لم نعد نستغرب ما نسمعه، أحيانًا، عن زيجات حصلت بفعل تعارف جرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو ما نسمعه، أحيانًا أخرى، عن صداقات نشأت بفعل تعارف حدث بفضل هذه المواقع.. فقد أضحى لدى كلّ منا، وفي غمضة عين، مئات الأصدقاء على صفحات الويب.. بعضهم "ندردش" معه أكثر؛ لا بل نخبره بأمورنا وأسرارنا، وحتى الخطيرة منها، بدافع الثقة والمحبّة التي تراكمت مع الوقت..
هل حدث أن أنتجت هذه الصداقات فعلًا واقعًا حقيقيًا ملموسًا أفدنا منه؟ كم واحد منّا تحققت لديه هذه الحال، وأصبح لديه صديق انتقل من العالم الافتراضي إلى الواقعي ليصبح صديقًا يُعتدّ به؟ و كم منّا خُدع بهذا الصديق الافتراضي وذاك، لا بل وتحوّل وبالًا على حياتنا نودّ التخلص منه؟
الصداقة الإلكترونيّة Electronic friendship هي المعرفة القائمة على التواصل الإلكتروني، بشكل أساسي، من خلال وسائل الاتّصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي. وتسمى أيضًا الصداقة الافتراضيّة Virtual friendship، وقد تكون الاتّصالات الهاتفية جزءًا من هذه الصداقة، في حالات نادرة. لكنّ الميزة الأساسيّة لها أنّها تقوم على التواصل عبر وسائل الاتّصال من دون التواصل وجهًا لوجه.
السّؤال التالي: نسمع عن حالات ابتزاز عديدة قام بها "الصديق الافتراضي"؛ ولكن كي لا تكون أحكامنا مبرمة؛ هل هناك إيجابيات للصداقة الإلكترونيّة؟
هناك من وصفها بـــــ"صداقة عابرة للدول والجنسيّات"؛ ويقول إنّه في قائمة إيجابيّات الصداقة الإلكترونيّة تستطيع :
1- بناء علاقات صداقة مع أشخاص وثقافات ولغات أخرى.
2- البحث عن أصدقاء مناسبين في جوّ يكون من تنظيمك.
3- من السهل البدأ في التعارف بعيدًا عن الخجل الاجتماعي والخوف من ردّ الفعل السلبيّة المباشرة، وقد تنسحب إلى الفضفضة بمكونانتك.
4- التزام أقل وتوفير للوقت؛ إذ تختصر كثيرًا من الوقت، وتتحكّم به أيضًا فتردّ على الرسائل والمحادثات ساعة تشاء.
عمومًا؛ لا يمكن القول إنّ هذه الإيجابيًات قد تحدث مع الجميع؛ فكثيرون قد يقعون في فخ الإدمان على المحادثات التي لا طائل منها، وعلى جملة من تعارفات تافهة لا تقدّم لأصحابها أي قيمة مضافة إلى حياتهم. في المقابل يُطرح السّؤال التالي :
كشفت دراسة بريطانيّة حديثة أنّ الأشخاص الذين لديهم مئات الأصدقاء على صفحة الفايسبوك معرّضون لمضايقات ومحتوى غير لائق، أو على الأقل لا يتوافق ومبادئهم ومعتقداتهم الدينيّة المحافظة. وقالت الدراسة- أعدّها باحثون في جامعة “نوتغهام ترينت” البريطانيّة- إنّ الأشخاص الذين تضمّ حساباتهم مئات الأصدقاء الافتراضيين هم أكثر عرضة إلى تعليقات قد تدمّر سمعتهم، ذلك أنّه كلّما زاد عدد الأصدقاء بات من الصعب تحديد توجّهاتهم وسلوكهم.
إذ إنّ الأشخاص في الواقع يعرفون الذين يتعاملون معهم، وما الكلام الذي يصلح قوله أمامهم، في إطار الحدود الاجتماعيّة، لكنّ العالم الافتراضي يُلغي هذه الحدود وتتلاشى، خصوصًا عندما يشارك المستخدم معلوماته الخاصّة مع عدد من أصدقاء هذا العالم. ونتيجة لذلك، هو يفقد خصوصيّته، ويعرض نفسه لأضرار نفسيّة تطال سمعته، ويصبح ضحيّة لسوء استخدام الأخرين للبيانات.
من جهة أخرى؛ كشفت دراسة بريطانية أنجزت على ألف مستخدم للفيسبوك، من الفئة العمريّة التي تزيد عن 18 عامًا، أن متوسط الأصدقاء في حساب كلّ مشترك في الدراسة بلغ نحو 671 شخصًا. وعندما سئلوا عن عدد الأصدقاء الحقيقيين الذين يتواصلون معهم أكدوا بأنّهم 18 في المتوسط. وذكرت الدراسة أنّ 80 بالمئة من مستخدمي الفيسبوك، لديهم في قائمة الأصدقاء أشخاص غير مرغوب بهم، ونحو النصف تقريبا يسعون لتجنب هؤلاء الأشخاص في حال رؤيتهم في الشارع.
كما أوضحت الدّراسة أنّ الإبقاء على أعداد كبيرة من الحسابات الشخصّية لأشخاص غير مرغوب بهم، أو لا يعرفونهم معرفة مباشرة، مرجعه الفضول والرغبة في التلصص بين الحين والآخر على حساباتهم الشخصيّة. بالإضافة إلى كون هؤلاء الأشخاص غير المرغوب بهم قد يكون أحد أفراد العائلة أو زميلاً في العمل يصعب حذفه بسهولة.
ووجدت الدّراسة أنّ الأشخاص الذين يتحدثون مع أصدقائهم وجهًا لوجه أكثر سعادة بنسبة 50 بالمئة عن هؤلاء الذين يستخدمون مواقع الدردشة والتواصل الاجتماعي للسؤال عن أصدقائهم والتحدث معهم. وأكد الدكتور "سام روبرتس"، كبير المحاضرين في جامعة تشيستر البريطانيّة، أنّ هذه المواقع لا تساعد الناس على تكوين صداقات حقيقية.
وحول الصداقات الإلكترونيّة وإيجابياتها وسلبياتها خاصة مع زيادة إقبال المجتمع عليها في الحقبة الأخيرة، توضح أستاذة علم الاجتماع، في جامعة عين شمس الدكتورة سامية الجندي : "لا ننكر أن صداقات الإنترنت قرّبت المسافات بين البشر، في جميع أنحاء الدول .. فأنت تستطيع أن تتحدث إلى صديق تعرفه منذ سنوات ولكن الظروف الزمنية والمكانية باعدت بينكم.. "؛ واكن من ناحية أخرى، ترى "الجندي" أن غياب الرقابة على صداقات الإنترنت يحمل العديد من السّلبيات، ويظلّ محفوفًا بالمخاطر خاصة بالنسبة إلى المراهقين والأطفال. فللأسف من سلبيات هذا النوع من الصداقات أنه يجري في عالم افتراضي ومن وراء شاشة، فمن السهل جدًا أن يستخدم الشخص الكذب وانتحال شخصية مزيفة للإيقاع بالشباب والمراهقين، إضافة إلى أن هذه الصداقات قد تسمح بالمزيد من التجاوزات في المحادثات من دون وجود أي رقابة، والتي قد تتطرق إلى موضوعات غير أخلاقيّة.
وتستطرد الجندي:" يتجه المراهقون إلى محادثة أشخاص لا يعرفونهم، تحت مسمّى الصداقة الإلكترونيّة، قد توقعهم فرائس لأصحاب الضمائر الضعيفة، والذين قد يقنعونهم باسم الصداقة إلى التورط في علاقات مشبوهة أو القيام بممارسات غير أخلاقيّة. لذلك فلا بد من توخي الحذر جيدًا قبل الدخول في أي محادثات مع أشخاص غرباء وعدم الخوض في أي تفاصيل حياتيّة".
كما لا يمكن أن نغفل عن مسألة في غاية الأهميّة؛ وهي أنّ الابتزاز الالكتروني قد يأتي، في أغلب الأحيان، من بوابة الصداقة، وربما أكثرها شيوعًا؛ حيث يجري نسخ المحادثات الخاصة والاحتفاظ بها أو نشرها، فضلًا عن الابتزاز بالصور والمعلومات وغيرها.
- حافظ على توقعّات معقولة، ولا تتعامل مع الصداقة الإلكترونيّة على أنّها بديل للصداقة الواقعيّة.
- كن حذرًا؛ لأنّ الانترنت ليس مكانًا آمنًا أبدًا، هناك آلاف المحتالين على شبكات التواصل الاجتماعي الذي يسعون لتحقيق مكاسب مختلفة، قلا تكن ضحيةً سهلة.
- لا تقل كلّ شيء لأصدقاء الانترنت، لأنّ موثوقيّة الصديق الافتراضي غالبًا ما تكون أقل، واحتمال أن تكون أسرارك موضوعًا للنقاش في مجموعات الفيسبوك ليس احتمالًا بعيدًا.
- لا تشارك صورًا خاصة أو معلومات سريّة مع الأصدقاء الافتراضيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
- حافظ على قدر معقول من الاتصال بالعالم الحقيقي من خلال التواصل مع الأصدقاء الحقيقيين والمشاركة في أنشطة مشتركة.
كما لا يجب أن نغفل عن موضوع تكوين الفتيات والنساء لهذا النوع من الصداقات، والتي تجرّ عليهن وبالاً في معظم الأحيان. ففي دراسة إحصائية لمركز الأبحاث Pew في واشنطن - شارك فيها أكثر من 2250 مستخدما لمواقع التواصل الاجتماعي- بيّن في هامش الدراسة - 40% من الفتيات- عبّرن عن انزعاجهن من «الغايات السيئة» للشبان الذين يحاولون التعرّف إليهن. وهذا مؤشر خطير على أبنائنا وبناتنا ومستوى العلاقات، وإلى أي مدى قد تتطور، وآثارها النفسيّة والجسديّة والاجتماعيّة الخطيرة.
وحول الصداقات في العالم الإفتراضي، يتحدث المتخصص في التنمية البشرية الدكتور علي عباس:
نحن لسنا ضد العالم الافتراضي، ولكن نحذّر من الإدمان عليه وأن يكون محور حياة أبنائنا، وخاصة الفتيات والمراهقات، فقد يكون صديق العالم الافتراضي مطيّة لإضاعة الوقت وسلب العقول، والابتعاد عن الله ومرضاة الوالدين، والوقوع في جهل الصديق الافتراضي والانبهار به، والّنهاية لا تحمد عقباها.
المصدر: موقع أمان للأطفال- مواقع إلكترونية
يؤيد زعماء جميع الولايات الأسترالية الثماني وأقاليم البر الرئيسي الأسترالية الخطة بالإجماع،
مع أكثر من ملياري مستخدم في العالم، يتيح "واتسآب" للمستخدمين الآن تحويل رسائلهم الصوتية إلى نص مكتوب
تواجه شركة آبل دعوى قضائية جماعية جديدة تتهمها بالإعلان عن جهاز شائع لديها بشكل مضلل
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال