جرائم الأطفال في الصين... مسؤولية المجتمع أم الدولة؟

جرائم الأطفال في الصين... مسؤولية المجتمع أم الدولة؟

العديد من الأطفال مرتكبي الجرائم منهم أظهروا قدرة عالية على المعرفة،. وهذا أمر خطير للغاية..!

حاكمت السلطات القضائية في الصين 97 ألف طفل دون سن الثامنة عشرة، في العام 2023، من بينهم نحو 10 آلاف طفل دون سن السادسة عشرة، وفقًا لتقرير حديث صدر عن النيابة الشعبية العليا في شهر مارس/آذار الماضي. كانت الجرائم الأكثر شيوعًا هي السطو والاقتتال في الأماكن العامة وافتعال المشاجرات، إضافة إلى الاعتداء الجنسي، وكانت الغالبية العظمى من المجرمين من الذكور في مقابل 5% فقط من الإناث. 

لقد شهدت الصين، خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعًا كبيرًا في معدل جرائم الأطفال، وتصدرت تلك الجرائم عناوين الصحف ونشرات الأخبار، وأثار ذلك ردود فعل غاضبة في وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا مستخدمو الإنترنت أجهزة إنفاذ القانون إلى فرض عقوبات أكثر صرامة لثني الأطفال عن ارتكاب الجرائم، بينما أثيرت تساؤلات عن السن التي تُعدّ مناسبة لفرض العقوبات وإيداع الأطفال المجرمين في السجون.

بموجب القانون الجنائي الصيني الذي جرى تعديله، في ديسمبر/كانون الأول 2020، خُفض سن المسؤولية الجنائية عن الجرائم الخطيرة مثل القتل من 14 إلى 12 سنة، وذلك بعد سلسلة من جرائم الأطفال المروعة خلال السنوات الخمس الماضية. وكانت السن الأصلية للمسؤولية الجنائية محددة بموجب تعديل للقانون الجنائي في العام 1997، وزعم كثيرون أن هذه السنّ لم تعد مناسبة لمجتمع تغير بشكل كبير منذ ذلك الحين. 

في تعليقه على ارتفاع معدلات الجريمة بين الأطفال، يقول أستاذ الدراسات الاجتماعية السابق وي لي فنغ، في جامعة صن يات سن : "ممّا لا شك فيه أن هناك مبالغة في التقارير الإعلامية بشأن الأرقام المتعلقة بجرائم الأطفال، لكن الحقيقة أن هناك جرائم تحدث في سن مبكرة، الأمر الذي دفع الحكومة إلى الاستجابة للمطالب الشعبية، وإثر ذلك قامت بخفض سن المسؤولية الجنائية، إذ أصبح من الممكن تحميل من تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة المسؤولية جزئيًا، مع فرض مستويات مختلفة من العقوبات عليهم وفقًا لأعمارهم وخطورة جريمتهم".

يتابع: "لاحظنا من خلال الإحصاءات الأخيرة تراجعًا في معدلات جرائم الأطفال، ولو أجريت هذه التعديلات في وقت سابق، لكُنّا سننقذ مستقبل العديد من الأطفال قبل الوقوع في شراك الجريمة. هناك تسارع في النضج العقلي والفكري للأطفال مقارنة بالأجيال السابقة، فجيل اليوم من الأطفال يتصرف كالبالغين، والعديد من مرتكبي الجرائم منهم أظهروا قدرة عالية على المعرفة، وقد ظهر ذلك جليًا في الكيفية التي حاولوا من خلالها إخفاء جرائمهم". 

رأت الباحثة لورا شانغ، في مركز دونغوان للإرشاد والتأهيل النفسي أن: "عدم صرامة القانون ليس سببًا في ارتفاع معدلات الجريمة بين الأطفال. ولمنع الأطفال من ارتكاب الجرائم، نحتاج إلى مزيد من التوجيه النفسي والتثقيف الاجتماعي أولًا، ثم نحتاج إلى الرقابة والمسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق الأسرة، فالكثير من الأطفال لا يفهمون القانون، ولا يدركون أن ما فعلوه جريمة، ومعظم هؤلاء الأطفال يعانون مشكلات نفسية نتيجة غياب دور الأسرة، سواء بسبب انفصال الوالدين أو نتيجة ظروف العمل التي تحتم على الآباء السفر إلى المدن الصناعية وترك أبنائهم في الريف".

تضيف: "المشكلة متعددة الأوجه، وخفض سن المسؤولية الجنائية إلى 12 سنة من شأنه أن يؤدي إلى اكتظاظ السجون بالأطفال ليس أكثر، والمطلوب هو توجيه الجهود نحو تثقيف الأطفال للحيلولة دون وقوعهم في المحظور. أعداد جرائم الأطفال تتفاقم بسبب حرصهم الكبير على إخفاء جرائهم، ما يشير إلى عدم الوعي. ولذلك؛ دور الأسرة يُعدّ ركيزة أساسية في مسألة التثقيف. وقد أبرزت دراسة حديثة أن أكثر من 70% من الأطفال المحتجزين هم من سكان الريف، وثلثهم من الأطفال المتروكين الذين يعمل أحد والديهم أو كلاهما في مدينة أخرى، وغالبًا ما يتركونهم في كفالة أجدادهم، وتاليًا لا يمكننا فصل تصرفات هؤلاء الأطفال عن أوضاع آبائهم". 

أطفال الصين في مرارة التحوّل الصناعي

كشف تقرير صدر عن النيابة العامة الشعبية العليا، في مطلع العام الحالي، أن 39% من الأطفال المدانين بجرائم جنائية عاطلون عن العمل، بينما يعمل 22% منهم في الزراعة، و8% فقط  هم من الطلاب، وأن العدد الأكبر منهم غير ملتحق بالمدارس، ولا يتلقى الرعاية والاهتمام الكافيين في المنزل.  وبحسب "شبكة حقوق الطفل الدولية"؛ متوسط السن العالمي للمسؤولية الجنائية هو 14 سنة، وتوصي لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل البلدان برفع السن الدنيا قدر الإمكان. في الهند مثلًا، يمكن تحميل الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات مسؤولية جنائية، فيما تحدد الولايات المتحدة السن الأدنى للمسؤولية الجنائية بـ 11 سنة.

المصدر: جريدة العربي الجديد

مواضيع مرتبطة

تجارب الأمهات في تعزيز قدرة الأطفال على الصبر والتحمّل

يتعلّم الأطفال من القدوة، لذلك الصبر معهم هو إحدى الطرائق لتعليمهم هذه الصفة.

هل فعلًا تأثير الصدمات النفسية على الأطفال أبدي؟

تؤدّي إلى العزلة الاجتماعية والعاطفية والعادات الصحية السيئة

ثلاث طرائق تضرّ بثقة الأطفال بأنفسهم... احذرها

تصحيح تصرفات الطفل باستمرار حتى مع نية مساعدته يعطي شعورًا بعدم الكفاءة 

كلمات مفتاحية

تربوية