك" أداة لتشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) أو عسر القراءة وغيرها، لكن يشير علماء النّفس إلى أنّه لا ينبغي الاعتماد على هذه المنصّة لهذا الغرض.
يعتمد "تيك توك" على خوارزميّة لتخصيص المحتوى لكلّ مستخدم بناءً على تفضيلاته وتفاعلاته السّابقة. وهذا يعني أنّ المستخدمين قد يتعرّضون فقط لنوع معيّن من المحتوى أو تُعرض آراء ومعلومات مشوشة لهم تتعارض مع الواقع العلمي، بحسب قاله خبير التّسويق الإلكتروني "محمّد صادق".
يضيف "صادق" أنّ منصّة "تيك توك" تتميّز بمحتوى كبير ومتنوع يُصعب على الشّركة المالكة التحكّم الكامل فيه. وهذا يعني أنّه: "لا يوجد نظام رقابة صارم يتحكّم في المحتوى المنشور على "تيك توك"، فتاليًا يصعب ضمان الدقّة والصّحة العلميّة للمعلومات التي يجري تبادلها".
كما أشار "صادق"، إلى العديد من الأمور الأخرى التي تؤدّي إلى خلو محتوى "تيك توك" من الدقة، مثل قدرة جميع المستخدمين على التعليق والتفاعل مع المحتوى. فقد يقوم المستخدمون بترك تعليقات أو نشر آراء غير مبنية على أسس علميّة مبنية على تجارب شخصيّة فقط، ما يمكن أن يؤدّي إلى تشويش المعلومات والتضليل.
تعتمد منصّة "تيك توك" على مقاطع الفيديو القصيرة التي ينشئها ويشاركها المستخدمون. وهذا يعني أنّ هذا قد يكون غير موثوق أو غير دقيق من الناحية العلميّة. وضمن الأسباب المذكورة، فمن الصّعب أن توفّر المنصّة الدقة والموثوقيّة اللازمتين لتشخيص الاضطرابات النفسيّة. هعذا فضلًا عن أنّ مثل هذه المقاطع تعرض البيانات الشّخصيّة والمعلومات الحسّاسة للمخاطر، بما في ذلك قضايا الخصوصيّة والتعدّي على الحقوق الشّخصيّة. فلا يمكن تشخيص اضطرابات معقّدة، مثل فرط الحركة ونقص الانتباه أو عسر القراءة بناءً على مقاطع فيديو قصيرة أو سلوك محدّد، أو أي أمر آخر.
وقد نشاهد بعض مقاطع الفيديو التي تنطوي على تحدي للآخرين أن يختاروا من بين عدد من الاضطرابات النفسيّة، ويتظاهرون بأنّهم مصابين بها، مثل الوسواس القهري أو الفصام. ويدّعي ناشرو هذه المقاطع أنّها تهدف إلى التوعية بالأعراض، كما تهدف إلى تجاوز "ثقافة العيب" عند الإصابة بمرض أو اضطراب نفسي. ولكن هذه التصوّرات قد تتسبب في تكريس صور نمطيّة عن بعض الاضطرابات النفسيّة، وتكون مؤذية لمن يعانون بالفعل من هذه الاضطرابات.
تؤكد، في هذا السيّاق، اختصاصيّة الطبّ النّفسي "نورا الأحمد" أنّ هناك مخاطر محتملة من اعتماد "تيك توك" أداةً للتشخيص، تتمثّل بالتشخيصات غير الصّحيحة التي تؤثر على الإنسان لبقية عمره إذا لم يلجأ إلى طبيب مُختصّص. كما قد يؤدّي التشخيص الخاطئ المبني على معلومات قليلة ومن دون فحص سريري، في أخذ علاج غير مناسب أو غير فعّال للمريض، ما يؤدّي إلى تدهور حاله النفسيّة أو عدم تحسّنه.
قال متحدّث باسم "تيك توك": "نحن نعمل بجدّ للحفاظ على نظامنا الأساسي مساحة آمنة لهذه المحادثات المهمّة، إذ يجب على أي شخص يبحث عن نصيحة أو تشخيص للحالات العصبية الاتّصال باختصاصي طبي.
وكانت منصّة "تيك توك"، قد أعلنت في وقت سابق عن إطلاق محتوى تعليمي، ضمن سعيها لربط "التعليم بالترفيه"، وإثراء المستخدمين بأفكار وإضاءات جديدة علميّة موثّقة إلى حدّ كبير.
المصدر : BBC
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
لماذا نترك المنصّات العالمية لمواقع التواصل لاجتماعي تتحكّم بمنشوراتنا..ألا يمكننا في العالم العربي صنع منصاتنا الخاصة؟
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال