آخرها منصّة "سغو سي سي".. كيف تعمل منصّات الاحتيال على الإنترنت؟

آخرها منصّة

خسر مئات الآلاف من المصريين مدخراتهم، بين ليلة وضحاها، بعد أن اختفت منصّة "سغو سي سي" (SGO.CC)

وهي ظهرت للمرة الأولى على الساحة المصرية في يونيو/حزيران 2023، لتصبح بذلك ثاني منصّة تداول تسرق أموال المصريين وتختفي تمامًا من الساحة.
منصّة "سغو سي سي" (SGO.CC) هي منصّة تداول رقمية ترتكز على فكرة المراهنات الكروية، ولكن بدلًا من أن تضع رهانك على من يكسب المباراة، يكون الرهان على توقع النتيجة الخاطئة بنسبة يحددها المستخدم، ثم يحصل على مكاسب من المنصّة استنادًا إلى توقعه والنسبة الخاصة بها.

بعد أن استمرت المنصّة في العمل لمدة تقترب من 6 أشهر، جمعت خلالها مئات الملايين من الجنيهات على شكل إيداعات ورهانات من المستخدمين، فوجئ الجميع باختفاء المنصّة تماما، إذ أُغلق الموقع الخاص بها، وحُذف التطبيق من المتاجر الرسمية التي كان يعمل بها.

لكن كيف يمكن لمنصّة رقمية أن تجمع مئات الملايين من الجنيهات وتختفي في يوم وليلة من دون أي أثر؟ وهل يمكن أن تعود هذه الأموال لمالكيها؟ أم أنها ذهبت مع الريح؟

 

كيف تعمل الشبكات الاحترافية على الإنترنت

اتبعت منصّة "سغو سي سي" (SGO.CC) أسلوبًا معتادًا في الترويج لمنصتها ومحاولة إثبات مصداقيتها، إذ أوكلت هذه المهمة إلى كوكبة من المؤثرين ونجوم شبكات التواصل الاجتماعي في حملات ترويجية صادقة من طرفهم، وهو ما جعل العديد من متابعي هؤلاء النجوم يؤمنون في صدق المنصّة، وهذه كانت الخطوة الأولى للإيقاع بالضحايا.

تأتي الخطوة الثانية، وهي تقديم أرباح وهمية وصغيرة لهؤلاء الضحايا لتعزيز مصداقية المنصّة، وبناء شبكة ثانوية من المروجين، إذ تروّج المنصّة لنفسها على أنها منصّة مغلقة لا يمكن لأحد الدخول إليها إلا عبر دعوة تأتي من أحد المشتركين السابقين، وفي هذه الحال، يحصل المروّج والمشترك على عمولة ترويج وجذب عميل جديد.

بعد ذلك تبدأ عملية جني الأرباح، عبر بناء دورة متكاملة من تقديم الأرباح الضئيلة وجمع الرهانات من المشتركين، وكلما زاد حجم محفظة الرهانات الخاصة بالمشترك زادت نسبة الأرباح التي يحوز عليها، وهو ما أقنع الكثيرين بزيادة حجم استثماراتهم داخل المنصّة.

وجدت المنصّة غايتها في السوق المصري، وتحديدًا بين القطاعات التي لا تمتلك خبرة رقمية كافية، إلى جانب الطامعين بالمكسب السريع والسهل، ومع الأزمات الاقتصادية المتتالية التي يعيشها الشارع المصري، استطاعت المنصّة الوصول لأكثر من 80 ألف مشترك و500 مليون جنيه أي ما يتجاوز 10 ملايين دولار تقريبًا.

خطوات الرهان وعمليات الإيداع كافّة كانت تجري عبر طرائق وهمية لا يمكن تتبعها بشكل مباشر إلى المسؤول عن المنصّة، كما أنها كانت تروّج نفسها منصّةً دوليةً تعمل في الهند منذ العام 2022، ولأن كل شيء كان يحدث داخل خوادم المنصّة المغلقة، فمن المستحيل الوصول إلى بيانات خارجها تثبت هذه العمليات.

 

منصّة احتيال احترافية

روجت منصّة "سغو سي سي" (SGO.CC) نفسها في البداية بكونها منصّة هندية تعمل في أكثر من دولة حول العالم، وتمتهن الرهانات العكسية في كرة القدم، وذكر موقع مالوايرتبس (Malwaretips) أن المنصّة كانت تعمل في قطاعات احتيال أخرى إلى جانب عمليات الرهان العكسية.

إذ قدمت المنصّة نفسها في عدة دول حول العالم، ومع بعض المستخدمين، على أنها منصّة للعمل الحر عبر الإنترنت في مختلف دول العالم. وهذه العملية الاحتيالية كانت تسير بشكل مختلف تمامًا عن عملية الرهانات، إذ كان أحد الأشخاص المسؤولين عن التوظيف في المنصّة يتواصل مع الراغبين في العمل عبر الإنترنت ويرسل عروض عمل وهمية ذات عائد كبير، وعند تحقيق دخل ومحاولة سحب هذه الأرباح، تطلب المنصّة عمولة من أجل إتاحة الأموال وإرسالها لحساب المستخدم، وهو ما لا يحدث في العادة.

لم تكن هذه العملية رائجة في مصر، إذ ركزت المنصّة جهودها على عمليات السرقة عبر الرهانات العكسية، لكن يبدو أن بدايتها في الهند كانت عبر الوظائف الوهمية على الإنترنت، ومع اختلاف طريقة السرقة، إلا أن منصّة "سغو سي سي" (SGO.CC) هي ثاني منصّة تقوم بالاحتيال على المصريين في مئات الملايين من الجنيهات، وذلك بعد منصّة "هوغو" التي ذاع صيتها في العام الماضي، وكانت منصّة تداول في العملات الرقمية.

 

كيف تختفي هذه المنصّات؟

ترتكز العملية الاحتيالية التي تقوم بها هذه المنصّات من الناحية التقنية على جانبين أساسيين، الأول وهو بناء منصّة وهمية في إحدى الدول التي لا تتمتع بأمن سيبراني مرتفع ولا توجد مطاردة قانونية لجرائم الإنترنت فيها، مثل روسيا أو أوكرانيا أو دول البلقان وكوريا الشمالية والهند والصين وغيرها الكثير من الدول. إذ تقوم المنصّة ببناء خوادمها وتأسيس الموقع مباشرة في هذه الدولة، وعبر استخدام تطبيقات الشبكات الوهمية "VPN"، تخدع مزودي خدمة الإنترنت للاقتناع بأنها في دولة أوروبية أو عربية.

تأتي الركيزة الثانية على شكل طريقة سحب الأرباح والأموال من هذه الدولة، وقد تستخدم المنصّات أكثر من طريقة مختلفة لجمع الأموال، سواءً كانت عبر حسابات "باي بال" الوهمية أو بناء بوابات دفع وهمية لسرقة بيانات البطاقات وسرقة الأموال عبرها، وأيًا كانت طريقة سرقة الأموال، النتيجة واحدة، إذ تحوّل هذه الأموال إلى محفظة عملات رقمية، وهو ما يجعل تتبعها أمرًا شبه مستحيل. إذ تمتاز العملات الرقمية بالتشفير والأمان العالي، لذلك لا يمكن تتبع مصدرها أو موقع مالكها أو حتى هويّته، وهو ما يجعل الملاحقة القانونية لمثل هذه المنصّات أمرًا شبه مستحيل.

 

نماذج كثيرة من دون عواقب قانونية

عمليات الاحتيال عبر منصّات التداول منتشرة حول العالم، ولا يمكن أخذ الحذر الكافي لحماية المستخدم من هذه المنصّات، وربما كان ما حدث مع منصّة "إف تي إكس" (FTX) واختفاء مالكها أكبر مثال على عمليات الاحتيال عبر التداول. ومع أن "سام بينكمان فرايد" مالك منصّة "إف تي إكس" عاد إلى الولايات المتحدة وبدأ في دفع التعويضات، لكن هذه التعويضات لا تمثل شيئًا أمام المبالغ المهولة التي استطاع سرقتها ونقلها لحساباته الشخصية.

 

بالطبع، تعتمد جميع هذه المنصّات على عملية تحويل أموالها إلى عملات رقمية فورًا، حتى تخرج من دائرة القوانين المالية للدول المختلفة التي تعمل بها، وهذا ما يجعل الوصول إلى الأموال أمرًا مستحيلاً. وحتى إن تمكّنت السلطات من الوصول إلى مكان تخزين الأموال، فهذه المنصّات تعمل عبر عدة شبكات وهمية لتخفي موقع مالك المنصّة الحقيقي وهويته، لذلك يصعب للغاية تتبعها بشكل واضح أو حقيقي إلى المكان الذي يقبع فيه المالك، وذلك حتى بعد تدخل جهات الأمن الدولية مثل الإنتربول وغيرها من المنظمات الأمنية العالمية.

 

الحذر سيد الموقف

التجارب السابقة في عمليات الاحتيال المشابهة؛ تؤكد لنا أن عودة الأموال المنهوبة أمر صعب وربما مستحيل، لذلك، الوقاية خير من العلاج، إذ يجب على المستخدمين الامتناع كليًا عن استخدام هذه المنصّات، خصوصًا تلك المتعلقة بالمقامرة والتوقعات الوهيمة ومنصّات الرهانات مثل منصّة "سغو سي سي" (SGO.CC)، فهذا من الناحيّة الدينيّة هو يشبه لعب القمار والمراهنة وكلاهما حرام. 

وفي ما يتعلق بالمنصّات الأخرى، يجب على المستخدمين تأمين أنفسهم بشكل كامل قبل استخدام مثل هذه المنصّات المشبوهة. إذ تبدأ عملية التأمين هذه في التأكد من مصداقية المنصّة عبر البحث عن تاريخها في محركات البحث المعتادة، ثم أخذ الحذر عند إيداع الأموال وعدم ترك مبالغ مالية كبيرة في المنصّة.  

 

 

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

 

مواضيع مرتبطة

أسلوب شائع في المراسلة قد يجعلك أقل مصداقية

كشفت دراسة جديدة عن أسلوب شائع في كتابة الرسائل النصية قد يؤثر سلبًا على كيفية إدراك الناس لصدق المرسل.

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام،

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بالعام 2023 

كلمات مفتاحية

الأمن الإلكتروني