الاكتناز الرقمي يهدّد صحتك النفسية.. ولكن ما هو؟

الاكتناز الرقمي يهدّد صحتك النفسية.. ولكن ما هو؟

أننا نضيع 55 دقيقة يوميًا في البحث عن الأشياء المفقودة في الفوضى الرقمية.

من منا لم يقع في دوامة عدم القدرة على حذف الرسائل الواردة لصندوق بريده الإلكتروني، أو عانى من ضيق مساحة الهاتف الذكي أو الحاسوب الشخصي بسبب تجاوز كمية الصور ومقاطع الفيديو حدود "ذاكرة السحابة" المتاح؟

يتفق معظم المتخصصين في السلوك وعلم النفس على أن هذا لا يمثل مشكلة في حد ذاتها، ولكن عندما يتحول الأمر إلى "اكتناز رقمي"، فيمكن أن يؤثر سلبًا على حياة الإنسان، ويجعله عرضة للمعاناة من اضطرابات التوتر والقلق وحتى الاكتئاب.

ما الاكتناز الرقمي؟

الاكتناز في تعريفه النفسي هو اضطراب يتميز بصعوبة انفصال أو تخلي الشخص عن ممتلكاته. وكان يُعدّ في السابق أحد أعراض اضطراب الوسواس القهري، وهو اضطراب عقلي وسلوكي يؤثر على ما يتراوح بين 2% و4% من سكان العالم. ويعد الاكتناز الرقمي نسخة جديدة من الاضطراب مرتبطة بالأشياء الإلكترونية الخاصة بالشخص، بداية من رسائله النصية، وصولاً لروابط الإنترنت والمواد المسجلة والمصورة بأنواعها.

مع تغلغل وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الإنسان، وقدرة ذاكرة الحاسوب والهواتف على تخزين المعلومات من دون تكلفة مادية كبيرة، ظهرت نسخة أحدث من النمط النفسي للاكتناز وعدم القدرة على التخلي عن المعلومات، وفقا لموقع "يو سي إل إيه هيلث". لذلك يقوم المكتنز الرقمي بتجميع رسائل البريد أو الصور أو المقالات أو الملفات الصوتية، أو أي نوع من المحتوى الرقمي الذي يعتقد أنه قد يرغب في حفظه أو استخدامه في المستقبل. ولكن لا يتحول الأمر لاضطراب نفسي يؤثر على الصحة العقلية إلا عندما يبلغ مستوى حادًا يتداخل مع جودة حياة الشخص ويصيبه بالإرهاق.

أنماط الشخصيات المصابة بالاكتناز الرقمي

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الناس للاكتناز في الفضاء الإلكتروني، وبحسب مقال نشره موقع "إس نورتون" تُصنف أنماط الشخصيات المصابة بهذا السلوك:

1- المكتنز القلق
لا يحب المكتنز الرقمي القلقُ التخلص من الفوضى الرقمية الخاصة به. وكما يشير اللقب، فمسح شيء ما يثير لديه توترًا شديدًا نحو المستقبل، لذلك يحتفظ بكل شيء؛ لأن هذا يمنحه شعورًا بالراحة والسيطرة.

2- المكتنز المطيع
المكتنز الرقمي المطيع ليس مكتنزًا للبيانات باختياره، إذ غالبًا ما تكون بروتوكولات مكان العمل أو الهياكل التنظيمية التي ينتمي لها هي التي تجعله يحتفظ بالأشياء لإثبات مهامه وإنجازاته. وعادة، لا يكون للمكتنزين الرقميين المطيعين أي ارتباط عاطفي بالفوضى الرقمية التي يحتفظون بها، ومع ذلك قد تسبب لهم التوتر والضيق.

3- المكتنز المنفصل
المكتنز الرقمي المنعزل أو المنفصل لا يعرف ما يجب فعله بكل الفوضى الرقمية لديه، فهو ليس منظمًا في المقام الأول، ويشعر بالكثير من الضغط النفسي بسبب حياته الرقمية الفوضوية ويتكاسل عن تنظيمها.

التأثير السلبي للاكتناز الرقمي

ذكر موقع إس نورتون بعض التأثيرات السلبية للاكتناز الرقمية، ومنها:

1.    تقليل كفاءة الأجهزة: كلما زاد عدد البيانات التي يتعين على حاسوبك أو هاتفك الذكي إدارتها، زادت صعوبة استخدامه، ويؤدي ذلك إلى إبطاء أجهزتنا. وهذا بدوره يجعلنا أقل إنتاجية وأكثر استثارة وقابلية للانفعال بسبب بطء تلك الأدوات عند الاستخدام.
2.    ارتفاع المخاطر الأمنية: كلما زاد عدد البيانات التي نحتفظ بها زاد احتمال التعرض للخطر في حال وقوع حادث يتعلق بالأمن السيبراني عند اختراق أجهزتنا الذكية، أو حتى وقوعنا ضحية للسرقة نتيجة لتراكم المعلومات الحساسة والمحتوى الشخصي عليها.
3.    تقليل الإنتاجية والتأثير على النشاط الذهني: يمكن أن يصبح التخزين الرقمي أمرًا سهلاً؛ لأن الإنترنت وخوارزمياته تسهل علينا العثور على الأشياء. كل ما يتعين علينا فعله هو إدخال ما نريده في شريط البحث، وتحميل ما نرغب من محتوى، ومع ذلك ليس من السهل تحديد موقع جميع بياناتنا الرقمية. لذا فإن غربلة وتصنيف هذه الفوضى أمر غير منتج، وعندما يتعلق الأمر بمكان العمل، فهو مضيعة للوقت والجهد النفسي والعقلي.
4.    التوتر والضغط العصبي: كلما زاد عدد البيانات المخزنة عند الشخص، زادت حاجته للتحكم فيها. وإذا كان الشخص غير منظّم، فمن المحتمل أنه سيفقد السيطرة بسرعة ويُعاني توترًا، ما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والعقلية.

لا يقتصر الأمر على أن سطح المكتب الفوضوي يثير أنماط التوتر نفسها التي تثيرها المساحة المادية غير المرتبة فحسب، بل يمكن أن يسبب التوتر عند البحث في آلاف الملفات للعثور على ما نريد. وتقدر إحدى الدراسات أننا نضيع 55 دقيقة يوميًا في البحث عن الأشياء المفقودة في الفوضى الرقمية. هذا المستوى المستمر من التوتر يهدد الصحة العقلية والنفسية، وفقًا لموقع "هاربرس بازار".

التنظيف الرقمي الموسمي لتعزيز السلامة النفسية

مثلما هناك مواسم يفضل فيها الكثيرون إعادة ترتيب مقتنياتهم أو مستلزماتهم المنزلية لكي يبدأوا مرحلة جديدة بنفس منتعشة وشعور أخف، هناك عملية مماثلة للمقتنيات الرقمية لا تقل أهمية في تحقيق السلام النفسي والصفاء العقلي، أي يمكن أن يكون للتنظيف الرقمي تأثير حقيقي وإيجابي عندما يتعلق الأمر برفاهية الإنسان. وأبلغ 59% من المشاركين في دراسة علمية أميركية عن شعورهم بالإيجابية نتيجة للقيام بإعادة ترتيب ملفاتهم الرقمية، ووصفوا أنفسهم "منتجين" و"منجزين" و"مرتاحين" بعد التخفيف مما اكتنزوه رقميًا في أجهزتهم الذكية المختلفة.

خطوات لتنظيم الفوضى الإلكترونية

اقترح مقال نشره موقع هاربرس بازار خطوات عملية لتنظيم الفوضى الإلكترونية، تشمل:

1.    صنع نسخة احتياطية من صور وفيديوهات الهاتف باستخدام خدمات مثل "فليكر" و"صور غوغل"، للاحتفاظ بالمحتوى بأمان وإتاحة فرصة مسحه من الهاتف.
2.    حذف التطبيقات الذكية غير المستخدمة بصورة دورية.
3.    إلغاء الاشتراك من رسائل البريد الإلكتروني غير المفيدة لمنع تراكمها.
4.    إلغاء متابعة الأشخاص غير المفيدين عبر المنصات المختلفة.
5.    إيقاف تشغيل جميع الإشعارات عبر الأجهزة الذكية لتخفيف عبء المتابعة.
6.    تنقيح المحتوى المصور والمسجل، والاحتفاظ بالنسخ الأفضل فقط.
7.    الحفاظ على سطح مكتب الحاسوب نظيفًا وخاليًا من الملفات غير المستخدمة.
8.    اختيار خلفية تجعلك تشعر بالهدوء والسعادة.

المصدر : مواقع إلكترونية

كلمات مفتاحية

تصفح _آمن