دبوس الذكاء الاصطناعي من شركة هيومان.. ثورة تقنية أم خدعة جديدة؟

دبوس الذكاء الاصطناعي من شركة هيومان.. ثورة تقنية أم خدعة جديدة؟

تعتمد وظائف دبوس الذكاء الاصطناعي على واجهة تعمل باللمس والأوامر الصوتية

في عصر يسعى فيه قطاع التقنية بأكمله جاهدًا لاكتشاف الجهاز الثوري القادم، والذي قد يزيح الهاتف الذكي عن عرشه، تتألق الابتكارات الجديدة بوعودها، ولكنها غالبًا ما تفشل في تحقيق التوقعات.

بالطبع، لم يكن مفاجئا أن يتصدر الذكاء الاصطناعي هذه المبادرات الجديدة، إذ بدأ فعلا يظهر داخل الهواتف وأجهزة الحاسوب المحمولة وغيرها، لكنه هذه المرة ظهر في جهاز جديد صغير، وهو دبوس يعمل بالذكاء الاصطناعي، من تطوير شركة "هيومان" (Humane) الناشئة، والتي يقودها مسؤولون سابقون من شركة أبل.

يسعى هذا الجهاز لإعادة تعريف تفاعلنا مع الأجهزة الرقمية، حيث تمكّنت الشركة من جذب استثمارات هائلة تعكس طموحها لتجاوز الأجهزة التقليدية وتقديم مستقبل يقلّ فيه اعتمادنا على الشاشات. ولكن، هل يحقق الجهاز الجديد الوعود الكبيرة التي يحملها، أم أنه يخفق في مسار الاستخدام العملي؟
ما هو دبوس الذكاء الاصطناعي؟

ببساطة، الدبوس هو مربع صغير يتميز بمظهر أنيق، يُثبت مباشرة على الملابس فيظهر كأنه أكسسوار عصري بدلًا من كونه جهازا آخر محمولاً، ويأتي بسعر 700 دولار لأقل نسخة. يمكن التحدث إليه وطرح الأسئلة عليه واستخدامه في أي مهمة أخرى. كما أوضحت الشركة، عند عرضه، كيف يمكنه ترجمة اللغات، وأداء بعض المهام الأساسية مثل تحويل أسعار العملات، وبإمكانه أيضا تعلّم أسلوب الشخص في الحديث حتى يتمكّن من إرسال رسائل بالصوت نفسه عندما يكتب رسائل نصية لأصدقائه وعائلته مثلا.

لكن مع بدء ظهور المراجعات الأولى لهذا الدبوس الجديد، أشارت مختلف المواقع التقنية التي جربته إلى وجود مشكلات حقيقية عند الاستخدام الفعلي. إذ لا يعمل الدبوس كملحق للهاتف، بل يمكنه العمل بصورة مستقلة تماما، حيث يستعمل رقم هاتف خاصًا به ويقدم إجابات على الاستفسارات إما بصوت عالٍ باستخدام صوت محاكاة أو بإسقاط نص أو صور على يد المستخدم بالليزر.

تعتمد وظائف دبوس الذكاء الاصطناعي على واجهة تعمل باللمس والأوامر الصوتية، بالإضافة إلى نظام العرض الذي يظهر المعلومات على راحة يد المستخدم، والذي يُعرف باسم "شاشة عرض الحبر بالليزر" (Laser Ink Display)، ويعمل بدقة (720 بي)، ومصمم للعمل ضمن مسافة محددة تتراوح بين 7 و14 بوصة من الجهاز. وبالرغم من كونها فكرة مبتكرة، لكن هذا النظام يواجه صعوبات في الاستخدام تحت ضوء الشمس المباشر، إذ تنخفض الرؤية بصورة واضحة عند الاستخدام.

لم يحقق الدبوس التوقعات المرجوة، إذ ذكرت المراجعات وجود بطء في أوقات الاستجابة، مع تأخير يصل إلى 10 ثوانٍ لإكمال المهام الأساسية، مثل إرسال الرسائل النصية، وهو أمر مُحبط لجهاز من المفترض أن يوفر تفاعلات أسرع وأكثر سلاسة من الهاتف الذكي.

خلال الاستخدام؛ كان الجهاز يميل إلى السخونة بصورة تثير القلق، ما يُعد عائقًا أمام جهاز من المفترض أن يرتديه المستخدم طوال اليوم. كما أن غياب وظائف حيوية مثل التحكّم في المؤقتات والتقويم، والتي من المقرر أن تقدمها الشركة في تحديثات مستقبلية، يعكس الاستعجال في إطلاق منتج قبل أن يكتمل تطويره بصورة مناسبة. وبالإضافة إلى ذلك، تشير إمكانات الجهاز في التعامل مع المكالمات والرسائل النصية وتشغيل الوسائط، عبر كاميرته بدقة 12 ميغا بكسل، إلى محاولة استبدال تجربة الهاتف الذكي أو استكمالها. لكنه يفشل في جوانب حاسمة، مثل إعداد رسائل التذكير أو تقديم التوجيهات، وهي من العناصر الأساسية في أي مساعد رقمي حالي يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

هل هو عملي؟

حتى إذا تغلبت الشركة على المشكلات التقنية، تظل هناك تحديات عملية تتعلق بجدوى تبني المستخدم للتفاعلات الرقمية القائمة على الأوامر الصوتية، وعرض الصورة باستخدام الليزر على راحة يديه. ذلك؛ لأن واجهات الأوامر الصوتية ربما تكون مفيدة في سياقات محددة، أو للتفاعلات السريعة فحسب، ولا توفر الكفاءة أو الخصوصية المطلوبة للمهام الإنتاجية كما يقدمها الهاتف الذكي مثلا.

كما يواجه الجهاز تحديات في التثبيت على الملابس في ظروف مناخية مختلفة وفي بيئات اجتماعية متنوعة، وربما يثير وجود كاميرا معلقة أمام الناس دائما مخاوف ترتبط بالخصوصية، حتى بالرغم من وجود ضوء يشير إلى التسجيل عندما تعمل الكاميرا؛ بينما يبرز تصميم الجهاز الجديد وتقنياته الأساسية رغبة شركة "هيومان" في الابتكار بما يتجاوز الأساليب التقليدية، إلا إن الجهاز يظل في جوهره مجرد فكرة نظرية أكثر من كونه منتجًا استهلاكيًا عمليًا جاهزًا للأسواق. أضف إلى ذلك سعره المرتفع، والتكاليف المستمرة للخدمات وغياب تطبيق مصاحب للهواتف الذكية يُسهل عملية استخدامه، عوامل تحد من جاذبيته للجمهور العام، وتجعله أكثر جاذبية للمهتمين بتجربة التقنيات الحديثة.

من جهة أخرى، قد يشكّل اختيار الشركة للعمل بصورة مستقلة عن أنظمة التشغيل الأساسية للهواتف الذكية والمعروفة عائقًا صعبًا أمام تبني المستخدم العادي لهذا الجهاز، ما يستدعي إعادة تقويم إستراتيجية وضع الجهاز داخل السوق. فمن المحتمل أن يكون الحل في تحوله إلى إكسسوار بأسعار معقولة أو دمجه مع منصات تقنية شائعة لضمان الحصول على قاعدة مستخدمين أوسع ومستدامة.

المصدر : الجزيرة + وكالات