هكذا يبدأ الحوار في عمليّة الابتزاز الإلكتروني تحديدًا، وهذه المرّة بأسلوب جديد ومغاير، حيث لا يُشترط فعلًا أن يكون لدى هذا المحتال المبتز أي معلومات عن الضحيّة؛ وإنّما يتّبع أسلوبًا يوحي لها بمعرفته الواسعة عن أمورها الشخصيّة وأسرارها الخاصة..إذ فقط، بكبسة زر من الضحيّة الخائفة على الرابط الذي يرفقه المجرم مع الخبر يكفي ليسمح له بخرق حسابات الضحيّة على وسائل التواصل الاجتماعي، والدخول كذلك إلى محتويات هاتفه،ها مهما كان نوعه..
هذا إعلان يتناقله ناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتحذير الشبان والشابات المراهقين والمراهقات من مغبة تصديق هكذا خبر إلكتروني..
وعادة، تتجاوز سلوك المبتز المعايير الأخلاقيّة تباعًا؛ وذلك بهدف ترهيب الشّخص المهدّد لدفعه إلى تحقيق مطالب المبتز، بحال كان هناك فعلًا لديه ما يخفيه- أو تخفيه- عن أهله/ها والمجتمع.. والتعرّض للابتزاز ليس مقتصرًا على المراهقين والشّباب فحسب، بل أيضا يتعرّض له الكبار والصغار، الإناث والذكور، على حد سواء..
إذ تُعدّ ظاهرة الابتزاز الإلكتروني من الظواهر الجديدة نسبيًا، فهي لم تظهر إلّا مع توسّع شبكة الإنترنت العالميّة، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تزايدات وأصبحت تؤثر على شرائح مختلفة من المجتمعات العربيّة جميعًا من دون استثناء لأي بلد، وفي أي بقعة جغرافيّة هو. فما هو الابتزاز الإلكتروني، وما انعكاساته الخطيرة على بنية مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة، والتي ما يزال لديها قدرًا كبيرًا من المحافظة على العادات والتقاليد والقيم الأخلاقيّة والتربويّة؟
هو تلك الأفعال التي تدفع بالفرد إلى التّهديد بكشف معلومات محرجة عن شخص ما، إن لم يقم هذا الشّخص المهدّد بالاستجابة إلى طلباته. وغالبا ما تكون الأساليب المتّبعة غير مشروعة لتحقيق أغراض شخصيّة للمبتز.
هي عملية تهديد وترهيب للضحيّة بنشر صور أو مواد مصوّرة أو مسجّلة أو تسريب معلومات سريّة تخصها، مقابل دفع مبالغ ماليّة أو استغلال الضحيّة للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين؛ مثل الإفصاح عن معلومات سريّة خاصّة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونيّة.
1 - ابتزاز إلكتروني عاطفي: هو من أهم الأشكال الفعّالة للنلاعب بالضحيّة، إذ يقوم المبتز لتحقيق غاياته بتتّبع الضحيّة عبر شبكة التواصل الاجتماعي من : "فيسبوك" أو "تو يتر" أو "أنستغارم" أو غيرها. بعد جمعه لتلك المعلومات يقوم بالتواصل مع ضحيّه مدعيا التعارف بهدف الصداقة؛ حيث يساعده ذلك في الحصول على معلومات أكثر دقة من الضحيّة نفسها مستغلة ثقتها به .. ليبدأ بعد مدة بتهديده بنشر أسراره العاطقيّة الخاصّة- وقد يكون بعضها مؤذيًا له بحال نُشر على الملاْ..
2- ابتزاز إلكتروني مهني: يُقصد به قيام المجرم المبتز بإجبار الضحيّة على إفشاء أسرار عمله لشكرة أخرى، أو أن يكون المبتز هو نفسه مدير العمل – وهذا ما يحدث أحيانًا- حيث يطالب ضحيّه بأعمال غير مشروعة لصالحه أو يجبره على تحقيق رغباته الجنسية- خصوصًا إذا كانت الضحيّة امراة أو فتاة.
