من تعرّضهم "للمحتوى الضار" عبر الشبكة. وفي مقابل ذلك؛ يرى خبراء الأمن السّيبراني أن ما طرحته الحكومة في قانونها، يستحيل أن يتمّ من دون إضعاف قدرات تشفير الرسائل النصية وتحقيق اختراق مباشر للخصوصية، وهو ما يرونه انتهاكا لحقوق الإنسان.
وبموجب القانون الجديد، ستُفرض رقابة على شركات التكنولوجيا لحماية المستخدمين من "المحتوى الضار" في كافة تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، ويشمل ذلك برامج الرسائل النصية المشفرة مثل "سيغنال" و"واتساب".
يوافق القانون على تطبيق تقنية مراقبة تعرف باسم "المسح من جانب العميل" أو "المسح الضوئي الاستباقي"، تقوم بالبحث عن أي "محتوى ضار" تضمنه الرسالة التي يرغب الشخص بإرسالها، قبل الضغط على زر إرسال، كما تتحكم التقنية في حجب أنواع محددة من المحتوى، مثل مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال والمواد الإباحية وبيع المخدرات والأسلحة والإرهاب.
كما يمنح القانون سلطة مطلقة لجهاز تنظيم الاتصالات "أوفكوم" بطلب المعلومات من مقدمي الخدمة على الإنترنت، كما يفرض عقوبات تصل إلى السجن، في حال رفض مديري تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي الكشف عن المعلومات.
إلغاء تشفير الرسائل
اعترضت 5 شركات تكنولوجية على التقنية التي وافق عليها القانون، ففي رأيها أنّ الأثر السلبي لمثل هذه القوانين سيمتد أثره لدول أخرى معادية التي قد تسيء استخدام مثل هذا القانون ضد نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين. وصّرح الرؤساء التنفيذين للتطبيقات الثلاثة الأكثر رواجًا في لندن، "واتس أب" و"سيغنال" و"إيليمنت" لصحيفة "إيفنينغ ستاندرد"، إن تطبيق هذا القانون يتيح مراقبة جماعية للرسائل الشخصية الخاصة، وهذا قد يؤدي إلى تدمير سمعة لندن كوجهة لرجال الأعمال.
ورغم محاولات الحكومة المتكررة في إضافة تعديلات على عدة بنود في القانون حتى يوليو/تموز الماضي، فإنّ رؤساء شركات التطبيقات لم يروها مجدية، معتبرين أن تمرير نص قانون "مبهم" من دون إجراء تعديلات جوهرية عليه، يفتح الباب لإلغاء ميزة "التشفير من طرف إلى طرف" التي تستخدمها معظم تطبيقات الرسائل النصية في تشفير الرسائل المرسلة.
وفي تصريحات لشركة "إيليمنت" المطوّرة لبرامج الدردشة المخصصة للجيوش، وضحت فيها أنّ أي محاولة لإضعاف ميزة تشفير الرسائل بهذه الصورة، لن يدمر الخصوصيّة فحسب، بل سيسهّل جرائم القرصنة الإلكترونية، وقد يصل الأمر إلى حد تهديد الأمن القومي.
يقول المعترضون إنّ نصّ القانون بصيغته الحالية يمنح السلطة للتجسس على الجميع وقراءة رسائلهم، ولا ضمانة لعدم تنفيذ ذلك سوى وعود المسؤولين بالمحافظة على الخصوصيّة، وهو ما اعتبره المسؤولون في "واتساب" اختراقا غير مسبوق للخصوصية، وهدّد على إثر ذلك بالانسحاب من تقديم الخدمة في المملكة المتحدة.
قانون بلا سياسات
يعّرف خبراء السياسات سياسة القوانين المبهمة باسم "قانون الهيكل العظمي"، وقد أوضحت مستشارة السياسات في مركز "آ بي تيغريتي" للسياسات التقنية مونيكا هورتون: "إن وضع قانون "سلامة التصفح الإلكتروني" الحالي ينطبق عليه الوصف نفسه، فهو قدم تشريعا كالعظام العارية بلا لحم (سياسات)، وقد تعمّد المشرع عدم وضع آليات واضحة، ليفتح المجال أمام سلطة مطلقة تسمح لهم بالتطفل على الخصوصيّة".
فقد أجرى خبراء "مركز الأبحاث الوطني للخصوصية وتخفيف الأضرار عبر الإنترنت" التابع لجامعة بريستول، أبحاثًا معمقة عن تأثيرات القانون، خلال إجراء تقييمات للأدوات التقنية التي ستستخدم من خلاله.
وقال مدير المركز "أويس راشد"ط : "إنّه حتى لو لم تقم أي من الأدوات بإضعاف أو كسر بروتوكول التشفير "من طرف إلى طرف"إي 2 إي إي"، فإنه -بكل أسف- لا ضمان لسرية الاتصالات أو استمرار عملية التشفير بعد تفعيل تقنية المسح الضوئي الموجودة في القانون. وأضاف "راشد" أنّ القانون لن ينتهك خصوصية البالغين فحسب، بل سينتهك خصوصية النساء والأطفال الذي اراد القانون حمايتهم من الأساس، وقد أرسل المركز للبرلمان توصية رسمية من 70 خبيرا وباحثا في الأمن السيبراني، يطالبون فيها الحكومة بإعادة النظر في القانون، لما يشكله من تهديد لحقوق الإنسان. وأوصى الخبراء بضرورة إجراء تسوية متوازنة، تضمن الحفاظ على حق الطفل الأساسي في "الأمان عبر الإنترنت"، دون المساس بحق الجميع بالخصوصيّة.
المصدر : الجزيرة
كشفت دراسة جديدة عن أسلوب شائع في كتابة الرسائل النصية قد يؤثر سلبًا على كيفية إدراك الناس لصدق المرسل.
الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام،
أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بالعام 2023
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال