كثير من الأطفال يطالبون الأهل بشراء الألعاب الإلكترونيّة كي يتسلّوا ويمضوا وقت فراغهم. الأهل، في أغلب الأحيان، يستجيبون لهذه المطالب، في حين يجب عليهم دراسة عدّة أمور خوفًا من ألا يبالغوا في عاطفتهم من جهة، وألا يضرّوا طفلهم من حيث أرادو منفعته من جهة أخرى.
فعلى سبيل المثال، قدّر خبراء، في مجال الألعاب الإلكترونيّة، حجم إنفاق الطفل السّعودي على ألعاب الترفيه الإلكتروني بنحو 400 دولار سنويًا. وأكّدوا أنّ السّوق السعوديّة تستوعب ما يقرب 3 ملايين لعبة إلكترونيّة في العام الواحد، منها عشرة آلاف لعبة أصلية والباقي تقليد.
يشير أحد مسؤولي التسويق، في شركة متخصّصة في مجال الألعاب الإلكترونيّة، إلى أنّ أسواق المملكة استوعبت نحو مليون و800 ألف جهاز بلاي ستيشن، موضحًا أنّ أكثر من 40% من البيوت السّعوديّة تضمّ جهازًا واحدًا على الأقل. والجدير بالذكر أنّ ألعاب البلاي ستيشن لم تعد حكرًا على الصّغار؛ بل صارت هوس الكثير من الشّباب وتعدّى ذلك للكبار!
يضيف: "الرابح، في هذا المجال، الشّركات الأمريكّية واليابانيّة المنتجة والمسوقة لهذه الألعاب والبرامج. فقد أعلنت "شركة سوني" اليابانيّة المتخصّصة، في صناعة الإلكترونيّات، أنّها تتوقّع ارتفاع أرباح مجموعاتها بنسبة 108% إلى 280 مليار خلال السّنوات المقبلة، وأرجعت الشركة هذا الارتفاع في أرباحها إلى نجاح لعبة البلاي ستيشن.
يجيب أ. مندل القباع، أستاذ علم الاجتماع، عن هذا التساؤل بقوله: "الجلوس في حدّ ذاته أمام التلفاز والكمبيوتر لا يصنع طفلاً غير اجتماعي؛ لأنّه يتعامل مع جهاز، والجهاز لا يصنع المواقف الاجتماعيّة والوجدانيّة، إنّما هذا الجلوس للتسلية فقط وتنمية الخيال إذا اختير البثّ المناسب. أمّا الذي يصنع طفلاً غير اجتماعي فهو الوسط الذي يعيش فيه الطفل، والتنشئة الاجتماعية، لكن إذا جُعل هناك مزج بين التنشئة الاجتماعيّة الإسلاميّة الصّحيحة وبين تنمية الخيال الواقعي لما يشاهده الأطفال فهذا هو المطلوب".
عن البدائل التي تغني الطفل عن التلفاز والكمبيوتر؛ يقول القباع: "أولاً وقبل كلّ شيء لا يوجد بدائل تغني الطفل عن التلفاز وغيره؛ لأنّ الطفل في مرحلة عمريّة يحتاج فيها إلى تنمية مدارك.، ومن هذه المدارك تنمية خياله بالأشياء الموضوعيّة والواقعيّة. ولكن علينا أن نوفّق بين وسائل الإعلام المرئيّة وبين وسائل الترفيه الأخرى مثل الألعاب التي تنمي الخيال والإدراك؛ مثل المكّعبات وألعاب الرياضة الخفيفة مثل تنس الطاولة، وكرة القدّم والسّباحة. كلّ هذه الأشياء إذا حصلت استطعنا أن ننشئ طفلاً اجتماعيًا يتوافق مع نفسه وأسرته ومجتمعه، يستطيع من خلالها أن يعيش حياة مستقرّة تنعكس على تكيفه مع الحياة بصفة عامّة"..
تحدث الدكتور أحمد المجدوب، مستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية في القاهرة، عن بعض الآثار السّلبية للألعاب الإلكترونيّة فقال: "إنّ هذه الألعاب تصنع طفلاً عنيفًا؛ وذلك لما تحويه من مشاهد عنف يرتبط بها الطفل، ويبقى أسلوب تصرفه في مواجهة المشاكل التي تصادفه يغلب عليه العنف. وقد أثبتت الأبحاث التي أجريت في الغرب وجود علاقة بين السّلوك العنيف للطفل ومشاهد العنف التي يراها. كما أنّها تصنع طفلاً أنانيًا لا يفكر في شيء سوى إشباع حاجته من هذه اللّعبة.
وكثيرًا ما تثار المشكلات بين الإخوة الأشقاء حول من يلعب؟ على عكس الألعاب الشّعبية الجماعيّة التي يدعو فيها الطفل صديقه للعب معه. كما أنّها قد تعّلم الأطفال أمور النصب والاحتيال، فالطفل يحتال على والديه ليقتنص منهما ما يحتاج إليه من أموال للإنفاق على هذه اللّعبة.
تؤثر هذه الألعاب سلبًا على صحة الأطفال، إذ يصاب الطفل بضعف النظر نتيجة تعرضه لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية قصيرة التردد المنبعثة من شاشات التلفاز التي يجلس أمامها ساعات طويلة في أثناء ممارسته اللّعب. هذا ما أكّدته الدكتورة "إلهام حسين"، أستاذة طبّ الأطفال في جامعة "عين شمس"، في دراسة حديثة لها،
وأضافت أيضًا أن من أخطارها ظهور مجموعة من الإصابات في الجهاز العضلي والعظمي؛ حيث اشتكى العديد من الأطفال من آلام الرقبة وخاصة الناحية اليسرى منها إذا كان الطفل يستخدم اليد اليمنى، وفي الجانب الأيمن إذا كان أعسر.
كذلك من أضرارها الإصابة بسوء التغذية، فالطفل لا يشارك أسرته في وجبات الغذاء والعشاء، فيعتادالأكل غير الصحي في أوقات غير مناسبة للجسم. وقد أظهرت دراسة دانمركيّة أنّ ألعاب الكمبيوتر لها أضرار كبيرة على عقليّة الطفل، فقد يتعرّض إلى إعاقة عقليّة واجتماعيّة إذا أصبح مدمنًا على ألعاب الكمبيوتر وما شابهها.
كما بينت الدّراسة أن الطفل الذي يعتاد النمط السّريع في تكنولوجيا وألعاب الكمبيوتر قد يواجه صعوبة كبيرة في الاعتياد على الحياة اليوميّة الطبيعيّة التي تكون فيها درجة السّرعة أقل بكثير، ما يعرّضه إلى نمط الوحدة والفراغ النفسي، سواء في المدرسة أو في المنزل.
أكدت دراسة نشرت نتائجها مؤخرًا أن ارتفاع حالات البدانة، في معظم دول العالم، يعود إلى تمضية أوقات طويلة أمام التلفاز أو الكمبيوتر. فقد قام الباحثون بدارسة أكثر من 2000 طالب تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و18 سنة، وتبيّن أنّ معدلات أوزان الأطفال ازدادت من 54 كيلو جرامًا إلى 60 كيلو جرامًا.
كما أنّ هناك انخفاضًا حادًا في اللّياقة البدنيّة، فالأطفال من ذوي 10 سنوات في العام 1985 كانوا قادرين على الركض لمسافة 1.6 كيلو متر لمدة زمنية لا تتجاوز 8.14 دقيقة، أما أطفال اليوم فيركضون المسافة نفسها ولكن في عشر دقائق أو أكثر.
كما أثبتت البحوث العلمية للأطباء في اليابان أنّ الومضات الضوئيّة المنبعثة من الفيديو والتلفاز تسبب نوعًا نادرًا من الصرع، وأن الأطفال أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.. فقد استقبل أحد المستشفيات اليابانية 700 طفل بعد مشاهدة أحد أفلام الرسوم المتحرّكة، وبعد دراسة مستمرة تبيّن أنّ الأضواء قد تسبب تشنجات ونوبات صرع فعليّة لدى الأشخاص المصابين بالحساسية تجاه الضوء، والذين يشكّلون 1% من مجموع سكان أي دولة.
ألعاب الفيديو والكومبيوتر سلاح ذو حدين، فكما أنّ فيها سلبيات، فإنها لا تخلو من الإيجابيات. يقول علماء الاجتماع: لو كان للألعاب الإلكترونيّة ضوابط رقابية يحرص على تنفيذها بموجب تراخيص نظامية وبإشراف تربوي لكان لها بعض الإيجابيات، حيث يستطيع الطفل أن يقضي فيها جزءًا من وقت فراغه من دون خوف أو قلق عليه، فيمارس ألعابًا شيقة كالألعاب الرياضية، وألعاب الذاكرة وتنشيط الفكر، وألعاب التفكير الإبداعي. وأضافوا: أن للألعاب الإلكترونيّة جوانب إيجابية في تنمية مهارات الدقة والمتابعة والتركيز.
يقول الدكتور أحمد المجدوب: "إنّ أساس المشكلة يتمثّل في أنّنا ليست لدينا خطة واضحة ومحدّدة لكيفية شغل أوقات فراغ أطفالنا، ما يحمل الأسرة العبء الأكبر في تلافي أضرار هذه الألعاب- 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته' - فهي تستطيع أن تحدّد للطفل ما يمارسه من هذه الألعاب وما لا يمارسه. فعلى الوالدين أن يختاروا ما يكون مناسبًا للطفل في عمره، ولا يحتوي على ما يخلّ بدينه وصحّته النفسيّة, كما أنّه لا بدّ من تحديد زمن معين للعب لا يزيد عن ساعة في اليوم، ثم يقضي باقي الوقت في ممارسة الأنشطة اليوميّة، وألا يكون اللّعب بها إلا بعد الانتهاء من الواجبات المدرسيّة، ولا يكون خلال وجبات الطعام اليوميّة.
نقلا عن موقع : صيد الفوائد
لعبة "روبلوكس" ولعبة "Subway Surfers" إذا كان طفلك يلعب فيهما ..أوقفه فورًا,,,
تحولت اللعبة من عالم يمكن أن يحدث فيه أي شيء إلى شبكة مظلمة من التجارة بالأطفال والاعتداء عليهم مقابل العملات الرقمية الوهمية.
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال