في بيتك مراهق صعب.. كيف تميز بين حاله "المزاجية" وشخصيته "الحدّية"؟

في بيتك مراهق صعب.. كيف تميز بين حاله

بماذا يشعر المراهق المصاب باضطراب الشخصية الحدية، وما الذي يدفعه للقيام بسلوكيات غير مقبولة؟

في بعض الأحيان؛ يتصرف المراهقون من دون تفكير فيما إذا كانوا سيقعون في مشكلة ما، حيث تكون التصرفات والأفكار والمشاعر الخارجة عبر شخصياتهم جزءًا من تجربة المراهقين النموذجية. وفي أحيان أخرى قد تطغى العواطف على المراهق، وربما تتحكّم في تصرفاته، وقد يقضي بعض المراهقين أيضا الكثير من الوقت في القلق المفرط بشأن المواقف الاجتماعية.

وعليه؛ من المهم أن يكون الأهل قادرين على التمييز بين الحال المزاجية "النموذجية" للمراهقين، وعلامات حال الصحة العقلية مثل اضطراب الشخصية "الحدية".

علامات اضطراب الشخصية الحديّة

تقول الأختصاصيّة النفسية للأطفال والمراهقين أسماء طوقان: "يُعرف اضطراب الشخصية الحديّة بأنه نمط مستمر من عدم الاستقرار في العلاقات مع الآخرين، وفي صورة الذات والاندفاعية الواضحة واضطراب المشاعر، ويبدأ منذ البلوغ الباكر، ويمكن تشخيصه في سن المراهقة، أي قبل سن الـ18 في حال استمرت أعراضه لمدة سنة على الأقل عند المراهق".

وتوضح طوقان أنه يوجد عدة عوامل تسهم في ظهور اضطراب الشخصية الحدية عند المراهقين، منها:

1-    عوامل وراثية، وهي تؤدي دورًا في اضطرابات الشخصية، حيث يكون للجينات دور مهم في تشكيل هذه الشخصية.
2-    البيئة العاطفية، وغيرها من الاضطرابات النفسية الأخرى مثل الاكتئاب والقلق، فهذه تزيد من احتمالية ظهور الشخصية الحدية.
3-    العلاقات الاجتماعية، فالتجارب السّلبية للمراهق، مثل التنمر والرفض والشعور بالدونية والتعرض الى اعتداءات جنسية، تسهم أيضا في تطور هذه الشخصية.

اختلافات واضحة

وتقول طوقان إن اضطراب الشخصية الحدية يظهر بالطريقة ذاتها عند المراهقين والبالغين، إلا أن هناك بعض الاختلافات الواضحة عند المراهقين مثل:
1-    التعامل مع التغيرات العاطفية: فقد يكون هناك مزيد من التقلبات العاطفية نتيجة للتغيرات الهرمونية والنضج العقلي الذي يمر بهم، مما يمكن أن يزيد من حدة أعراض اضطراب الشخصية الحدية.
2-    تأثير العوامل البيئية: المراهقون عادة معرضون لتجارب الضغط الاجتماعي والنفسي أكثر من البالغين، وهذا يمكن أن يؤثر على تطور وتقدم اضطراب الشخصية الحدية بشكل مختلف.
3-    الاستجابة للعلاج: المراهقون قد يستجيبون بشكل مختلف لأنواع معينة من العلاج، وقد يتطلّبون نهجًا مختلفًا أو تعديلات في العلاج مقارنة بالبالغين، ولكن إمكان تعديل سلوكهم وتحسنهم تكون بشكل أفضل وأسرع من البالغين.

سلوكيات غير مقبولة

ولكن بماذا يشعر الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية، وما الذي يدفعه للقيام بسلوكيات غير مقبولة؟

تشرح طوقان بأن المصابين باضطراب الشخصية الحدية في الحب والعلاقات العاطفية يعانون مشكلات وعدم الاستقرار لسيطرة القلق والخوف من فكرة التخلي عنهم، وتظهر علامات الشخصية الحدية في هذه الحال بالانخراط في سلوكيات مبالغ فيها لمنع الطرف الآخر من تركه، والشعور بأنه ليس له قيمة، وأنه شخص فاشل لا يستحق الحب. وقد يقوم الأشخاص الذين يعانون من الشخصية الحدية بالانخراط في سلوكيات ضارة مثل إيذاء النفس في محاولة للتخلص من الألم النفسي، أو مشاعر الانزعاج والضيق الشديد.
طرائق علاج الشخصية الحدية.

هناك عدة طرق لعلاج اضطراب الشخصية الحدية، ومنها:

1-    العلاج النفسي.
2-    العلاج الأسري.
3-    العلاج الجماعي، وذلك عبر مشاركة الفرد في جلسات جماعية، فهذا يمكن أن يكون له فائدة كبيرة في تعزيز المهارات الاجتماعية وتقبل الذات.

متابعة سلوك المراهق

تقول المستشارة التربوية الأسرية الدكتورة أمل بورشك: "يبدو اضطراب الشخصية الحدية الناشئ عند المراهقين على شكل توتر في العلاقات الاجتماعية، وكثرة تقلب المزاج، وفقدان السيطرة على السلوكيات الاندفاعية، والغضب الشديد والانفعال، والخوف من الهجران، وانخفاض مشاعره لتعزيز ذاته، مع شعور ملازم بالفراغ والوحدة ما يؤدي إلى الانفصال عن الواقع، أو الشعور بالاكتئاب أو البحث عن وسائل تدمر ذاته".

وتكمن أهمية معرفة الفرق بين الحال النموذجية السائدة للمراهقين وأعراض الشخصية الحدية في متابعة سلوك المراهق في البيت والمدرسة ومع الأصدقاء، لأنها تساعد في تشخيص الوضع مبكرا، والبحث عن طرائق مختصة لمساعدة المراهق في التحكّم بانفعالاته وتوفير بيئة داعمة له، وفقًا لــــ"بورشك". وتؤكد أن هذا يلقي العبء على كل من حوله للتصرف بحكمة وتفهم، مع الابتعاد عن كل ما يهيج انفعاله ويدفعه لفقدان السيطرة على نفسه.

أهمية التعاون مع المدرسة

تنوّه بورشك إلى أهمية التعاون مع المدرسة في فهم حال المراهق، لأنها توفر فرصة الاستعانة بخبرات المرشد والمعلمين الهادئين والواعين لمثل هذه الحالات. وتنّبه الأهل للوقوف على أسباب انفعاله وطبيعة سلوكه مع أصدقائه ومعلميه، وأثر حاله على تكرار بعض ممارساته الشخصية، مثل إيذاء نفسه أو تكرار المشكلات في العلاقات الاجتماعية. ويضاف إلى ذلك احتياج المراهق لمدة من الزمن للعودة من ردّ فعله العاطفية القوية، والصعوبات التي يواجهها في التحدث عن مشاعره، وبالتالي متابعته والتحدث معه وتوعيته قدر الإمكان.

وتشدّد "بورشك" على ضرورة استشارة الأخاصاصيين النفسيين عند ظهور سلوك خطر، له ضرر ذاتي أو انتحاري أو مدمر مثل الإدمان، لمتابعة حال الاستيقاظ لديه ومدى تنظيم العواطف وفعالية التعامل مع الآخرين، وتحمّل الضغوط مع الحرص على عدم تضخيم الأمور والتحلي بالصبر وسعة الصدر.

مهارات علاجية

هناك علاجان أثبتا فائدتهما للمراهق الذي يعاني اضطراب الشخصية الحدية، وفقًا لموقع "ماكلين هوسبتل"، هما:

1- العلاج السلوكي الجدلي: هو علاج شائع لاضطراب الشخصية الحدية، ويستهدف معالجة "إيذاء النفس والسلوك الانتحاري". ويركز العلاج السلوكي الجدلي على أربع مجموعات مهارات منفصلة: تركيز كامل للذهن، تنظيم العاطفة، فعالية التعامل مع الآخرين، تحمّل الشدة.
2- إدارة الطب النفسي العام: هي طريقة مصممة للمراهقين، وتركز على تزويد المرضى الصغار بمهارات بناء الحياة اللازمة لفهم حالهم وإدارتها بشكل فعال، وتساعدهم هذه المهارات في التركيز على فكرة أنهم ليسوا مرضى، وأنهم يعيشون حياة طبيعة كاملة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

مواضيع مرتبطة

مراهقات في كوسوفو يشوّهن أنفسهن للمشاركة بتحدٍ على "تيك توك"

أفادت والدة إحدى الضحايا بأن أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم تسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع فيديو على "تيك توك"

كيف يتكيف النساء والآطفال مع ظروف النزوح وتحدياته في لبنان؟

وسط الحال الأمنية والنفسية الصعبة للبنانيين، يبرز التأثير الأكبر على النساء والأطفال، خصوصًا مع توقف العام الدراسي للكثيرين منهم

تجارب الأمهات في تعزيز قدرة الأطفال على الصبر والتحمّل

يتعلّم الأطفال من القدوة، لذلك الصبر معهم هو إحدى الطرائق لتعليمهم هذه الصفة.

كلمات مفتاحية

سلامة_نفسية