د. جمال مسلماني/ خاص موقع أمان الأطفال
مع تسارع التطورات التكنولوجيّة ودخول ثورة الذكاء الاصطناعيّ من أبوابها الواسعة في كل مجالات الحياة، ومنها المجال الاستخباريّ، أصبح لزامًا على وكالات الاستخبارات العالمية مواكبة هذا التطور عبر دمج تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ في كل أدواتها وبرامجها وأنظمتها المعلوماتية التي تعمل على جمع أكبر قدر ممكن من البيانات المهمة من المستخدمين. ومن هنا تأتي التطبيقات التجسسّية التي أصبحت تتغلغل بشكل متزايد في حياتنا اليومية، ما يطرح تساؤلات حول حجم البيانات التي نتشاركها عند استخدام تطبيقاتنا المفضّلة، والتي نحسبها مفيدة لنا، إلا أن ما تخفيه هو أعظم وأخطر على خصوصياتنا الرقمية.
لذلك، يُعدّ Truecaller واحدًا من هذه التطبيقات التي تثير الكثير من الجدل بشأن خصوصية المستخدمين وأمان بياناتهم. فلنتعرّف أكثر إلى هذا التطبيق المثير للجدل والمخيف في آنٍ معًا.
ما هو تطبيق Truecaller وكيف يعمل؟
هو تطبيق هاتف ذكيّ يهدف إلى تحسين تجربة استخدام الهواتف المحمولة عبر توفير خدمات اتصال متقدمة، مثل تحديد المتصلين وحظر المكالمات غير المرغوب بها. يعتمد في ذلك على قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على أرقام الهواتف المحلية والعالمية، ويقوم بعرض معلومات حول الأرقام المجهولة عند استقبال المكالمات أو الرسائل النصية. وأسست شركة Truecaller في العام 2009 في السويد، وتديرها شركة True Software Scandinavia AB.
قبل التطرّق إلى Truecaller بشكل مفصّل، يجب أن نتحدث عن الظاهرة المتزايدة للتطبيقات التجسسّية التي تتوارى وتتلطّى خلف واجهة استخدام أو عناوين برّاقة وجاذبة، أو تلك التي تهمّ المستخدمين إما تحت غطاء أدوات وخدمات مفيدة (طبية، رياضية، غذائية، ..) أو عباديّة (تطبيق قرآن، تطبيق أنجيل، تطبيق عبادات، تطبيق زيارات وأدعية، ...) أو تلك التي يكون طابعها خدماتي (معرفة أرقام المتصلين، حجب الأرقام غير المرغوب بها، ...) أو ما يثير الفضول ويسعى الانسان دائما للسؤال عنه والحصول عليه تحت عناوين :" كيف اخترق كلمة سر الوايفاي، كيف اخترق حساب الفايسبوك، ...".. وغيرها الكثير التي لا يتسع المقال لذكرها كلّها.
إلا أن مجمل هذه التطبيقات تحمل في طياتها العديد من التهديدات والمخاطر، والتي تصل إلى درجة قد تتهدد حياة الانسان. نعم، لا تتفاجئ عزيزي القارئ، فالخطر كبير وداهمٌ جدًا خاصة في هذه المرحلة بالتحديد الذي يسعى العدو بكل عدّته وادواته التكنولوجية للوصول الى أهدافه البشرية والتجسس عليهم وتعقبهم وصولاً الى استهدافهم ولو كان ذلك على حساب أن يكون التطبيق تطبيقًا قرآنيًا أو عباديًا! فلذلك لا تتفاجئ! ويمكن ملاحظة ذلك عبر معرفة كمّ الأذونات والبيانات التي يعمل على جمعها مثل البيانات الشخصية للمستخدمين بما في ذلك الموقع والاتصالات، ومحتوى الرسائل وحتى الصور ومقاطع الفيديو وغيرها.
كما عرّفنا سابقًا، يُعد التطبيق في الأساس أنه أداة مفيدة لتحديد المتصلين ومنع المكالمات غير المرغوب بها، ولكنه يثير الكثير من القلق بشأن طريقة جمعه واستخدامه للبيانات الشخصية بصفته تطبيقًا يعتمد على قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على أرقام الهواتف ومعلومات الاتصال الشخصية. فهو يمكنه تحليل وتقديم معلومات دقيقة عن الأرقام المجهولة، وهذا النوع من التحليل يتجاوز حدود الخصوصية. بالإضافة إلى ذلك، يطلب التطبيق العديد من الأذونات عند التثبيت، بما في ذلك الوصول إلى المعلومات الشخصية ودفتر العناوين، ما قد يثير مخاوف بشأن استخدام البيانات وحمايتها.
من بين السلبيات الأخرى هو احتمال استخدام بيانات المستخدمين من أطراف ثالثة من دون علمهم. وهذا الأخطر في الموضوع حيث يمكن لوكالات الاستخبارات العالمية الحصول على كامل البيانات المجمّعة من التطبيق، وهذا يمثل تهديدًا كبيرًا على الخصوصية الرقمية وسلامة البيانات، وسنلقي نظرة سريعة مفصلة عن أبرز المخاوف والسلبيات:
- تجميع البيانات الشخصية: يقوم التطبيق بتخزين أرقام الهواتف ومعلومات الاتصال الشخصية للمستخدمين في خوادمه، ما يعرض تلك البيانات لخطر التسريب أو الاختراق.
- الطلبات المتكررة للأذونات: يتطلب عمل التطبيق أذونات وصول إلى المعلومات الشخصية والاتصالات ودفتر العناوين للمستخدم، ما قد يؤدي إلى انتهاك الخصوصية.
- مشاركة البيانات بشكل غير مرغوب فيه: قد يقوم المستخدمون بمشاركة دفتر العناوين الخاص بهم من دون علمهم، ما يعرّض بياناتهم للاستخدام غير المرغوب به.
- التطبيقات التجسسية والاحتمالات الأمنية: يُثير التطبيق مخاوف بشأن استخدامها من جهات غير معروفة أو غير مشروعة، ما يفتح الباب أمام الاستخدام السلبي لبيانات المستخدمين.
- التبعية والاعتمادية: يمكن أن يجعل الاعتماد المفرط على التطبيق أن يصبح المستخدمين ضحية سهلة لانتهاك الخصوصية، حيث يُسلّم جزء كبير من المعلومات الشخصية للتطبيق والشركة المالكة له.
- معرفة وظائف ومهن الأسماء المسجّلة: يكثر المستخدمين من حفظ أسماء الأشخاص بهوياتهم الوظيفية ومهنهم او اختصاصاتهم، وهذا يشكّل انتهاكًا للخصوصية فضلاً عن إفادة الوكالات الاستخبارية من البيانات الوظيفية، والتي لا يصرّح بها عادة صاحب الرقم عنها لسبب أو لآخر ما قد يعرضه لاحقًا للمساءلة أو الابتزاز أو للاستهداف الاستخباري وغيره، وبحسب نوع الوظيفة التي يعمل فيها.
لتوضيح خطورة استخدام التطبيقات التجسسية، يمكن النظر إلى حالات عملية حقيقية؛ حيث استخدمت بيانات المستخدمين بطرائق غير مشروعة، حين كشفت شركات تقنية كبرى عن تسريبات بيانات كبيرة فأدى إلى تسرب معلومات شخصية حساسة لملايين المستخدمين.
في عالم يزداد فيه التكنولوجيا تقدمًا بسرعة، يصبح الحفاظ على الخصوصية الرقمية أكثر أهمية من أي وقت مضى. إذا هدّدت الخصوصية الرقمية، فذلك يعرّض المستخدمين لمخاطر عديدة من الاحتيال الإلكتروني والتسلل الإلكتروني والابتزاز الالكتروني والاستخدام غير المشروع للمعلومات.
لحماية الخصوصية الرقمية، ينبغي على المستخدمين اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة عند استخدام التطبيقات والخدمات الرقمية. يشمل ذلك:
1. قراءة شروط الاستخدام بعناية.
2. مراجعة الأذونات التي يطلبها التطبيق.
3. تقويم مدى ضرورة استخدام التطبيق بالنسبة إلى احتياجاتك الشخصية، كما يمكن مراجعة المتخصصين في المجال التكنولوجي وخبراء أمن المعلومات والأمن السيبراني وسؤالهم عن أي شكوك تساورهم حول أي من الإشكاليات الرقمية وخاصة في موضوع التطبيقات.
4. متابعة موقع "أمان كيدز"، بشكل مستمر، للاطلاع أكثر على كل التحديثات المتعلقة بالأمن والأمان الالكتروني والتي تهدف الى سلامتكم الرقمية والشخصية.
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
لماذا نترك المنصّات العالمية لمواقع التواصل لاجتماعي تتحكّم بمنشوراتنا..ألا يمكننا في العالم العربي صنع منصاتنا الخاصة؟
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال