النداء الذي تُطلقه هذه السّيدة بحرقة، والمشاعر التي تحاول التعبير عنها بغصّة، والحرص الواضح لحماية ابن صديقتها، والألم الذي تختزنه من وضعيّة هذا الطفل، يتوجه إلى كلّ شخص منا، مباشرة أو غير مباشر. فالقضيّة التي تُثيرها على قدر كبير من الأهمّية، خاصّة وأنّها أصبحت ظاهرة منتشرة، تكاد تخترق البيوت كلّهان وتطالنا جميعًا.
لكن بالرغم من خطورة ما تطرحه بصدق وألم، هل الحلّ الذي تقترحه بسحب "التلفونات و"آي باد" وغيرهما من الأطفال هو الحلّ الأنسب والأكثر فاعليّة لمعالجة هذه المشكلة؟ وهل صحيح أنّ الهاتف هو المسؤول "الوحيد" عن ما وصل إليه الطّفل من عصبية، وعنف....؟ هل المشكلة تقنيّة؟ أم أنها تعكس وضعيّة مجتمعيّة وتربويّة؟
كثيرة هي التساؤلات التي يطرحها "الفيديو" حول تعلّق الأطفال بالهواتف الذكيّة وغيره من "الألعاب" الإلكترونيّة؛ لدرجة أصبحت هذه الظاهرة أقرب لأن تكون نوعًا من "الإدمان" الذي يعتاده هذا الطفل أو ذاك، ويمارسه بشغف، وبتعلّق به بقوة.. فقد غدت هذه الظاهرة قضيّة تربويّة، وغير مرتبطة بأسرة واحدة فقط.
إزاء هذا الواقع، قد يكون من المفيد والضروري أن نفكر معًا في هذه المشكلة التي تُثيرها هذه السّيدة، ونناقش ما تقدّمت به، لعلّنا نصل إلى نقطة تلاقي حول ما طرحته، ونُعمّق التفكير في المشكلة من خلال وضعها في إطارها الأوسع، للحدّ من تداعياتها السلبيّة. لذلك؛ فإنّ مضمون الفيديو وما قالته السّيدة يطرح العديد من القضايا المشابكة والمتداخلة في الوقت نفسه، والتي تدخل في أسباب هذه المشكلة، لكن يمكن اختصارها، أو الإشارة إلى أبرزها على النحو الآتي:
بناءً على ما تقدّم، هل يمكن التسليم بالحلّ الذي قدّمته السّيدة في الفيديو والمتثل في "سحب التلفونات من الأطفال" و"سحب الشاشات من الأطفال"؟ من الواضح أنّ الحلّ الذي قدمته السّيدة نابع من حرصها على طفل رفيقتها، وعلى الأطفال كافّة، وخوفها عل صحتهم. وهي تعبّر عن مشاعر إنسانية راقية من دون أدنى شكّ؛ خاصّة وهي تشير إلى أنّ التعرّض لوقت طويل "للأشعة"، سيكون له تأثيرات سلبية على "قشرة الدماغ"، لجهة "لتخطيط والتنظيم وإتخاذ القرارات والتحكّم بالتصرفات، وعلى "العواطف" .....الخ. لكن هل يمكن، رغم كلّ ما قالته، القبول بهذا الحلّ؟
إنّ القرارات السّريعة تبدو مضرّة، كما هي مضرّة تمضية السّاعات الطويلة على الهاتف المحمول، كما على غيره من الألعاب. لأنّ كلّ شيء زاد عن حده، ستكون نتائجه غير سويّة. كما أنّ سحب الهواتف والشّاشات على أنواعها من الأطفال يبدو وكأنّه "سحب" تواصل الأطفال عن التكنولوجيا ومستجداتها. وذلك؛ لأنّ الحلّ المقترح من السّيدة يطرح العلاقة بين الطفل والتكنولوجيا. وهذا موضوع قائم بذاته. فهل الهاتف أو غيره من الوسائل التنكنولوجيا كلّه يحمل ضررًا؟ وهل لا يُتنتج عن هذا الاستخدام إلا الضرّر والنتائج السلبيّة؟
نعتقد أنّ شدة الحرص على الأطفال، وصولًا إلى سحب الهاتف سيكون قرارًا غير حكيم. لماذا؟ لأنّه يبدو قرارًا متسرعًا من جهة، ويتجاهل العديد من القضايا التي أثيرت ولُفت النظر إليها من جهة ثانية، ويستسهل تحديد الخلل ويحصره في الهاتف فقط من جهة ثالثة، ويترك الطفل في أزمته من جهة رابعة، ويتعامى عن واقع الأسرة ومعرفة أوضاعها من جهة خامسة، ويقطع العلاقة بين الطفل/ الأطفال والتتكنولوجيا من جهة سادسة.
لذلك قد يكون من الأفضل التفكير في الأسباب الإضافيّة، أو المحتملة الأخرى التي أوصلت الطفل أبن الثلاث سنوات لما هو عليه من توتر وعصبيّة وعنف....الخ. مع الإشارة إلى في النهاية إلى أمرين: الأول، إنّ سوء استخدام أي لعبة هو بحدّ ذاته مُضرًأ. والثاني هو أنّ مرحلة الطفولة المبكرة لها خصائصها الخاصة، والتي علينا - الأهل والراشدون- أن نحترمها وندركها بدقة.
المصدر: شوكت اشتي/ موقع أمان الأطفال
اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،
يتعرّض الأطفال في أثناء الحروب للصدمة، وقد لا يكونون متحفّزين للتعلّم، لذلك تدمج المدارس والبرامج التعليمية خدمات الدعم النفسي والاجتماعي
تأثير الأب على الطفل يفوق تأثير الأم بل يصل إلى حد تغيير سلوكهم بشكل ملحوظ
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال