تأثير الألعاب الإلكترونية على الأمن السيبراني والخصوصية

تأثير الألعاب الإلكترونية على الأمن السيبراني والخصوصية

في عالم يزداد اتساعًا وتعقيدًا في مجال التكنولوجيا الرقمية، يبرز الأمن السيبراني والخصوصية كمحورين رئيسيين للحفاظ على سلامة وأمن المعلومات الشخصية والمؤسسية. ومع تزايد شعبية الألعاب الإلكترونية بين جميع الأعمار، يصبح من الضروري فهم كيفية تأثير هذه الألعاب على الأمن السيبراني والخصوصية، وما الذي يمكن أن يعنيه ذلك للأفراد، والعائلات، والمجتمعات.

الأمن السيبراني هو مجموعة الأساليب والتقنيات المستخدمة لحماية الشبكات، والأجهزة، والبرامج، والبيانات من الهجمات أو الدخول غير المصرح به. في ظلّ  تزايد الاعتماد على الأنظمة الرقمية، أصبح الأمن السيبراني لا غنى عنه لحماية المعلومات الحساسة والبيانات الشخصية من المخترقين الذين قد يسعون لاستغلالها في أنشطة غير قانونية أو ضارة.

والخصوصية، من ناحية أخرى، تشير إلى حق الفرد في الحفاظ على خصوصية بياناته ومعلوماته الشخصية. وفي العصر الرقمي، حيث يمكن جمع البيانات وتحليلها وتبادلها بسهولة أكبر وأسرع من أي وقت مضى، يصبح الحفاظ على الخصوصية تحديًا مستمرًا وضرورة ملحّة لحماية الأفراد من الاستغلال أو الإساءة.

الألعاب الإلكترونية، بكونها منصات رقمية متصلة بالانترنت، تعتبر هدفًا مغريًا للمهاجمين الذين يسعون لاستغلال الثغرات الأمنية، حيث يمكن لهذه الألعاب أن تكون بوابة لمخاطر متعددة مثل:

سرقة البيانات الشخصية والمالية: العديد من الألعاب تطلب من اللاعبين إدخال بيانات شخصية ومالية، مثل معلومات بطاقات الائتمان، التي يمكن أن تسرق إذا لم تكن اللعبة آمنة بما فيه الكفاية.

البرمجيات الخبيثة والفيروسات: قد تحتوي بعض الألعاب على برمجيات خبيثة تم تصميمها لإلحاق الضرر بالجهاز أو سرقة المعلومات.


التصيد والاحتيال: يمكن استغلال الألعاب لإرسال رسائل تصيد تحاول خداع اللاعبين للكشف عن معلوماتهم الشخصية.

ولقد كانت هناك حوادث موثّقة حيث تسببت ثغرات أمنية في الألعاب الإلكترونية في خسائر كبيرة، فعلى سبيل المثال، في السنوات الأخيرة، تعرضت ألعاب مثل "Zynga" في عام 2019 (1)، و"Town of Salem" في نهاية عام 2018 (2) لخروقات أمنية كبيرة. ففي حالة "Zynga"، تأثرت بيانات حوالي 172 مليون لاعب من اللاعبين بما في ذلك الأسماء، عناوين البريد الإلكتروني، وأرقام الهواتف في بعض الحالات. بالنسبة لـ "Town of Salem"، تسربت بيانات أكثر من 7 ملايين حساب تضمنت عناوين البريد الإلكتروني، كلمات المرور (بالرغم من كونها مشفرة)، وغيرها من المعلومات.

 

 

في ظلّ  التحديات السابق ذكرها، تبرز مخاطر أخرى مرتبطة بالألعاب الإلكترونية تتعلق بالتواصل داخل هذه الألعاب، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتفاعل مع الغرباء أو الأعداء ومخالفة القوانين المحلية. الألعاب الإلكترونية، بطبيعتها التفاعلية والاجتماعية، توفّر منصات حيث يمكن للاعبين التواصل مع أشخاص من جميع أنحاء العالم. هذا التواصل، بينما يمكن أن يكون إيجابيًا ومثريًا، يحمل في طياته مخاطر جدية تتمثل في إمكانية التواصل مع أفراد قد يشكلون خطرًا أو يحاولون استغلال اللاعبين الأصغر سنًا أو الأقل وعيًا بالمخاطر السيبرانية.

أحد الجوانب المقلقة يتعلق بمخالفة القوانين المحلية، حيث يمكن أن تشجع بعض الألعاب على سلوكيات أو ممارسات قد تتعارض مع القوانين أو القيم الثقافية في بعض المجتمعات. هذا يشمل، على سبيل المثال، الألعاب التي تتضمن عنفًا مفرطًا، جرائم ضدّ القانون، أو حتّى ترويج لأيديولوجيات معينة قد تكون محظورة قانونيًا في دول معينة، أو انها تتيح التواصل مع الأعداء بقصد أو غير قصد والذي يشجع على التطبيع.

 

إضافة إلى ذلك، تتجلى المخاطر في اكتساب عادات اجتماعية سيئة تتعارض مع التقاليد الثقافية للمجتمعات. الألعاب التي تعزز العنف، أو التمييز، أو أي سلوكيات سلبية أخرى، قد تؤثر على تصورات الأفراد وسلوكياتهم في الحياة الواقعية، خاصة بين الشباب الذين هم في مرحلة تشكيل القيم والمعتقدات. هذا يطرح تحديات كبيرة أمام الأهل والمربين في كيفية توجيه الأجيال الجديدة نحو استخدام مسؤول وآمن لهذه الألعاب، مع الحفاظ على قيمهم وتقاليدهم الثقافية.

للحد من مخاطر الأمان السيبراني وانتهاك الخصوصية في الألعاب الإلكترونية، يجب على الأهل والأولاد والمجتمع التقني اتّخاذ خطوات محدّدة مثل تحديث البرامج للتأكد من تحديث الألعاب وأنظمة التشغيل للحصول على أحدث التصحيحات الأمنية واستخدام كلمات مرور قوية، والحذر من الروابط والمرفقات عبر تجنب النقر على الروابط أو تحميل المرفقات من مصادر غير موثوقة داخل الألعاب واستخدام حلول الأمان المتاحة عبر تثبيت برامج مكافحة الفيروسات وأدوات الأمان الأخرى لحماية الأجهزة والأهم من ذلك هو توعية وتعليم الأطفال والمراهقين حول مخاطر الأمن السيبراني وكيفية التصرف بأمان على الانترنت.

 

في الختام، في عصر يزداد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، يصبح الوعي بالأمن السيبراني والخصوصية أمرًا ضروريًا للجميع. الألعاب الإلكترونية، مع كلّ متعتها وفوائدها، يمكن أن تشكّل تهديدات خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر. باتباع الإرشادات والممارسات الجيدة، يمكن للمجتمع الرقمي تقليل هذه المخاطر وضمان تجربة لعب آمنة وممتعة للجميع.

 يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من الأهل، المربين، صناع الألعاب، والسلطات التنظيمية لتطوير استراتيجيات فعالة تهدف إلى حماية اللاعبين من المخاطر السيبرانية والاجتماعية المتعلّقة بالألعاب الإلكترونية، مع تعزيز تجربة لعب إيجابية وبناءة تحترم القوانين المحلية وتقاليد المجتمعات المختلفة.

 

المصدر: موقع العهد الإخباري

 

مواضيع مرتبطة

الألعاب الإلكترونية وسيلة لقولبة العقول لا للترفيه المعقول..!

لعبة "روبلوكس" ولعبة "Subway Surfers" إذا كان طفلك يلعب فيهما ..أوقفه فورًا,,,

"روبلوكس".. اللعبة الأكثر شعبية والأكثر تسهيًلاً للاعتداء على الأطفال

تحولت اللعبة من عالم يمكن أن يحدث فيه أي شيء إلى شبكة مظلمة من التجارة بالأطفال والاعتداء عليهم مقابل العملات الرقمية الوهمية.