خاص "موقع أمان الأطفال"/ فاطمة فنيش
يحاول أولياء الأمور جاهدين توفير التعليم الافضل لأبنائهم: يسجّلونهم في أفضل المدارس، ويبحثون لهم عن أنجع الأساليب لبثّ حبّ التعلّم في نفوسهم.
لا يكتفون بذلك، بل لا يألون جهدًا لمتابعة تدريسهم بعد العودة من المدرسة، حيث تبدأ رحلة خاصة من المدّ والجزر قد تصل إلى فقدان السّيطرة على الانفعالات: تارة من ناحية الأهل- على وجه الخصوص الأم كونها الراعي الأساسي لتدريس الأبناء في المنزل - وتارة من ناحية الأبناء الذين يبحثون عن فسحة يتنفّسون فيها الصعداء بعد نهار شاق.
فما هو الحل؟ وكيف نضمن التوازن في حياة الأهل والأبناء بعد العودة من المدرسة؟ وما هي الخطوات الواجب اتباعها لتحصيل الفائدة؟
بداية، فلنرسم تصورًا لسير الأمور بعد العودة من المدرسة:
يصل الأبناء الى البيت، يضعون حقائبهم ويخلعون ملابسهم، ثم يتوجّهون إلى الطعام، ثم مباشرة إلى القيام بالواجبات المدرسية، أو "المعركة"، كما تسمّيها بعض الأمهات.
هذا الروتين الشاق بطبيعته، يصبح شاقًا أكثر إذا ما ترافق مع حمل الإيباد أو الهاتف والولوج إلى تطبيق "التيك توك" أو اليوتيوب وغيره. ذلك؛ لأنّ وسائل التكنولوجيا تسبّب الصداع والآم العين ووجع الرقبة والظهر وتُضعف القدرة على التركيز والحفظ. كما أنّ ضخّ الصور والمعلومات الذي يتلقاه الطفل المشاهد يفوق حجم طاقته، فيخرج من هذه التجربة متعبًا جدًا، فما بالنا إذا كان متعبًا بعد نهار تعلّيميّ طويل؟
لذلك؛ يجدر الالتفات إلى أنّ الأبناء يعودون من المدرسة منهكين، متعبين، جائعين، ومشتاقين للأسرة. لذلك أول ما يحتاجونه هو إعادة تنظيم طاقتهم ووقتهم بأخذ قسط من الراحة الجسديّة والامتلاء النفسي.
1. يشكّل روتين النظافة وتغيير الملابس وإرتداء أخرى مريحة فور الوصول إلى البيت؛ هي أهم خطوة لإعادة النشاط الى الأبناء.
2. يشكّل الجلوس إلى مائدة الغداء مع العائلة نشاطًا جماعيًا مهمًا جدًا للشعور بالحبّ والعطف، وتبادل الأحاديث حول ما يودّ الأبناء مشاركته مع أهلهم.
3. يحتاج الأبناء بعد تناول الطعام إلى التمدّد أو أخذ قسط من الراحة الذهنية قليلاً ليعاودوا نشاطهم.
كل ذلك يجب أن يحدث بعيدًا عن أي وسيلة من وسائل التكنولوجيا.
قبل تطبيق هذا الروتين؛ لا يمكن لنا أن نطلب من الأبناء فتح المفكرة والبدء بإنجاز الواجبات المدرسية؛ وإلا تحوّل الأمر إلى حلبة صراع بين أبناء يماطلون وأهل يحثّون.
نعم، لا بدّ من متابعة دقيقة ومواكبة وتحفيز وحثّ من الأهل، ولكن في الوقت المناسب. كما لا بدّ من تهيئة الجو المناسب لذلك: إطفاء التلفاز، ابتعاد الأهل عن هواتفهم، الجلوس في الغرفة نفسها مع الأبناء لمتابعة تدريسهم أو للمطالعة في أثناء تدرسيهم، بمعنى أن يقوم الجميع بنشاط تعلّمي محفّز.
ما يشكّل ضغطًا على الأهل، أيضًا، أن بعض المدارس تكثف الفروض والامتحانات، مع أنّ الوقت لا يسعف، ولذلك يضطرون إلى الضغط على أبنائهم لإنجاز ما عليهم قبل موعد النوم في المساء. لكنّ النتيجة تأتي مختلفة، فالضغط، في هذه الحال، سيعيق التركيز ويخفّض الرغبة بالدرس. ولعلّ الحلّ الأنسب في هكذا موقف، هو أخذ المبادرة بإعادة جدولة الفروض والدروس وفقًا للأوليات، بالشكل الذي يتيح للأبناء إنجاز الضروري فقط، على أن تُراجع المدرسة فورًا، والطلب تخفيض الدروس.
كل ما ذُكر، ينبغي أن يترافق مع الرّويّة والهدوء من الأهل، وعدم اللجوء إلى الصراخ والقمع والعقاب؛ بل إنّ حجم الضغط النفسي والزمني الذي يعانيه الأهل والأبناء، في ما بعد الظهر، ليس مسوّغًا للانفجار.
في الحقيقة؛ لا يجب أن نغفل عن أهمية تعزيز الصحة النفسية للأسرة، فهي الوسيلة الأساس لتحقيق النجاحات والتوازنات في أي عمل نقوم به داخل المنزل وخارجه. ولا يجب أن نغفل عن أهمية التنسيق العالي بين الأسرة والمدرسة، والمتابعة وتقديم الاقتراحات ومشاركة التجربة مع اإدارة، فالموقف والرأي الذي يصل من الأهل يشكّل أهم نقطة في إعادة تقييم الاستراتيجيات المدرسية وتحسينها.
كما أنّ كل عمل أو موقف يصدر من الأهل، عليه ان ينطلق من خلفية ثابتة مفادها: أن الأسرة هي المكان الذي يجد فيه الأبناء الراحة والتوازن، وهي الكنف الذي تنمو فيه مهاراتهم الاجتماعية والتواصلية والنقدية، فلا ينبغي أن يتحوّل المنزل الى مدرسة ثانية؛ لأي سبب من الأسباب.
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
لماذا نترك المنصّات العالمية لمواقع التواصل لاجتماعي تتحكّم بمنشوراتنا..ألا يمكننا في العالم العربي صنع منصاتنا الخاصة؟
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال