أربعة أنماط في التربية تؤثر على مستقبل طفلك..فأي نمط هو الأجدى؟

أربعة أنماط في التربية تؤثر على مستقبل طفلك..فأي نمط هو الأجدى؟

يرى الباحثون أن ثمة روابط بين أنماط الأبوة والأمومة وبين تأثير هذه الأساليب على السلوكيات الحالية والمستقبلية للأطفال.

اهتم علماء النّفس التنموي بكيفيّة تأثير الآباء على نمو الطفل. ومع ذلك، يصعب كثيرًا العثور على السّبب والنتيجة الفعليّة بين الإجراءات المحدّدة للوالدين والسلوك اللاحق للأطفال. ويمكن لبعض الأطفال الذين نشأوا، في بيئات مختلفة، أن يكبروا فيما بعد ليصبح لديهم شخصيّات متشابهة بشكل ملحوظ. على العكس من ذلك؛ يمكن للأطفال الذين يتشاركون في المنزل ونشأوا ضمن البيئة نفسها أن يكبروا ليصبح لديهم شخصيّات مختلفة تمامًا. ورغم هذه التحديات، افترض الباحثون أن ثمة روابط بين أنماط الأبوة والأمومة وبين تأثير هذه الأساليب على السلوكيات الحالية والمستقبلية للأطفال.

أنواع الآباء

تقول الباحثة في علم النّفس "كندرا تشيري"، في مقالها "لماذا تُعدّ أنماط الآباء مهمّة في تربية الأطفال؟، والمنشور في موقع “فيري ويل مايند”، إنّ: "عالمة النّفس ديانا بومريند أجرت،  في أوائل ستينيّات القرن الماضي دراسة على أكثر من مئة طفل في سنّ ما قبل المدرسة، باستخدام الملاحظة الطبيعيّة، في المقابلات مع الوالدين وأساليب البحث الأخرى. فحددت بعض الأبعاد الرئيسة للتربية، والتي أصبحت منهجا ًفي استراتيجيات التأديب والتنشئة وأساليب التواصل مع الأبناء”.

بناءً على هذه الأبعاد، رأت "بومريند" أنّ غالبية الآباء يمكن تصنيفهم وفاقًل لثلاثة أنماط. كما اقترح عالمان آخران، هما "إليانور ماكوبي" و"جون مارتن"، إضافة نمط أبوة رابع، بعد مزيد من البحث.  بالرجوع إلى سلسلة مقالات "تشيري" حول نماذج الأبوة والأمومة، نعرض فيما يلي الأنماط الأربعة وكيفيّة تأثيرها على الأطفال وشخصياتهم حينما يكبرون.

الآباء المستبدون

النمط الاستبدادي كان أحد أنماط الآباء الرئيسة الثلاثة التي حددّتها "بومريند"، ويشمل الأمهات أيضًا. في هذا النمط؛ يتبع الأطفال القواعد الصارمة التي وضعها الوالدان المستبدان؛ لأن عدم اتباعها عادة يؤدي إلى العقاب. والآباء المستبدون لا يفسّرون السبب وراء هذه القواعد، وإذا طلب منهم التوضيح قد يردون ببساطة “لأنني قلت ذلك”. وينتظر هؤلاء الآباء من أطفالهم أن يتصرفوا، بشكل استثنائي، وألا يرتبكوا أي أخطاء، في مقابل ذلك هم لا يقدّمون التوجيهات الكافية لأطفالهم عما ينبغي فعله أو تجنبه. كما أن الآباء والأمهات ممن يتبعون هذا الأسلوب، غالبًا ما يوصفون بالدكتاتوريّة، ويتوقّعون الطاعة من أطفالهم من دون سؤال أو اعتراض.

الآباء الحازمون

النمط الرئيسي الثاني الذي حدّدته "بومريند" هو النمط الموثوق. فمثلاً الآباء المستبدّون، يضع هؤلاء الآباء القواعد والمبادئ التوجيهيّة التي يُتوقع من أطفالهم اتباعها. إلا أنّ هذا النوع من الآباء أكثر ديمقراطيّة، فهم يستجيبون لأطفالهم ويرغبون في الاستماع إلى أسئلتهم، فهم يوفرون الدفء والحب والدعم الكافي. وعندما يفشل الأطفال في تلبية التوقعات، يكون هؤلاء الآباء أكثر رعاية وتسامحًا. وفي هذا الصّدد، تقول "بومريند" عنهم إنّهم آباء حازمون، لكنّهم ليسوا متطفلّين ومقيدين. كما أنّ أساليبهم التأديبيّة داعمة، وليست عقابية، فهم يريدون أن يكون أطفالهم حازمين ومسؤولين اجتماعيًا.

الآباء المتساهلون

النمط النهائي الذي حدّدته "بومريند" هو ما يعرف باسم الأسلوب المتساهل للأبوة والأمومة. فالآباء المتسامحون الذين يشار إليهم أحيانًا بالآباء المتساهلين، لديهم مطالب قليلة جدًا من أطفالهم. وهؤلاء الآباء نادرًا ما يؤدبون أطفالهم؛ لأن لديهم توقّعات منخفضة نسبيًا عن النضج والتحكّم في الذات. كما أنّهم يتواصلون جيدًا مع أطفالهم، وغالبًا ما يكونون أصدقاء لهم.

الآباء غير المكترثين

بالإضافة إلى الأنماط الرئيسة السّابقة التي حددتها "بومريند"، اقترح عالما النّفس "إليانور ماكوبي" و"جونمارتن" أسلوبًا رابعًا يعرف باسم الأبوة والأمومة غير المهتمة التي لا تكترث بشيء. ويتميز هذا الأسلوب بقلة تواصل الأبوين مع أطفالهم. ورغم تلبيتهم للاحتياجات الأساسية للأطفال، فهم منفصلون بشكل عام عن حياة أطفالهم. هؤلاء قد يتأكدون من أن أطفالهم يتغذون ولديهم مأوى، لكنهم لا يقدمون شيئًا يذكر في طريق التوجيه أو القواعد أو حتى الدعم.  وفي الحالات القصوى، قد يهمل هؤلاء الآباء احتياجات أطفالهم الأساسية أيضًا.

تأثير أنماط الآباء على الأطفال

وفاقًا لـــ"تشيري"، فإنه بالإضافة إلى الدّراسة الأوليّة التي أجرتها "بومريند"، أجرى الباحثون دراسات أخرى أدت إلى عدد من الاستنتاجات حول تأثير أنماط الأبوة والأمومة على الأطفال:

-    تؤدّي أساليب الأبوة الاستبداديّة، بشكل عام، إلى أطفال مطيعين وذوي كفاءة، لكنهم يحتلّون مرتبة أقل في السّعادة والكفاءة الاجتماعية واحترام الذات.
-    يؤدّي نمط الأبوة والأمومة الحازمة عادة إلى أن يكون الأطفال سعداء وقادرين وناجحين.
-    تؤدّي الأبوة والأمومة المتساهلة غالبًا إلى انخفاض مستوى السعّادة والتنظيم الذاتي للأطفال. ومن المرجح أن يواجه هؤلاء الأطفال مشكلات في السّلطة، ويميلون إلى الأداء الضعيف في المدرسة.
-    يحتل نمط الأبوة غير المهتمة المرتبة الأدنى في جميع مجالات الحياة. والأطفال هنا يفتقرون إلى ضبط النّفس، ولديهم مشاكل في احترام الذات، وهم أقل كفاءة من أقرانهم.
مزايا تربوية للأبوة الحازمة

نظرًا إلى أنّ الأب الحازم ينظر إليه عادة أنه عادل وديمقراطي، فإنّ أطفاله أكثر عرضة للامتثال للطلبات التي يقدّمها، لأنّه يقدم القواعد والتفسيرات لها. فمن الأرجح أن يستوعب الأطفال هذه الدروس. وعوضًا عن اتباع القواعد؛ لأنهم يخشون العقاب. فهم قادرون على معرفة سبب وجود هذه القواعد، ويفهمون أنّها عادلة ومقبولة، ويسعون جاهدين لاتباعها، للوفاء بمتطلباتهم، بمعنى استيعاب ما هو الصواب والخطأ.

متغيرات أخرى

المزج بين نمطي أبوة وأمومة مختلفين يؤدي إلى إنشاء مزيج فريد من نوعه في كلّ عائلة. فمثلًا، قد تعرض الأم أسلوبًا حازمًا بينما يفضل الأب اتباع نهج أكثر تساهل. وقد يؤدّي هذا، في بعض الأحيان، إلى إشارات ومواقف مختلطة، كأن يسعى الطفل إلى الحصول على موافقة من الوالد الأكثر تساهل للحصول على ما يريده.

ومن أجل خلق نهج تربوي متماسك، من الضروري أن يتعلم الآباء التعاون؛ لأنّهم يجمعون بين عناصر مختلفة من أنماط الأبوة والأمومة الفريدة الخاصة بهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة متغيّرات مهمّة أخرى؛ مثل مزاج الطفل الذي يمكن أن يؤدّي أيضًا دورًا رئيسًا في نتيجة النمط التربوي المتبع.

هناك، أيضًا، بعض الأدلة على أنّ سلوك الطفل يمكن أن يؤثر على أنماط الأبوة والأمومة. فالطفل الصعب أو العدواني قد يختار أبويه فقدان السيطرة عليه مع مرور الوقت، كما أظهرت بعض الدراسات. كما لاحظ الباحثون أنّ الارتباط بين أنماط الأبوة وسلوكيّات الأطفال ضعيف في بعض الأحيان. وتؤدّي العوامل الثقافيّة دورًا مهمًا في تحديد أنماط الأبوة والأمومة والنتائج السلوكيّة للطفل.

 

 

نقلًا عن موقع منال التربوي


 

مواضيع مرتبطة

إستراتيجيات لغرس قيم التسامح والاحترام عند الأطفال مبكرًا

اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،

كيف تقللين من تعلق طفلكِ بالموبايل؟

تشير الإحصائيات إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا كبيرًا على الأجهزة المحمولة هم أكثر عرضة لتطور المشكلات السلوكية

"ريشة" 2024: أطفال يرسمون "رجال في الشمس"

تضمّ 12 لوحة فنّية مستوحاة من رواية الكاتب الفلسطيني غسّان كنفاني (1936 - 1972)، رسمها طلّاب من 11 مدرسة .