3- ابتزاز إلكتروني سياسي: الغرض منه هو تحقيق مكاسب سياسية على حساب الضحيّة الذي وقع فريسة لهذا المجرم المبتز، حيث يعمد هذا النوع من المجرمين إلى البحث عن الهفوات والأخطاء السياسية التي قد وقعت فيها الضحيّة لاستعمالها ضده. وفي حال عدم الاستجابة؛ سيلجأ المجرم المبتز إلى التهديد بالكشف عنها، وقد يصل األمر إلى حد إنجاز مواقع تحت أسماء مستعارة ونشر الوثائق المزورة أو الأخطاء التي وقعت فيها الضحيّة بهدف تحطيم سيرتها السياسية أو التأثير عليه حتى يتنازل عن بعض ما ُطلب منه.
4- ابتزاز إلكتروني مادي: الغرض منه تحقيق المنفعة المادّي عن طريق إيهام الضحيّة بفضح بعض الحقائق الشخصية المتعلقة به مثل تركيب الصورة الشخصية للضحية باستعمال برامج تحسين وتعديل الصور بصورة إباحية أو في أوضاع مخلة بالحياء، ما يدقع الضحيّة لالنصياع والرضوخ لمطالب المجرم المبتز، الذي يقوم بطلب مستمر للمبالغ الماليّة، وفي حال رفضت الضحيّة سيكون هناك التهديد بنشر هذه الصور أو الوثائق- بغض النظر عن صحتها أو بطلانها- على شبكات التواصل الاجتماعي.
العراق: شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في عدد الجرائم الإلكترونية المرتكبة في العراق. وثقت وزارة الداخلية العديد من الجرائم التي تستهدف الضحايا خاصة الفتيات والنساء. على سبيل المثال، اعتقلت الشرطة العراقية حوالي 60 شخصًا شكلوا عصابات لاستهداف الفتيات المراهقات، والاستيلاء على صورهن، وابتزازهن مقابل دفع المال أو ممارسة الجنس. غالبًا ما تخترق هذه العصابات أو المجرمين المنفردين الحسابات وسائل التواصل الاجتماعي بما في ذلك الفيسبوك أو الانستاغرام، وكذلك الهواتف الذكية من أجل الاستيلاء على الصور ومقاطع الفيديو غير اللائقة لاستخدامها في ابتزاز الضحايا. إذا حدث لك هذا، فأنت لست وحدك. يمكنك الإبلاغ عن هذه الجرائم.
لبنان: إحصائيات قوى الأمن الداخلي تشير الى ازدياد الشّكاوى الواردة عبر مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة سنويًا، فبحسب المديريّة بلغ عدد الشّكاوى 238 شكوى في العام 2017 مع 35 موقوفًا، و509 شكاوى في العام 2018 مع 141 موقوفًا، و645 شكوى في العام 2019 مع 118 موقوفًا، و769 شكوى في العام 2020 مع توقيف 84 مبتزًا، فيما أشارت الإحصاءات الى ورود 804 شكوى في العام 2021 مع توقيف 49 مبتزًا.
جدير بالذكر أنّ الشّكاوى الواردة الى المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي ــ شعبة العلاقات العامّة كانت أكثر من الشكاوى الواردة الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة نظرًا إلى تلقي شكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وعبر خدمة "بلّغ" على موقعها الإلكتروني. شكاوى الابتزاز "الجنسي" وحدها والواردة الى شعبة العلاقات العامة سجّلت 815 شكوى خلال العام 2020 ما يعني أنّ أعداد الشكاوى تخطت الرّقم الذي سجّلته إحصائيات مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، فيما أظهرت الإحصائيات ارتفاعًا كبيرًا وخطيرًا في شكاوى هذا النوع من الابتزاز خلال عامي 2019-2020 وذلك بزيادة نسبتها 307.50 بالمئة.
الأردن :كثيرًا ما ترصد وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، في الأردن، جرائم تمسّ السّلم المجتمعي، مثل الإساءة للأطفال عبر الإنترنت، وبث خطاب الكراهية، وإثارة النّعرات، وكشفت عن 1285 قضية ابتزاز إلكتروني و 2115 قضية اختراقإلكترونية قبل العام 2015، وتقول إنّ الجرائم الإلكترونية تزايدت نسبها لستة أضعاف منذ العام 2015، فقد كشف نحو 700 قضية ابتزاز إلكتروني، في العام 2021، والتي يشكل الإناث معظم ضحاياها، في حين زاد عدد هذه القضايا العام 2023 عن تسعة آلاف حالة. وكان لافتًا ما سجّله الأردنـ خلال جائحة كورونا، من ارتفاع كبير في وسائل الاحتيال والابتزاز الإلكتروني ماليًا.
يؤكّد مراقبون أنّ عدد حالات الابتزاز يتخطّى بكثير ما يرد إلى الجهات الرسميّة. فهناك حالات كثيرة تبقى طي الكتمان خوفًا من "الفضحية"، خصوصًا في دول الخليج، حيث يُسجلّ سنويًا، 80% من ضحاياها نساء.
تفرض معظم دول العالم قوانين رادعة لمحاسبة منفذ جريمة الابتزاز الإلكتروني، وتختلف من دولة لأخرى، كما قد يختلف الحكم من حيث نوع الابتزاز، بعض القوانين للدول العربيّة عن عقوبة الابتزاز الإلكتروني:
في المملكة العربيّة السّعودية
تصل عقوبة الابتزاز الإلكتروني في السّعودية إلى دفع غرامة تقدر بـ500 ألف ريال سعودي، والسّجن لمدة سنة، أو إحدى العقوبتين.
في الامارات
وفقًا للمادة الرّقم 16 – مكافحة جرائم تقنية المعلومات –نصّت على أن عقوبة الجاني هي الحبس لمدة لا تزيد عن عامين، وغرامة لا تزيد عن 500 ألف درهم، ولا تقل عن 250 ألف، أو إحدى العقوبتين.
في اليمن
لقد بيّنت المادة الرّقم 313 من قانون الجرائم والعقوبات بأن عقوبة جريمة الابتزاز هي الحبس لمدة خمس سنوات أو غرامةـ بحسب تقدير القاضي، وعقوبة التهديد أيضًا سنة أو غرامة ماليّة.
في مصر
عقوبة الابتزاز الإلكتروني في قانون العقوبات المصري وفقًا للمادة 327، في حال كان تهديدًا على وسائل التواصل بالهاتف أو الرسائل، فإنّ عقوبته هي الحبس لمدة لا تتجاوز العامين، أو دفع غرامة ماليّة. والوقاية من الابتزاز الإلكتروني والإبلاغ السّريع للجهات المختصّة في حال حدوثه، هذا الشيء من شأنه أن ينجيك من الوقوع في مضاعفات الابتزاز اللاحقة.
في الأردن
أصدرت دولة الأردن عقوبة الابتزاز الإلكتروني على من يقوم بجريمة التهديد أيًا كان نوعها، سواء قام المجرم بتهديد الشّخص بالإفصاح عن أمر معيّن، أو قام بتهديده بإلحاق الأذى به إذا لم ينفّذ له غرض ما، وكذلك التهديد بأذية أحد من عائلته أو أقاربه، وذلك بمعاقبة المجرم بالحبس بدفع الغرامة. وحُدّدت مدة الحبس بحسب نوع التهديد وكذلك الغرامة الماليّة، وهذا بالطبع عند إثبات جريمة التهديد علي هذا الشخص، سواء بالرسائل أو بالمكالمات أو بأى وسيلة كانت إلكترونية أو غيرها، لم يحدّد نوع الإبتزاز فى نص قانون العقوبة؛ بل يُعقاب المجرم علي أى نوع من الابتزاز، مهما كانت نسبة الأذي على الشّخص المهدّد قليلة.
في لبنان
يرى قانون العقوبات اللبناني أنّ: "الابتزاز جريمة بموجب المادة 650 منه التي تعاقب كل من هدّد شخصًا بفضح أمره أو إفشائه أو الإخبار عنه، وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه، أو من قدر أحد أقاربه، لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره". هذه الجريمة تكون عقوبتها بالحبس من شهر إلى سنتين، والغرامة حتى 600 ألف ليرة لبنانية (سعر صرف الدولار القديم 1515). وفي هذا الصدد، يرى كثيرون من المراقبين أنّ العقوبة ليست على قدر الجريمة، الأمر الذي يتطلّب إقرار تشريعات جديدة تشدّد العقوبة على هذه الظاهرة التي باتت تهدّد سلامة المجتمع، فيما يبقى الحذر واجبًا و"الوقاية خير من قنطار علاج" أولًا وأخيرًا.
إعداد وتحرير: د. زينب الطّحان
كشفت دراسة جديدة عن أسلوب شائع في كتابة الرسائل النصية قد يؤثر سلبًا على كيفية إدراك الناس لصدق المرسل.
الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام،
أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بالعام 2023
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال