وقد تتطوّر هذه الأحاسيس السلبيّة مع الوقت، وتصبح فيما بعد علامة على إصابة الطفل بالاكتئاب، وتبدأ حواسه ورغباته بالتعارض مع الأنشطة الاجتماعيّة أو الاهتمامات أو العمل المدرسي أو حتى الحياة الأسريّة.
ركز مركز "كليفلاند كلينك" الطبي الأميركي، في دراسة على موقعه الإلكتروني، على تنبيه الآباء إلى أن الاكتئاب قد يصيب الصغار من عمر 3 سنوات، حتى وإن كانت نسبة حالات الاكتئاب بين الأطفال لا تضاهي في معدلاتها عدد الحالات بين المراهقين والبالغين. ذكرت هذه الدراسة أنّ الاكتئاب والقلق من أكثر اضطرابات الصّحة العقليّة شيوعًا عند الأطفال. وأشارت إلى أنّ نحو 7% ممن تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عاما في الولايات المتّحدة يعانون القلق، بينما يختبر نحو 3% منهم أعراض الاكتئاب.
مرض العصر
أكّدت أختصاصيّة الصّحة النفسّية "منال محمود" على أنّ الاكتئاب أصبح "مرض العصر" حتى بين الأطفال والرضع من جميع الأعمار. وكشفت عن وجود حالات لرضع ما بين عام وعامين تظهر عليهم أعراض تعكس بداية اكتئاب، وتنتج عادّة بسبب عدم تلبية احتياجاتهم بشكل صحيح أو تغيير نظام حياتهم "روتينهم اليومي"، بشكل يقلّل من إحساسهم بالأمان. بيد أنه -في المقابل- فضلت الأختصاصيّة ألا نسمّي ما يصيب الأطفال ما دون الثالثة بالاكتئاب.
وقالت :"بصفتي اختصاصيّة نفسيّة وتعديل سلوك لا أستطيع أن أطلق لفظ اكتئاب بالمطلق على طفل دون 3 أعوام على الأقل؛ بل هو اضطراب شديد في الحال المزاجيّة للطفل قد يسلب منه سعادته". وأضافت: "من الطبيعي أن يكون الطفل متقلب المزاج بين الفرح والحزن، لكن وصوله لمرحلة الاكتئاب فهذا يعني أنّ هناك حدثًا كبيرًا ومؤلمًا طرأ على حياته، مثل موت أحد الوالدين، أو موت حيوانه الأليف، أو انتقاله من بلد إلى آخر وفراق أصدقائه المرتبط عاطفيا بهم، أو انتقاله من مدرسة إلى أخرى من دون تأهيله نفسيا".
نهج التمهيد
في هذا الشأن، طالبت الاختصاصيّة الآباء بأن يكونوا أكثر حرصًا على مشاعر واحتياجات أولادهم، واعتماد "نهج التمهيد" لأي قرارات أو تغييرات جذرية تطرأ على الأسرة، حتى يشعر الأطفال بأنّهم جزء من القرار. في حال التقلبات المزاجية للرضع؛ شدّدت الأختصاصيّة على ضرورة أن يهتم الآباء بتخصيص وقت للعب مع الرضيع، والتركيز على تطوره والتواصل العاطفي، إضافة لتعريفه على العالم الخارجي وعدم تركه لشاشات الهاتف والتلفاز وألعاب الإلهاء. ولفتت إلى أنّ بعض الأطفال والرضع يعملون على إيذاء النفس من خلال ألعابهم أو تعمد البكاء الهستيري كأدوات "لتنبيه آبائهم بأنّ هناك ما يحتاج تدخلهم أو اهتمامهم، وللتعبير عن الحال المزاجيّة المتقلّبة لديهم".
الأعراض وطرائق العلاج
من خلال تخصّصها في علاج التقلبات المزاجية لدى الأطفال ومرور بعضهم بحالات اكتئاب، رصدت أختصاصيّة الصّحة النفسّية "منال محمود" عددًا من الأعراض التي طالبت الآباء بملاحظتها وتتبعها في حال رصد أي تغيرات مزاجية على أبنائهم. وقالت إنّ أعراض الاكتئاب لدى الأطفال تبدأ بالانعزال عن العالم الخارجي والمحيط الاجتماعي، فضلا عن عدم الرغبة فى ممارسة أى نشاط رياضي، والبكاء بصفة مستمرة من دون أسباب واضحة. وأشارت أيضا إلى أنّ بعض الأطفال يصابون بآلام متفرقة في الجسد، سواء البطن أو الجسم، وأيضا القئ وأحيانا الإصابة بالإسهال أو الإمساك بشكل مبالغ فيه، وعند الكشف على الطفل تكون النتائج الطبية جميعها سليمة.
وعليه، حثت "محمود" الآباء على سرعة الاستجابة لمثل هذه التغيرات وتأثيرها على شخصية الطفل، والحديث مع الطفل لمعرفة الأسباب دون توجيه اللوم وتجاهل مشاعره .وقالت أيضا: "يجب أن تكون الأم على دراية كاملة بشخصية طفلها، وهل هناك ظروف طارئة جعلته يعاني من بعض الأعراض المذكورة، أم أن طفلها من الأساس مزاجي".
كما أكدت أختصاصيّة الصّحة النفسّية أنّ الكثير من الأساليب العلاجية أثبتت نجاحها في مساعدة الأطفال على الخروج من اكتئابهم، بفضل أنهم بطبيعتهم "شخصيات عملية" ويمكن -من خلال أنظمة تعديل السلوك واكتشاف مهارات والعلاج بالفنون- إخراج الطفل من اكتئابه سريعا. وأوضحت أنه في أصعب حالات الاكتئاب يكون للمحيط الأسري وتركيز اهتمام الآباء على الجوانب التي يحتاجها الطفل تأثير إيجابي على صحته العقلية والمزاجية دون اللجوء لأي عقاقير.
المصدر : منة جميل/ الجزيرة
اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،
يتعرّض الأطفال في أثناء الحروب للصدمة، وقد لا يكونون متحفّزين للتعلّم، لذلك تدمج المدارس والبرامج التعليمية خدمات الدعم النفسي والاجتماعي
تأثير الأب على الطفل يفوق تأثير الأم بل يصل إلى حد تغيير سلوكهم بشكل ملحوظ
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال