شغلت قضية طالبة جامعة العريش القتيلة التي نُحرت أو انتحرت، اهتمام الشارع المصري وروّاد السوشيال ميديا، خلال الأيام القليلة الماضية.. بعدما تبيّن أن وراء تغييبها موتًا، وقائعَ استغلال نفوذ وتسلطًا وابتزازًا إلكترونيًا وإهانة وإذلالًا وقهرًا شديدًا مُورس كل ذلك عليها من زملاء لها، ذوي نفوذ، افترسوها معنويًا ونفسيًا.
قصة الطالبة، وهي في الفرقة الأولى في كلية طب بيطري العريش، وتدعى نيرة صلاح الزغبي (19 سنة)، تعود إلى يوم 24 فبراير/ شباط الماضي، عندما نُقلت من السكن الجامعي إلى مستشفى العريش في حال سيئة، حيث توفيت. التقرير الطبي للمستشفى، قال إن وفاتها ناتجة عن هبوط حادّ في الدورة الدموية، وادّعاء بتناولها مادة سامة مجهولة.
"نيرة طالبة جامعة العريش" أعانتها أسرتها، في كفاحها واجتهادها لنيل شهادة الثانوية العامة من بلدتها ميت طريف، التابعة لمركز دكرنس – محافظة الدقهلية في شمال شرق القاهرة.. ليدفع بها مجموعها إلى كلية طب بيطري العريش. وقبل أن تكمل عامها الأول في الكلية – منذ أسبوعين تحديدًا – سارعت أسرتها إلى العريش، إثر اتصال بنقل ابنتهم إلى المستشفى، ما إن وصلوا حتى صدمهم خبر وفاتها. الأسرة تسلمت الجثمان، وحملته إلى بلدتها، لتواريه الثرى.
كادت الواقعة تمُرّ في هدوء، لولا اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي، بآلاف التدوينات التي تكشف أن الوفاة ليست طبيعية، وتطالب بمحاسبة المتسببين في وفاتها قتلًا أو انتحارًا. جرى تداول صور لـ"بوستات" تحوي اعتذارًا من الفتاة لزميلتها شروق كمال ابنة أحد ضباط الشرطة (أوقفته وزارة الداخلية عن العمل)، وزميل آخر صديق لشروق يدعى طه إبراهيم.
الاعتذار كان مُهينًا ومؤلمًا للنفس، جاء على خلفية منشورات تهديد من شروق وطه، زعما فيها امتلاكهما صورًا فاضحة، سينشرانها، إن لم تمتثل نيرة بالاعتذار.
أقراص الغلّة السامة.
"النيابة العامة"، باشرت التحقيق، وأمرت باستخراج جثة "الطالبة نيّرة"، لتشريحها بمعرفة الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة، قطعيًا.. إن كان انتحارًا أم قتلًا. وقرَّرت حبس شروق وطه على ذمة التحقيقات بتهمتين هما: جناية إفشاء أمور متعلقة بالحياة الخاصة، كتابةً، مصحوبة بطلب الاعتذار، وجنحة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للطالبة "نيرة".
"بيان النيابة العامة" أظهر أن طالبة جامعة العريش عانت ضغوطًا نفسية شديدة ناشئة عن تهديد المتهمة الأولى "شروق" لها بنشر محادثات، اختلستها من هاتف نيرة، وأرسلتها إلى زميلها المتهم الثاني طه، والذي كتب على جروب "واتساب" أن لديه مراسلات وصورًا خاصة لـ "إحدى الطالبات"، مُهددًا بنشرها في الوقت الذي يختاره الطلاب على "الجروب"، إن لم تعتذر عما بدر منها من إساءة في حق "شروق".
"البيان" أفاد – وفقًا لشهود – بأنّ الطالبة نيرة اشترت ثلاثة أقراص من حبة الغلّة السامة، لكنه لم يقُل إنها تناولت هذه الحبوب، كما لم يُرجح فرضية القتل.. منوهًا إلى انتظار تقرير الطبيب الشرعي المنوط به تحديد أسباب الوفاة.
"حبة الغلة"، هي: قرص صغير من غاز الفوسفين مضغوط ومُركز، سام جدًا.. "الحبة" متداولة من دون قيود في مصر، يُستخدمها الفلاحون لحماية الغلال من التسوس والحشرات. وشاع استخدامها خلال السنوات الأخيرة في الانتحار لسهولة جلبها ورخص سعرها وسرعة مفعولها.
"الابتزاز الإلكتروني" جريمة مُستحدثة متكررة، في السنوات الأخيرة، تتمثل في تلويح الجاني للضحية المستهدفة، رجلًا أو سيدة، بنشر مراسلات أو مقاطع فيديو لها تكون بحوزته اختلاسًا، أو سرقة من هاتف أو تطبيق للتواصل الاجتماعي، إن لم تخضع لما يطلبه.
القانون المصري لا يذكر جريمة "الابتزاز الإلكتروني"، صراحة.. يتناول عوضًا عنها، جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة، وتهديد الضحية تهديدًا مقترنًا بمطلب منها؛ مثل ممارسة الجنس أو هتك العرض، أو مبلغ من المال، وغيره.
عقوبات هذه الجريمة تبدأ بالسجن ستة أشهر وغرامة أو إحداهما، وحتى السجن سبع سنوات، بحال اقتران الابتزاز بطلب أو جريمة ضد النفس أو العرض. وتتوفر خطوط اتصال تابعة لمباحث الإنترنت للإبلاغ عن هذه الجرائم.. غير أنَّ مصريين كُثرًا لا يميلون للإبلاغ عن وقائع الابتزاز، وكذلك التحرش الجنسي تجنبًا للفضيحة.
في شهر ديسمبر/ كانون الأول، في العام 2021، شهد انتحار فتاة من محافظة الغربية (بسنت خالد- 17 عامًا)، بتناول "حبة الغلة".. على خلفية قيام خمسة من شباب بلدتها بالضغط عليها وابتزازها بصور مُخلة خادشة لشرفها منسوبة إليها لممارسة الجنس معها جبرًا. الرسالة الأخيرة للفتاة المنتحرة، تركتها لأسرتها بأنها مظلومة وأن الصور مصطنعة. الجُناة، عوقبوا بالسجن من 5 إلى 15 سنة، بتهم الاتجار بالبشر واستغلال ضعف المجني عليها أمام تهديداتهم لها، بقصد استغلالها جنسيًا واعتدائهم على حرمة حياتها الخاصة، والمبادئ والقيم الأسرية، باستخدام شبكة الإنترنت.
تعكس القضية انفصامًا وتباعدًا في الجامعات بين الطلاب والأساتذة.. فقد ولدت الجريمة، وشاعت أخبارها على جروب الواتساب الخاص بطلاب الفرقة الأولى في كلية طب بيطري العريش التي ينتمي إليها الجناة، والضحية. ولكن إدارة الجامعة وأساتذة الكلية لم يحركوا ساكنًا لإيقاف هؤلاء الذئاب البشرية عند حُرمات الأخلاق والقيم الجامعية، وتوعية الطلاب بحدود الخلاف واحترام خصوصية الغير وتربيتهم أخلاقيًا؛ تعويضًا عما لم يتعلموه في بيوتهم.
الجزيرة نت+ مواقع إلكترونية
أفادت والدة إحدى الضحايا بأن أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم تسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع فيديو على "تيك توك"
وسط الحال الأمنية والنفسية الصعبة للبنانيين، يبرز التأثير الأكبر على النساء والأطفال، خصوصًا مع توقف العام الدراسي للكثيرين منهم
يتعلّم الأطفال من القدوة، لذلك الصبر معهم هو إحدى الطرائق لتعليمهم هذه الصفة.
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال