كيف تتأثر سلامتنا الرقمية بتطور الذكاء الاصطناعي؟

كيف تتأثر سلامتنا الرقمية بتطور الذكاء الاصطناعي؟

لا بد أننا جميعاً لاحظنا الاندماج المتسارع للذكاء الاصطناعي في تفاصيل حياتنا اليومية، ذلك يدفعنا للبحث عن وجود ترابط بين الحفاظ على السلامة الرقمية والذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي بخوارزمياته المتقدمة في تعزيز سلامتنا الرقمية.

حقيقةً وفّر الذكاءُ الاصطناعي حلولاً أكثر فاعلية لمكافحة التهديدات الرقمية بسبب قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، مما يسمح بالكشف المبكر عن التهديدات الرقمية والتعامل معها.

من التقنيات التي تساهم في تعزيز السلامة الرقمية تقنية التعرف على الوجوه المعتمدة على الذكاء الاصطناعي حيث تقلل من حالات انتحال الصفة على وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام صور الأشخاص دون إذن منهم، وأصبح شائعاً اعتماد ما يعرف ببصمة الوجه لقفل الأجهزة الرقمية والتي توفر بديلاً فعالاً لكلمات المرور وأرقام التعريف الشخصية PIN، يمكن لبعض الأجهزة المجهزة بقدرات التعرف على الوجه استخدام هذه التقنية للمساعدة في تحديد موقع الأجهزة المفقودة أو المسروقة، وذلك من خلال التقاط صور للمستخدمين غير المصرح لهم الذين يحاولون الوصول إلى الجهاز، يمكن للأفراد زيادة فرص استعادة ممتلكاتهم المفقودة أو المسروقة.

تلعب خوارزميات الاقتراح وتصفية المحتوى المدعومة بالذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في حماية البيئات الرقمية من المحتوى المضرّ من خلال تحديد الأنماط التي تشير إلى الأنشطة المضرة، يمكن لهذه الأنظمة تحليل المحتوى عبر الإنترنت في الوقت الفعلي، على سبيل المثال توفر منصات مثل Darktrace ActiveAI استجابة آنية لمواجهة التهديدات الرقمية وتحديد هذه التهديدات وحظرها مثل البرامج الضارة أو مواقع التصيد الاحتيالي أو المواد غير المناسبة قبل أن تصل إلى أجهزة المستخدمين.

أيضاً يتم استخدام الذكاء الاصطناعي للتحليل التنبؤي للتهديدات الرقمية أي بمعنى تحليل البيانات السابقة للهجمات الرقمية والتنبؤ بها قبل وقوعها مستقبلا، على سبيل المثال تعتمد أداة Cylance على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ وتجنب الأضرار الناتجة عن هجمات برامج الفدية.

على الجانب الآخر فإن تطور الذكاء الاصطناعي قد يساعد البعض على تشكيل تهديد حقيقي للسلامة الرقمية من خلال إساءة استخدامه، ومن أمثلة ذلك استخدام تقنيات التزييف العميق لانتحال صفة الأشخاص من خلال إرسال مقاطع صوتية لهم مولدة بتقنية التزييف العميق قد تتضمن ادعاءً بالخطف وتهديداً لأسرهم وابتزازهم مادياً أو تزوير وثائق التعريف الشخصية اعتماداً على تقنيات التزييف العميق المتقدمة في توليد الصور أو حتى توليد فيديوهات تبدو حقيقية لأشخاص قد تتضمن أفعالاً لم يقوموا بها، ثم ابتزازهم بها.

كما يستخدم بعض الهاكرز الذكاء الاصطناعي لإنشاء برمجيات ضارة متقدمة يمكنها تعديل التعليمات البرمجية الخاصة بها لتجنب اكتشافها والتهرب من حلول مكافحة الفيروسات التقليدية.

هناك أيضاً هجمات الهندسة الإجتماعية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي حيث يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة هجمات التصيد الاحتيالي وأتمتتها، مما يجعلها أكثر إقناعًا ويصعب اكتشافها، على سبيل المثال أحد أشكال هجمات الهندسة الاجتماعية استخدام رسائل البريد الإلكتروني التصيّدية التي تطلب معلومات شخصية بشكل غير مبرر، سابقاً كان من السهل اكتشاف هذه الرسائل بسبب التنسيق السيئ والأخطاء الإملائية، ولكن مع الذكاء الاصطناعي تتم إزالة الرسائل التقليدية، مما يجعل من الصعب حتى على الأشخاص الأكثر دقة اكتشاف محاولات التصيد الاحتيالي.

يعزز الذكاء الاصطناعي السلامة الرقمية من جهة، إلا أنه يضعنا أمام تحديات جدية للحفاظ على سلامتنا الرقمية من الجهة المقابلة، هذا يتطلب منا تركيزاً مضاعفاً للاستفادة من نقاط القوة التي يمنحنا إياها ومواجهة التحديات التي تعيق سعينا للوصول لبيئة رقمية آمنة.

 

 

المصدر: موقع سلامتك