بمحاضرة قدّمها، مؤخّرًا، الباحث الكويتي علي عاشور بعنوان "فلسطين الحكايا والصورة: أدب الطفل وفلسطين"، استكمُل البرنامج الثقافي الذي تنظّمه "مكتبة تكوين" في الكويت العاصمة حول القضية الفلسطينية وتاريخها وأثرها في إنتاج الأدب.
انطلق عاشور من أنّ الأولوية في أدب الطفل، ليس التأسيس الأيديولوجي، بل الوعي والحساسية لكل مؤثرات العالم من حولنا. ومن هنا ننتقل إلى سؤال آخر: ما الموضوعات التي عالجتها المدوّنة القصصية الفلسطينية الخاصة بالأطفال؟
حرص كتّاب القصة على الاعتناء بالبُعد التاريخي للمكان، وتفاصيل قراه ومدنه والحديث عن حياة الناس اليومية، وعلاقتهم بالأرض قبل أن تحلّ جريمة النكبة العام 1948، ومن ثم انطلاق المقاومة الفلسطينية. ويمكن أن نلمح، وفقًا لــــ"عاشور"، خصوصية لمدينة القدس في هذه القصص. وهذا ما نلاحظه في أعمال عديدة مثل "فتاة اسمها مريم" لـــــ"خديجة بهبهاني" و"وفي يده حجر وقصص أُخرى" للينا كيلاني، و"حلمت مريم وصار الحلم حقيقة" لفاطمة أنور اللواتي، و"مفتاح العودة" لنور حسين، و"حمامة الأمنيات" لنور آل بو حميد.
المكان والذاكرة والمقاومة ثيماتٌ أساسية في أدب الطفل الفلسطيني
أما الحياة اليومية والقهر الذي يعانيه الإنسان الفلسطيني جرّاء الاحتلال الإسرائيلي، فبرز مع قصص مثل "لغز عين الصقر" لتغريد النجار، و"فلسطيني على الطريق: من الناصرة إلى بيت لحم" لسلمان ناطور، و"طائر الأرجوان: فلسطين، تاريخ وحكاية" لسمر البرغوثي، و"فلسطين" لريم متكور ونبيه الحجي، وهو كتابٌ موجّه لمن هم في مرحلة رياض الأطفال، و"بلادنا فلسطين: من الأرض إلى الياسمين" من أشعار جيكار خورشيد وصفية البكري.
أشار الباحث أيضًا إلى حضور ثيمة الذاكرة في بعض القصص، مثل "الخزّان" لآية البرغوثي، و"دولاب العيد" لمنال صعابنة، و"سماء سامية الملوّنة" لهدى الشوا وسامية حلبي، و"جدارية الحلّاج العجيبة" لرنا عناني ومحمد معطي، و"الجرّة التي صارت مجرّة" لابتسام بركات ووليد طاهر، و"ذاكرة منصور" لمحمد خالد، و"خلف الجدار" لنهى صالح.
أما المقاومةـ فهي من أبرز الموضوعات التي اشتغل عليها أدب الأطفال مثل "بلدي" لناهد الشوا، و"أجمل حلم" للسيّد أحمد العلوي، وشاهين والقمر" لبدور العيسى، و"الفلاح والتنين" لحسن الشريف، و"زهرة: وردة من مخيّم جنين" لطاري البكري، و"غزّة: الطفلة الشجاعة" لطارق البكري، و"الطائرة" لزكريا محمد، و"أبي" لأميمة علّيق، و"لقلق" لمحمود شقير، و"سرٌّ عجيب في كعكة القدس" لعزّة محمود العزة.
وختم الباحث بأنّ أهم جائزة لأدب الطفل على مستوى العالَم، لم تجد طريقها إلى أي عنوان مقدّم في السياق الفلسطيني، في حين ما تزال تُعطى بشكل مُنحاز لقصص من أدب الأطفال متأثّرة بالسرديات الصهيونية، مع ما فيها من عنف شديد، واستلهام لأساطير بائدة مثل أسطورة "الغولم" التي تحضر في الكثير من القصص المعاصرة، وهو ما من شأنه تعزيز الكراهية.
فهنا طفل استُشهد جميع أفراد عائلته في قصف صهيوني، لكنّه خرج من تحت الرُّكام يرفع راية النصر. إنّه جمال. وهناك سما؛ طفلة تعرّفت إلى أمّها من شكل شَعرِها، فقالت: "إنّها أمي..
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال