فرط الدّلال وتلبية جميع رغبات الطفل ومساعدته في أعماله كلّها؛ لا بل القيام بهذه الأعمال بدلًا عنه، كلّ ذلك له تأثيرات سلبيّة على شخصيته فيصبح اتكاليًا، لا يتحمّل أي مسؤوليّة ويعتمد في كلّ شيء على المحيطين به، لا سيما الأب والأم.
هذا السّلوك يظهر بوضوح، بدءًا من عمر الثلاث سنوات. لذلك؛ على الأم تعويد طفلها على الاستقلاليّة منذ الصغر، وعدم الوقوع في خطأ القيام بكلّ ما يخصّه من دون ترك شيء يفعله بنفسه، فيشبّ معتمدًا على أمّه في كلّ مسألة، ويبدأ الاتكال عليها حتى في أسهل الأمور.
ترى المتخصّصة، في الإرشاد الأسري وتعديل السّلوك، الدكتورة "تانيا رميلي" أنّه :"لكي نعوّد أطفالنا على الاعتماد على أنفسهم، يجب تشكيل وعيهم وتعويدهم على ذلك منذ الصّغر، حتى يعتادوا الاستقلال بذواتهم وتنمية شخصيّاتهم ومساعدة الآخرين".
أسباب الاتكاليّة
تشير "رميلي" إلى أن الطفل الاتكالي لا يكتسب شخصيّته من فراغ؛ بل بسبب ممارسات عدة للأهل، أهمها:
1- التوبيخ المستمر للطفل عند القيام بأي أمر، يولّد لديه عدم الرغبة في العمل حتى لا يسمع الانتقادات، ما يسهم في زيادة الاتكاليّة لديه، ويوحي للطفل أنّ باستطاعته ألا يقوم بأي شيء وأنه الآمر الناهي في المنزل.
2- تدليل الطفل بشكل مبالغ فيه يجعله يعتمد على الآخرين. فالآباء والأمهات الذين يشكون من اتكالية أبنائهم، غالبًا ما يكونون هم السّبب في غرس هذا السّلوك في نفوسهم من دون أن يدركوا الأمر. وذلك من خلال تدليلهم الزائد للطفل في الصغر، وتعويده على قضاء أبسط حاجاته بدلا عنه، ما يؤدّي إلى إحساس الابن أو الابنة بضعف الثقة بالنفس والشّعور بالعجز عن القيام بأي مهمة يمكن أن يُكلَّف بها.
3- الطفل الكسول والاتكالي يرغب، عادةً، في استقطاب اهتمام الآخرين وكأنه محور انتباههم وتفكيرهم، فيطلب مساعدتهم؛ لأنّه ييؤمن بعدم قدرته على مواجهة صعوبات الحياة ومتطلّباتها، ما يجعله غير مكترث بمسؤولياته أو أداء مهامه ودراسته وواجباته.
كيف يمكن تغيير سلوك الطفل؟
تقول "رميلي" إنّ ذلك يبدأ من تطوير شخصيّة قوية عند الطفل، مشيرة إلى أنّ بعض حالات الاتكاليّة تعود إلى عدم ثقته بنفسه وقدراته، وبالتالي اعتماده على الآخرين حتى لا يفشل في المهمّة. فينبغي تعليمه تحمّل المسؤوليّة، والعمل على تعزيز ثقته بنفسه. والأهم، تعليمه أنّ له هدفًا في الحياة يجب تحقيقه، مع الحرص على عدم المبالغة في تدليله.
وتضيف "من المهمّ أن يتّبع الوالدان أسلوب الحزم في المعاملة، ومن المهمّ أن يجمع الوالدان بين الدّلال والقسوة في التعامل معه، وتجنّب إصدار التعليمات على هيئة أوامر، واتباع أسلوب الاختيار. إذ يمكن للأم أن تقول للطفل: ما رأيك في أن تقوم بهذا العمل، فهو جيد لك؟، مع ضرورة الابتعاد عن السّخرية والانتقاد، والحرص على توجيه الملاحظات بحكمة وحزم، ومدحه وإطرائه عند قيامه بأمر جيد".
وعن دور الوالدَين في التدريس، تنصح "رميلي" بأن يقتصر دور الأب والأم على شرح الدروس لطفلهما، في حين يكون هو وحده مسؤولّا عن حلّ الواجبات المدرسيّة.
وثمة خطأ شائع تقع فيه أمهات كثيرات، وهو ترتيب غرف الأطفال وتنظيم ملابسهم، بدلّا من تعليمهم أساسيات الترتيب البسيطة، بدءًا من جمع الألعاب وترتيب الفراش وتنظيم الكتب والألوان. وترى "رميلي" أنّ "إقدام الأم على ترتيب غرفة الطفل من دون موافقته يحمل رسالة إلى ذهنه بأنها اخترقت كلّ ما يخصه، وأنّه يعيش بلا واجبات".
وتنصح المتخصّصة في الإرشاد الأسري وتعديل السّلوك الأهل بدفع أطفالهم إلى الانخراط في المخيمات الصيفيّة، بسبب نتائجها المبهرة على شخصيات الأطفال؛ حيث يتعلّمون فيها مهارات سلوكيّة واجتماعيّة جيدة، وينفصلون عن الوسائل الإلكترونيّة، فيضطرون إلى الاعتماد على النفس وبناء شخصيّة متوازنة.
المصدر : لاريسا معصراني/ الجزيرة
الذكاء الاصطناعي ليس جديدًا في مجال التعليم، لكنه من المقرر أن يغير قواعد اللعبة بعدة طرائق.
يجب على الأم أن تهتم بكل خطوة تقوم بها مع طفلها في سنتي المهد، وما تحت سن ثلاث سنوات
يُعَدُّ العام الجديد فرصة جيدة لتعليم الأطفال كيفية تحديد أهدافهم،
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال