في عصرنا الحالي، حيث يتزايد الاعتماد على التكنولوجيا بشكل كبير، أصبحت الهجمات السيبرانية المتقدمة تهديدًا متناميًا يواجه الأفراد، والمؤسسات، وحتّى الدول بأكملها. هذه الهجمات التي أصبحت تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) لزيادة تعقيدها وفعاليتها، تتطلب استراتيجيات دفاعية متطورة للغاية للتصدي لها.
في هذا المقال، سنستكشف كيف يمكن تطوير وتنفيذ استراتيجيات دفاعية فعالة لمواجهة التهديدات السيبرانية المعقّدة، مع التركيز بشكل خاص على الإجراءات الوقائية.
وفقًا لخبراء من شركة كاسبرسكي(1)، من المتوقع أن يشهد العام الحالي زيادة في عدد الهجمات الإلكترونية التي تدعمها الدول، خاصةً مع تزايد التوترات الجيوسياسية. ويبدو أن هذه الهجمات ستشمل مجموعة متنوعة من التهديدات بما في ذلك سرقة أو تشفير البيانات، إلحاق الضرر بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، التجسس لأوقات طويلة، والتخريب الإلكتروني. وهذا شاهدنا جزءًا منه في لبنان مثل اختراق أنظمة المطار، اختراق موقع مجلس النواب، اختراق موقع وزارة الشؤون الاجتماعية واختراق الاحتلال الإسرائيلي لشبكة الاتصالات اللبنانية وغيرها، وذلك مع بداية معركة طوفان الأقصى.
الأصل والأساس هو فهم التهديدات السيبرانية المتقدمة، فهي ليست مجرد فيروسات وبرمجيات خبيثة تقليدية، بل تشمل هجمات معقّدة تستغل الثغرات الأمنية المختلفة، من الهندسة الاجتماعية إلى الثغرات البرمجية غير المكتشفة (Zero - day exploits)، إلى هجمات الفدية الإلكترونية وهجمات النقر الصفري Zero - Click Malwares وصولًا إلى التهديدات المتقدمة المستمرة التي تشمل حملات تجسس إلكتروني وسرقة معلومات استراتيجية، والتي تستمر في تشكيل خطر كبير على الأمن القوميّ والمؤسسات الكبرى. هذه الهجمات تؤكد على أهمية الاستثمار في تقنيات الكشف عن التهديدات والاستجابة لها بشكل سريع وفعال.
مع تطوّر الذكاء الاصطناعي، أصبح المهاجمون قادرين على تصميم برمجيات تتعلّم وتتكيّف مع إجراءات الدفاع السيبراني، ما يجعل التصدي لهذه التهديدات أكثر صعوبة. وإذا أردنا تبسيط استراتيجيات الدفاع السيبراني في عصر الذكاء الاصطناعي يمكننا الإشارة إلى:
أحد أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي، في الأمن السيبراني، هو في تحليل السلوك والكشف عن التهديدات. وذلك لأنه بفضل القدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة فائقة، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي وللقدرات الحاسوبية الهائلة التي أصبحت متوفّرة، تحديد الأنشطة المشبوهة التي قد تشير إلى هجوم سيبراني. على سبيل المثال، تغيرات غير متوقعة في حركة الشبكة أو في سلوك المستخدم يمكن أن تكون مؤشرات على وجود تهديد.
الاستجابة التلقائية للحوادث
بالإضافة إلى الكشف عن التهديدات، يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذ إجراءات استجابة تلقائية للحد من الضرر الناتج عن الهجمات السيبرانية. يمكن للأنظمة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي عزل الأنظمة المتأثرة عن باقي الشبكة لمنع انتشار الهجوم، وفي الوقت نفسه، إرسال تنبيهات لفرق الأمن السيبراني لاتّخاذ إجراءات إضافية.
من الضروري أيضًا تدريب الموظفين وتوعيتهم بشأن التهديدات السيبرانية وكيفية التصدي لها. فالهندسة الاجتماعية، والتي تشمل تقنيات مثل الخداع والتصيد الاحتيالي، تعتمد بشكل كبير على استغلال نقاط الضعف البشرية، ومن خلال توعية الموظفين بالممارسات الجيدة، مثل التحقق من هوية المرسلين وعدم النقر على روابط مشبوهة، يمكن تقليل مخاطر الهجمات الناجحة.
ثمة مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تصعّب عملية الهجوم مثل تطبيق التحديثات الأمنية بشكل مستمر، إذ يجب تحديث الأنظمة والبرامج باستمرار لإصلاح الثغرات. على سبيل المثال، تعرض العديد من المؤسسات لـهجمات الفدية الإلكترونية بسبب عدم تحديث أنظمتها. ويجب اللجوء إلى النسخ الاحتياطي الدوري للبيانات والعمل على تشفير البيانات عند نقلها لتجنب الخسارة في حالة الهجمات، كما حدث في هجمات الفدية التي أدت إلى فقدان البيانات الحرجة للشركات. ومن الإجراءات أيضًا استخدام أساليب الدفاع السلبي من خلال الفصل الفيزيائي أو للشبكات والبيانات الحساسة عن الانترنت وذلك يمكن أن يحد من انتشار الهجمات داخل المؤسسة.
في عالم يزداد تعقيدًا وترابطًا، يصبح التصدي للتهديدات السيبرانية المتقدمة تحديًا مستمرًا يتطلب استجابة متعددة الأوجه. من خلال الجمع بين تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والتدريب المستمر للموظفين، وتطبيق الإجراءات الأمنية الصارمة، يمكن للمؤسسات تعزيز دفاعاتها السيبرانية وحماية نفسها من التهديدات المستقبلية.
هوامش
[1] https://www.kaspersky.com/about/press-releases/2023_ahead-of-the-curve-kasperskys-projections-for-2024s-advanced-threats-landscape
علي أبو الحسن/ موقع العهد الإلكتروني
كشفت دراسة جديدة عن أسلوب شائع في كتابة الرسائل النصية قد يؤثر سلبًا على كيفية إدراك الناس لصدق المرسل.
الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام،
أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بالعام 2023
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال