لماذا ينصح الخبراء بتقليل لُعب الأطفال؟

لماذا ينصح الخبراء بتقليل لُعب الأطفال؟

الأطفال الذين يملكون الكثير من اللُعب هم أقل استمتاعًا وإبداعًا 

يُعدّ اللعب سلوكًا فطريًا في حياة كلً طفل منذ الأشهر الأولى، ويشكّل دورًا بارزًا في تنمية مهاراته الحسيّة والحركيّة والعقليّة، وكذلك يسهم في إدراكه العالم من حوله.
ويُعدّ ذلك أحد أسباب المنافسة بين الآباء لشراء لُعَب الأطفال في شكل هدايا ومكافآت، غير أنّ الدراسات تؤكّد أنّ الأطفال لا يحتاجون كلّ هذا الكَم من اللُعب لتعزيز مهاراتهم أو الشّعور بالسعادة، هم فقط يحتاجون عددَا محدودًا منها، وغالبّا ما يقتصر استخدام الطفل على لعبة مفضّلة أو اثنتين.

نقلت صحيفة التلغراف أن استطلاعا للرأي شمل 3 آلاف من الآباء الأميركيين أظهر أن الأطفال لا يلعبون ولا يستخدمون سوى 5% فقط من مجمل لُعبهم التي يمتلكونها، وقال الآباء إنّهم يهدرون كثيرًا من الأموال في شراء اللُعب التي لا يلعب أطفالهم بها مطلقًا، وأنّ متوسط تكلفة لُعب الطفل تبلغ في العام الواحد 660 جنيها إسترلينيًا.

عدد اللُعب يؤثر على جودة اللَعب

توصلت دراسة قام بها فريق من الباحثين، في جامعة توليدو في مدينة أوهايو الأميركية، أنّ الأطفال الذين يملكون كثيرًا من الألعاب هم أقلّ استمتاعًا وإبداعّا عند استخدامها من أقرانهم الذين يملكون عددًا أقل. وراقب الباحثون سلوك اللَعب لدى 36 طفلاًـ ممن هم دون الثالثةـ لمدة نصف ساعة في كلّ مرة، وكان الأطفال أكثر إبداعًا عندما أعطوهم 4 لُعب فقط مقارنة بالمرة التي أُعطي فيها الأطفال 16 لعبة.

زيادة تركيز الطفل وعمق التفكير في اللّعبة

وجدت الدراسة، والتي نشرت في العام 2017، في مجلة سلوك الرضيع ونموّه أنّ الأطفال عندما كان لديهم عدد قليل من اللُعب، لعبوا بكلّ لعبة لمدة أطول وتمكّنوا من استكشاف المزيد من الاستخدامات لكلّ لعبة بما يسهم في تطوير مهاراتهم الحركيّة والمعرفيّة. وأوصت أليكسيا ميتز، وهي رئيسة الفريق البحثي في الدراسة والأستاذ المساعد للعلاج الوظيفي في جامعة تكساس الأميركية، بالتدرج والتبادل بين اللُعب عند تقديمها للطفل. وأوضحت أنه عندما تعرض الأطفال لعدد محدود من اللُعب لعبوا ضعف المدة، واستغرقوا وقتًا في التركيز واستكشاف كلّ لعبة بشكل أكثر إبداعًا. كما اتبعوا أنماط الّلعب الكلاسيكيّة من خلال الطرق على اللُعبة أو إخفائها أو إطعامها أو التحدّث إليها بحسب موقع جامعة توليدو الأميركية.

وأضافت "ميتز" أنّ كثرة اللُعب يصبح مصدرًا لتشتيت تفكير الطفل ويعيق من إبداعاته، وأنّه عندما كانت حجرة الألعاب بها 16 لعبة، الأطفال لعبوا بأكثر من 10 لعب في أقل من 15 دقيقة وأخذوا يتنقلون من لعبة لأخرى من دون إعطاء أنفسهم الوقت الكافي لاستكشاف كلّ لعبة.

حضانة بلا لُعَب

كانت لُعَب الأطفال بسيطة، مجرد حصان خشبي ودمية، غير أنّه مع التقدم التكنولوجي، أصبحت اللُعب تلعب نيابة عن الأطفال، فهي تغني وترقص وتتحرك وتتأرجح وتضيء، ويتحوّل معها الطفل إلى متعلّم سلّبي يقتصر دوره على مجرد المشاهدة ويتعلّم السلوك الانقيادي. غير أنّ نمو الطفل يتطوّر بشكل أفضل في أثناء اللّعب الذي يقوده بنفسه، ويحفز استخدام خياله ويدفعه لاستكشاف العالم من حوله، وهذا ما تبناه مشروع ألماني اعتمد على تجريد إحدى دور حضانات الأطفال من اللُعب لمدة 3 أشهر.

وهدف مشروع "حضانة بلا لُعب" (Der Spielzeugfreie Kindergarten) إلى تعزيز الشجاعة والخيال عند الأطفال، وتحسين مهاراتهم الحياتيّة، وجعلهم قادرين على تحمل الصراع والإحباط وإدراك نقاط ضعفهم وقوتهم بما يعزز ثقتهم بأنفسهم.

وأشارت التجربة الألمانية أنّ الأطفال، في اليوم الأول، أخذوا ينظرون إلى بعضهم بعضًا ويحدقون في قاعة الفصل الدراسي الفارغة. وفي اليوم الثاني بدأ الأطفال يلعبون بالكراسي ويركضون في أنحاء الفصل الدّراسي، وبمجرد أن اعتاد الأطفال على النظام الجديد ابتكروا ألعابهم واعتمدوا على الأشياء من حولهم، وكانوا يلعبون طوال الوقت وأحبوا لعب الأدوار والتظاهر وتقديم العروض، وفق ما أفاد موقع إندبندنت (Independent).

أسباب الخبراء بتقليل لُعب الأطفال

ينصح الخبراء بأهمية التركيز على جودة الألعاب التي يمارسها الطفل بدلا من التركيز على كم اللُعب، ومن إيجابيات امتلاك الطفل عددا محدودا من اللُعب كما يستعرضها موقع أور إنسبايرد روتس Our Inspired Roots:

1-    تعزيز الإبداع والخيال: تُشتت اللُعب الكثيرة تفكير الطفل وتمنعه من استخدام خياله، وعندما يمتلك عددا محدودا منها يبدع في استخدامها بأكثر من طريقة ويفكر في ألعاب وأنشطة جديدة للترفيه عن نفسه.

2-    اللّعب بشكل أعمق: يتنقل الطفل من لعبة إلى أخرى مع وجود عدد كبير من اللُعب، وعلى العكس عندما تكون خيارات اللعب محدودة يركز في اختيار اللّعبة، ويلعب بها لوقت أطول وبشكل أعمق.

3-    اكتساب قيم الشكر والتقدير: يرتبط الأطفال بلُعبهم عندما تكون محدودة، ويقدرون قيمة كلّ لعبة ويهتمون بها بشكل أفضل.

4-    التطور المعرفي للأطفال: يبتكر الأطفال ألعابهم الخاصة ويشاركون في ألعاب أكثر نشاطا وحرية، تعتمد على خيالهم.

5-    تهذيب السلوك الشرائي: شراء عدد محدود من اللُعب يدرب الطفل على أن يكون مستهلكًا واعيًا في المستقبل، ويتعلّم قيمة الخيارات المدروسة قبل الشراء. فقد وجدت دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة القلب البريطانية العام 2019 أنّ الطفل يفقد الاهتمام بلعبته الجديدة في غصون 36 يوما فقط، ويملك على الأقل 4 لُعب لم يسبق له اللّعب بها. وبحسب الدراسة، يضيف ذلك 162 مليون لعبة غير مستخدمة في بريطانيا، ينتهي بها المطاف في مكب النفايات.

6-    منزل بلا فوضى: يسهم عدد قليل من اللُعب في الحد من فوضى المنزل وتكدس الصناديق المخصصة لها، ويسهل على الأطفال تنظيمها وترتيبها بأقل مجهود.

7-    تشجيع اللعب الحر: يعزز اللعب الحر المهارات اللغوية للطفل من خلال الانخراط في ألعاب جماعية مثل سباقات الركض والتسلق وسباق الدراجات أو ألعاب التظاهر. كما يطور مهارات الطفل الاجتماعية مثل: التعاون والتواصل وضبط النفس والقدرة على حل الخلافات.

المصدر : مواقع إلكترونية

 

مواضيع مرتبطة

الألعاب الإلكترونية وسيلة لقولبة العقول لا للترفيه المعقول..!

لعبة "روبلوكس" ولعبة "Subway Surfers" إذا كان طفلك يلعب فيهما ..أوقفه فورًا,,,

"روبلوكس".. اللعبة الأكثر شعبية والأكثر تسهيًلاً للاعتداء على الأطفال

تحولت اللعبة من عالم يمكن أن يحدث فيه أي شيء إلى شبكة مظلمة من التجارة بالأطفال والاعتداء عليهم مقابل العملات الرقمية الوهمية.

كلمات مفتاحية

تسالي