أعلن عملاق مواقع التواصل الاجتماعي أخيرًا عن تغيير في سياسته العامة يسمح باستخدام الكلمة المحظورة على منصاته. وفي حين يبدو هذا التحوّل خطوة نحو المزيد من حرية التعبير للأصوات الفلسطينية على الإنترنت، إلا أنّ الخبر لا يعدّ انتصارًا مطلقًا. فقد تعمّدت «ميتا» إبقاء سياستها الجديدة غامضة، بطريقة تفتح مجالًا للتأويل، ما يقلل من التفاؤل الأوّلي الذي أحاط بالإعلان.
على مرّ السنين، واجهت شركة «ميتا»- وهي مالكة فايسبوك وإنستغرام وواتساب وثريدز- انتقادات كبيرة بسبب سياسات الإشراف على المحتوى التي تتبعها، بهدف إسكات الأصوات الفلسطينية وقمعها، والحدّ من قدرتها على مشاركة المعلومات حول تجاربها تحت الاحتلال. ومنذ بداية العام 2010، بُعيد حملة «أسطول الحرية» لغزّة، أبلغ نشطاء وصحافيون ومستخدمون عاديون فلسطينيون عن إزالة متكرّرة لمنشورات وتعليق مؤقت لحساباتهم، وصولًا إلى حظر دائم لمشاركة محتوى يتعلّق بالقضية الفلسطينية. وشمل ذلك توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والتعليقات السياسية، وحتى التعبيرات الثقافية.
بعد هبّة أيّار /مايو 2021، بلغت المشكلة ذروتها مع إبلاغ عدد من المستخدمين عن إزالة منشوراتهم أو تقييد حساباتهم. وعلى إثر انتقادات كبيرة في حينها، أقرّت «ميتا» بأنّ: «أنظمتها الآلية ارتكبت أخطاء في إزالة المحتوى»، ما أثر على الأصوات الفلسطينية. وأشار المنتقدون إلى أنّ خوارزميات الإشراف على المحتوى في «ميتا» تضع علامات على المنشورات باللغة العربية بمعدّل أعلى من تلك التي تأتي باللغات الأخرى، وهو ما ولّد اتهامات بالتحيّز ضد وجهات النظر الفلسطينية في أنظمة المنصّة الآلية.
في حين لا دليل مباشرًا على أنّ «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» (إيباك) تؤثر تحديدًا على سياسات إدارة المحتوى في «ميتا»، كانت هناك جهود من منظّمات ومجموعات ضغط مؤيدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي أثّرت على نهج منصات التواصل الاجتماعي في التعامل مع المحتوى الفلسطيني. ومن المهم ملاحظة أنّه بالرغم من أنّ تلك الأحداث تستند إلى معلومات أُبلغ عنها أو فُضحت، إلا أنّ المدى الكامل لتأثير هذه المنظمات على سياسات وسائل التواصل الاجتماعي ليس واضحًا دائمًا بسبب الطبيعة المبهمة لعمليات الإشراف على المحتوى وطبيعة عمل مجموعات الضغط الذي غالبًا ما يكون سرّيًا.
في تحوّل مهم في سياستها، رفعت «ميتا» رسميًا، أمس الثلاثاء، الحظر الذي فرضته على استخدام كلمة «شهيد» باللغة العربية، بعدما وجدت مراجعة أجراها مجلس الإشراف -تابع لها لكنّه يعمل «مستقلًا»- أنّ نهج عملاق منصات التواصل الاجتماعي كان «مبالغًا فيه»، وأن الكلمة كانت السبب في إزالة محتوى على منصات الشركة أكثر من أي كلمة أو عبارة أخرى. وكان المجلس نفسه قد انتقد الشركة بسبب «الحظر الشامل» على الكلمة، مع أنها قد تحمل معانٍ كثيرة، بحسب تعبيره. إلا أنّ سياسة «ميتا» السابقة لم تأخذ هذا «التعقيد اللغوي» في الحسبان، ما أدى إلى عدد غير متناسب من عمليات الإزالة بسبب كلمة شائعة الاستخدام.
بدأ مجلس الإشراف في «ميتا» مراجعة سياسة الشركة حول الكلمة منذ حوالي العام، وأوصى في نيسان/ أبريل 2024 بإلغاء الحظر على المصطلح بعد مراجعة استمرّت عامًا كاملًا. يومذاك، خرجت «هيئة الرقابة على معاداة السامية» مطالبةً «ميتا» بالإبقاء على حظر كلمة «شهيد»، مدينةً التوصية موضحة أنّ «كلمة شهيد مصطلح شرفي للقتلة، ويمكن عدّ توصية مجلس الرقابة في ميتا بمنزلة ضوء أخضر لتمجيد القتل»، كما جاء في بيان صادر عن الرئيس التنفيذي لحركة «مكافحة معاداة السامية»، ساشا رويتمان دراتوا. وأضاف: «نحن ندعو ميتا إلى تجاهل هذه التوصية الإشكالية جدًا والاستمرار في إزالة كلمة شهيد التي تُستخدم، بشكل كبير، لتمجيد الإرهاب وسفك الدماء».
دائمًا ما دعت منظمات حقوق الإنسان ومجموعات الحقوق الرقمية والمدافعون عن الفلسطينيين إلى مزيد من الشفافية في عمليات الإشراف على المحتوى في «ميتا» وإلى إجراء إصلاحات لضمان المساواة في معاملة الأصوات الفلسطينية على المنصة. وفي حين أنّ «ميتا» أجرت بعض التغييرات عبر رفع الحظر عن «شهيد» أخيرًا، إلا أنّ التحيّز المنهجي ما يزال قائمًا. فاستخدام كلمة «شهيد» ليس متاحًا بشكل كامل، إذا ما نُشرت مصحوبةً بكلمة أو أكثر تصنّفها الشركة ضمن «إشارات العنف الثلاث».
هي إشارات مختلفة لتحديد المحتوى الذي قد يكون مرتبطًا بالعنف أو المنظمات الخطرة والإشراف عليه. ومع أنّ الشركة لا تكشف عن جميع تفاصيل خوارزميات الإشراف على المحتوى لأسباب أمنية، إلا أنّ بعض العوامل المعروفة تشمل الكلمات الرئيسة والعبارات وتركيبات معينة ترتبط غالبًا بالمحتوى العنيف أو الأيديولوجيات المتطرفة، بما في ذلك المصطلحات المتعلقة بالأسلحة أو الدعوات إلى العنف أو أسماء المنظمات الإرهابية المعروفة، إلى جانب المحتوى المرئي، إذ تحلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي الصور ومقاطع الفيديو للكشف عن اللقطات العنيفة أو الرموز المرتبطة بالجماعات المتطرّفة أو المحتوى التصويري الذي ينتهك «معايير المجتمع». وأخيرًا، تشمل هذه الإشارات الأنماط السلوكية. فـ «ميتا» تبحث في أنماط سلوك المستخدم التي قد تشير إلى التورّط في محتوى تصنّفه عنيفًا أو متطرّفًا. وقد يشمل ذلك المشاركة المتكرّرة لمحتوى من مصادر أُبلغ عنها، والتغييرات المفاجئة في سلوك النشر والارتباط بحسابات مرتبطة بمحتوى «متطرّف».
لوبيات الضغط الصهيونية
- في العام 2016، تبجّح «المرصد الإعلامي الفلسطيني» (PMW) الذي تأسّس في العام 1996، بنجاحه في دفع فايسبوك إلى إغلاق صفحة حركة «فتح» الرسمية مؤقتًا. علمًا أنّ المرصد مؤسسة بحثية إسرائيلية تُعنى بدراسة المجتمع الفلسطيني من زوايا مختلفة، عبر رصد وتحليل ما يجري فيه من أحداث.
- تأسّست Stop Antisemitism في العام 2018، وهي منظمة مراقبة أميركية غير ربحية تركز على مكافحة ما يسمّى بـ «معاداة السامية»، كما تواجه «معاداة الصهيونية» أو ما يسميه العدو بـ «معاداة السامية الجديدة». بالإضافة إلى استهداف الجماعات والأفراد الذين ينتقدون كيان الاحتلال. وفي العام 2020، كانت جزءًا من تحالف ضغط على فايسبوك لتبنّي تعريف «معاداة السامية» الذي وضعته منظمة IHRA، ويحدّ من الانتقادات المشروعة لإسرائيل.
ــ أطلقت «وزارة الشؤون الإستراتيجية» الإسرائيلية في العام 2015 حملةً لمكافحة «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها». وبعد ثلاث سنوات، أصدرت تقريرًا تفاخرت فيه بأنّها تسببت في إزالة 70 في المئة من المحتوى الذي عدته «تحريضيًا» على السوشال ميديا.
ــ في العام 2019، كشف تحقيق استقصائي أجرته صحيفة The Forward عن جهود Act.IL، وهي خدمة تواصل اجتماعي أُطلقت في العام 2017 يستخدمها مؤيدو "إسرائيل" لمعارضة «المحتوى المعادي لإسرائيل» على الإنترنت، مثل ذلك الذي تنشره BDS (حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها) وغيرها.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
يؤيد زعماء جميع الولايات الأسترالية الثماني وأقاليم البر الرئيسي الأسترالية الخطة بالإجماع،
مع أكثر من ملياري مستخدم في العالم، يتيح "واتسآب" للمستخدمين الآن تحويل رسائلهم الصوتية إلى نص مكتوب
تواجه شركة آبل دعوى قضائية جماعية جديدة تتهمها بالإعلان عن جهاز شائع لديها بشكل مضلل
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال