OnlyFans...لترويج الإباحية واستغلال الأطفال جنسيًا.. ولدعم "إسرائيل"

OnlyFans...لترويج الإباحية واستغلال الأطفال جنسيًا.. ولدعم

في العام 2021، قامت حملة إعلاميّة وشعبيّة على الموقع بسبب مخاوف بشأن موادّ الاعتداء الجنسي على الأطفال،

ليس حديثًا مصطلح «الرأسمالية المتأخّرة» الذي استخدمه مفكّرون كثر لوصف نماذج متعدّدة من الرأسمالية في حقبات مختلفة منذ أن أطلقه الاقتصادي الألماني فيرنر سومبارت قبل أكثر من قرن. لكنّ المصطلح عاد ليأخذ حيّزًا واسعًا من النقاش، ولا سيّما في الولايات المتّحدة وكندا لوصف حالات الانحطاط وظواهره التي تتكاثر في البلدَين منذ مدة. 

إذ لم يكن الانقسام حولها ينحصر بين محافظين وليبراليّين، بل تعدّاها ليصبح بين الليبراليّين أنفسهم، إذ تزايدت أعداد الرافضين للتطرّف في مظاهر «اللبرلة». لذلك، يحتلّ موقع OnlyFans نقاشات كثيرة اليوم كونه أحد هذه «المظاهر»، بين مؤيّد له كونه وسيلةً مشروعة لتحقيق الربح المادي الشخصي في عالم «الليبرالية الفردانية»، وبين رافض له لما له من عواقب على المجتمع، وخصوصًا من ناحية الهوَس بثقافة «التعرّي» وتأثير ذلك على الشباب، إضافة إلى اتّهامات متكرّرة بإقحام قُصّر في عالم الدعارة، فضلًا عن استخدامه من أجل الترويج للقوات الصهيونية.

مَن يتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيّما X (تويتر سابقًا) ذات الشروط المتراخية في ما خصّ التعرّي الجزئي أو الكامل على المنصّة، لا بدّ له من أن يكون قد اصطدم ولو لمرّة برابط لموقع OnlyFans، وكثير منها انتشر بعد العدوان على غزّة ونشر مجنّدات صهيونيّات لهذه الروابط. للوهلة الأولى، يوحي الاسم بأنّ الموقع مخصّص للمشاهير من أجل نشر محتوى خاصّ لمعجبيهم. وهذا بالفعل كان الهدف المفترض من الموقع، قبل أن يصبح «وظيفة» لكثيرين يتلقّون رواتب تتخطّى بأضعاف ما يتقاضاه أيّ موظّف في وظيفة «عاديّة»، في مقابل لا شيء سوى نشر صوَر وفيديوهات لأنفسهم، وبعضها لا يُظهر أكثر من كتف أو قدم على سبيل المثال!

بناءً على ما سبق، توقّفت مراهقات كثيرات حول العالم، وخصوصًا في الولايات المتّحدة، عن متابعة تحصيلهن العلمي وتركن عملهنّ للتفرّغ لـ OnlyFans، وهو ما طرح إشكاليّات عدّة حول تماهي ذلك مع مبدأ «النسويّة» أو التعارض معه بنيويًّا. علمًا أنّ عددًا من الذكور يملكون أيضًا صفحات على الموقع وينشرون المحتوى مقابل المال. لكنّ انتشار هؤلاء أقلّ بكثير وكذلك المبالغ التي يتلقّونها مقارنةً بأقرانهم من الإناث. هناك أيضًا أزواج يختارون نشر المحتوى معًا وتقاسم الأرباح.


الثابت أنّ الموقع يتلقّى انتقادات كثيرة، ويرى منتقدوه أنّه خلق اقتصادًا خاصًّا به يشبه الفقاعة بما أنّه غير مبنيّ على حركة اقتصاديّة حقيقيّة، وأنّه يؤثّر على وعي الشباب وقيَم المجتمعات ويؤدّي إلى انحلالها، هذا إذا ما استثنينا الاتّهامات المتكرّرة للموقع بالمساهمة في نشر التحرّش الجنسي. إلّا أنّ لتلك الانتقادات جانبًا سلبيًا أيضًا، إذ باتت تطال ناشري المحتوى على الموقع وسهّلت التعرّض لهم والتنمّر عليهم، وبينهم من «أُجبِر» على الانضمام إلى الموقع بسبب الظروف المعيشيّة الصعبة.

بعد تجربة فاشلة له مع مواقع إباحية عدّة، أنشأ البريطاني تيم ستوكلي موقع OnlyFans في أواخر العام 2016، بقرض قدره 10 آلاف جنيه إسترليني من والده جاي الذي قال له «هذا القرض الأخير». أدار ستوكلي مع شقيقه ووالده الشركة الوليدة ومقرّها مدينة ريس البريطانية، قبل أن يستحوذ الملياردير الأميركي الأوكراني ليونيد رادفينسكي العام 2018 على 75 في المئة من شركة Fenix International Limited المالكة للموقع. يقدَّم الموقع على أنّه منصّة تسمح لمنشئي المحتوى بصنع خدمة الاشتراك الشهري الخاصّة بهم، حيث يمكن لمعجبيهم الاشتراك بصفحاتهم مقابل المال، بطريقة شبيهة لما استحدثته X و«ميتا» في ما بعد. كذلك يقدّم OnlyFans خدمة «الدفع مقابل المشاهدة» (PPV)، ويفتقر عمدًا إلى أيّ سياسة تقييد للمحتوى بما يتيح نشر التعرّي والمحتوى الإباحي. وتدفع الشركة 80 في المئة من الرسوم المحصّلة إلى منشئ المحتوى، فيما تحتفظ هي بالباقي.

ابتداءً من العام 2023، بات الموقع يضمّ أكثر من 170 مليون مستخدم. وبالرغم من التوجّه الإباحي للمستخدمين بشكل عامّ، إلّا أنّ بعضهم ينشر محتوى يتعلّق باللياقة البدنيّة أيضًا. لكن في السنوات الأخيرة، ولا سيّما بعد جائحة «كوفيد» والحجر الصحّي الذي رافقها، تزايد المحتوى غير الآمن للعمل (NSFW) على الموقع. إذ نمت قاعدة المستخدمين ومنشئي المحتوى بين آذار (مارس) ونيسان (أبريل) 2020 فقط بنسبة 75 في المئة. وبحسب صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية، فإنّه «اكتسب سمعة في الثقافة الشعبيّة لكونه خليّة موادّ إباحيّة». 

فوق ذلك، نما الموقع بسرعة أكبر بعد ذكر المغنّية بيونسيه له في ريمكس أغنية Savage للرابر الأميركية Megan Thee Stallion التي صدرت في نيسان من العام نفسه. وشهد العام 2020 أيضًا انضمام عددٍ من المشاهير إلى الموقع، بمن في ذلك كاردي بي وريبيكا مينكوف وتايلر بوسي، إضافة إلى انضمام شركات إعلاميّة مثل Munchies وBarstool Sport، ما عزّز من حيثيّة الموقع. وبحلول كانون الأوّل (ديسمبر) 2020، كان OnlyFans قد ضمّ أكثر من 85 مليون مستخدم، وأكثر من مليون مقدّم محتوى حقّقوا أرباحًا فاقت المليارَي دولار أميركي. وقد ذكر أحد تقارير «سكاي نيوز» في حينه أنّ القائمين على الموقع لم يدفعوا ضريبة القيمة المضافة لمدّة ثلاث سنوات، قبل أن تتحرّك السلطات الجمركية في بريطانيا وتفرض على الموقع دفع الضرائب منذ ذلك الحين.

الموقع خليّة لموادّ إباحيّة

في العام 2021، قامت حملة إعلاميّة وشعبيّة على الموقع بسبب مخاوف بشأن موادّ الاعتداء الجنسي على الأطفال، ما أدّى إلى إعلانه بأنّه لن يسمح بالمحتوى الجنسي الصريح منذ تلك المدة فصاعدًا. عندها، قامت حملة مقابلة من مقدّمي المحتوى والمستخدمين، ما اضطرّ الموقع إلى التراجع عن القرار بعد ستّة أيّام فقط وقبل دخوله حيّز التنفيذ، فأعاد السماح بالمحتوى الإباحي، مشيرًا إلى أنّ لديهم «الضمانات اللازمة» لنشره. وعلّقت «هيئة الإذاعة البريطانيّة» أنّ الموقع «فشل في منع المستخدمين القُصَّر من بيع مقاطع فيديو فاضحة والظهور فيها»، مستشهدةً بتقارير من الشرطة البريطانية ومدارس والجمعيات المعنية بالطفل. 

من جهتها، أعلنت النائبة الجمهوريّة في الكونغرس الأميركي آن واغنر عن تحالف من الحزبَين (الديموقراطي والجمهوري) يضغط على وزارة العدل للتحقيق مع الموقع بشأن استغلال الأطفال، مستشهدةً بتقارير من منظّمات تُعنى بالأطفال أفادت بحصول عمليّات إتجار بالقُصَّر وبالجنس على الموقع، وأطلقت عريضة وقّع عليها أكثر من مئة عضو في الكونغرس. نتيجةً لما سبق، أصدر الموقع تقريرًا ذكر فيه أنّه يستخدم مصنّفات التعلّم الآليّ للعثور على مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال (CSAM) وتمرير هذه البيانات إلى «المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغَلّين» (NCMEC).

العام 2022، منح OnlyFans «تحالف إنقاذ الأطفال» 500 ألف دولار من أجل مشروع يهدف إلى التحقيق في سلوك البالغين الذي يشكّل تهديدًا جنسيًّا للأطفال عبر الإنترنت. وفي 2023، دخل في شراكة مع أداة StopNCII.org التي تستخدم نظام دالة التجزئة لمنع انتشار الموادّ الإباحيّة الانتقاميّة وغيرها من عمليّات مشاركة الصوَر غير التوافقيّة. لكنّ كلّ ذلك لم يفلح في تغيير حقيقة ثابتة وهي أنّ الموقع بات مرتعًا للمتحرّشين والمعتدين ومستغلّي الأطفال، وبالطبع كلّ متضرّر من انكماش اقتصادي في العالم الحقيقي لمصلحة اقتصاد «فقاعة» كالذي يشجّع عليه الموقع. الطامة الكبرى أنّ OnlyFans ليس وحده، وهو كما أي فكرة أخرى «ناجحة» في عالم التكنولوجيا، يتمّ «استنساخه»، وهو ما يعطي لمحة عن العالم الذي نُقبل عليه.

مرتع للصهاينة أيضًا

يستقتل الصهاينة، أكانوا في الكيان المحتلّ أو في الولايات المتّحدة، لنشر المحتوى في أيّ مكان طالما أنّه يخدم جهودهم اليائسة في نشر البروباغندا الخاصّة بهم. دائمًا ما حاولوا تلميع صورة كيانهم الإجرامي، إمّا عبر نشر منشورات سياحيّة بعضها يستعرض مأكولات مشرقيّة مسروقة من المطبخَين الفلسطيني واللبناني، أو استخدام ألاعيب «البروباغندا البيضاء» عبر استغلال مجنّداتهم الإناث بطريقة ذكوريّة، أو حتى الذكور من المثليّين، من أجل الادّعاء – للمفارقة – بأنّهم «منفتحون» وداعمون لحقوق المرأة والمثليّين. والأسوأ، ظنّهم بأنّه يمكن تحفيز الشبّان على الانضمام إلى الجيش عبر استخدام صوَر المجنّدات، وغالبًا ما تكون ملامحهنّ أوروبيّة شرقيّة واضحة. 

هذا الأسلوب ظهر بعد العدوان الهمجي المستمرّ على قطاع غزّة، إذ انتشرت على منصّات مثل تيك توك مقاطع لمجنّدات يرقصن أو يستعرضن أسلحتهنّ مع تعمّد (اقرأ: تصنّع) الإثارة. لكنّ الرياح سارت بعكس ما يشتهيه هؤلاء. بدلًا من تقديم «صورة جميلة» أو «تحفيز الشبّان»، لاقت منشوراتهم انتقادًا وسخرية بسبب الطريقة اليائسة في محاولة كسب حرب المعلومات كيفما كان، فيما الجميع يدرك الحقيقة البعيدة كلّ البعد عمّا يحاولون تصويره. 

لقد أصبح OnlyFans إحدى وجهات الصهاينة، بما أنّه يتطابق مع أهدافهم (المعتقَدة) المتوخّاة من استغلال النساء. استخدمه مجنّدون لخدمة البروباغندا الصهيونية، بمَن في ذلك عارضات أزياء انضممن إلى قوات الاحتلال أو مجنّدون مثليّون ينشرون صوَرهم الإباحيّة معًا. لعلّ أبرز هؤلاء المجنّدة ناتاليا فادييف ذات الأصول الأوكرانية التي تنتشر صوَرها على مختلف منصّات التواصل بما في ذلك OnlyFans. 

كما كان موقع «ماركا» الرياضي الإسباني نشر تقريرًا عن فادييف في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي أفاد فيه بأنّ «الشابّة استجابت لنداء جيش الدفاع الإسرائيلي وانضمّت إلى الجيش في خضمّ الصراع»، ناقلًا عنها قولها عن الفلسطينيّين والمقاومة إنّهم «ليس لديهم ما يقدمّونه للإنسانيّة. علينا أن نمحيهم وندمّرهم». تصريح مثير للسخرية من شخص لا يقوم بشيء سوى نشر صوَر إباحيّة دعمًا لقوات ترتكب إبادة جماعيّة.

المصدر: جريدة الأخبار