ابنتي تشاهد أفلامًا غير لائقة...هل أمنعها عن استخدام الميديا الرقمية؟

ابنتي تشاهد أفلامًا غير لائقة...هل أمنعها عن استخدام الميديا الرقمية؟

لكن إزاء هذا الإدمان؛ هل من ممكن المساعدة في تقليل تأثيره ؟

مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا أساسيًا من حياتنا المعاصرة. إذ توفر وسيلة سهلة وسريعة للتواصل مع الآخرين، وتبادل الأفكار والمعلومات. بالنسبة إلى المراهقين، يمكن أن تكون هذه الميديا الجديدة أداة تعليمية وترفيهية، تتيح لهم فرصة التعرف إلى العالم من حولهم وتوسيع دائرة معارفهم وتعلّم مهارات جديدة. مع ذلك، هذه المواقع تحمل تأثيرات سلبية على الأطفال والمراهقين، يمكن أن تؤدي إلى مشكلات مثل: الإدمان، والعزلة الاجتماعية، والتعرض لمحتويات غير مناسبة. كما قد تؤثر على الصحة النفسية، مثل زيادة مستويات القلق والاكتئاب بسبب مقارنة أنفسهم بالآخرين.

ياسمين مصطفىا لطحان/ موقع "أمان الأطفال"

السؤال، في هذا الصدد، هل تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي في تكوين الهوية الشخصية؟ وما دور الأهل في هذا الصدد؟

للكشف عن مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الجيل المسمّى جيل alpha & Gen Z  أجرى موقع "أمان للأطفال" مقابلة مع المتخصصة بعلم النفس التربوي الدكتورة "زهرة بدر الدين".

نبدأ، من نقطة مهمة جدًا، عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الفتيات المراهقات. ونسأل: ما هي الاستراتيجيات الفعالة التي تسهم في تنمية شخصية الفتاة المراهقة بتوازن؟

تجيب الدكتورة "بدر الدين" بأنّ وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم، قد: "باتت سلاحًا يفتك بهذا الجيل، وخصوصًا جيل الفتيات المراهقات، من عمر عشر سنوات إلى ثماني عشرة سنة وأكثر. ولكنّ الفئة المستهدفة هي فئة الشباب. وطبعًا هو سلاح يحارب القيم والأخلاقيّات، ويعمل على هدم الشخصيّة وإخلاء الإنسان من روحه ومن معنويّاته والتّركيز فقط على المسائل الّتي لها ارتباط بالنفس الأمّارة بالسوء وبالشّهوات والملذّات وتضييع الوقت واللّهو حتّى يفرغ الإنسان من أيّ تفكير منتج للمجتمع. وبما أنّ هذا السّلاح قد عمّ كلّ بيوتنا ومجتمعاتنا، لا يمكن للأهل أن ينجحوا بمنع الأولاد من الانخراط في هذا العالم...لذلك محاربته أو منعه هو أمر مستحيل، لكن، ممكن للأهل ولكل إنسان أن يستفيدوا من مواقع التواصل الاجتماعي إيجابيًا، والتي هي أيضا عديدة".

التعرف إلى هذه إيجابيات العالم الرقمي وكيفية استخداماته عمليّة ذكيّة، وليست سهلة أو في متناول جميع الأمّهات أو الأهالي. وفي هذه الصدد تنصح "بدر الدين" الأهل، عبر موقع "أمان الأطفال"، بعدة اتجاهات؛ وهي تعدّدها على الشكل الآتي:

  1. التعرّف إلى العالم الرقمي: ضروري للأهل أن يتمرّنوا ويتمرّسوا ويتقنوا مهارة التعامل مع المنصات الرقمية حتّى يعلّموها لأبنائهم، ويضمنوا مراقبتهم بدقة صحيّة.
  2. التركيز على الإيجابيات: يمكن للأهل تشجيع أبنائهم على التركيز على المحتويات التعليمية والمفيدة المتاحة على هذه المنصات. وهذا يتطلّب من الأهل أنفسهم أن يطلعوا من حين إلى آخر لمعرفة هذه المحتويات ومصدرها.
  3. تطوير المهارات: على الأهل العمل على تنمية مهاراتهم في كيفية التوجيه السليم لأبنائهم، ومساعدتهم في اكتشاف مجالات اهتمام إيجابية ومفيدة مثل الفنون والرياضة، والتعليم. هذا يمكن أن يشغل أوقاتهم ويقلّل من الوقت المهدور على الأنشطة السلبية.
  4. القدوة الحسنة: من المهم أن يكون الأهل قدوة لأبنائهم في كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. فإذا كان الأهل يستخدمون هذه المنصات بطريقة مثمرة، فمن المرجح أن يتبع الأبناء هذا النهج.

لذلك عدم العمل بهذه الإجراءات اليومية، ومن دون انتباه الأهل إلى الوقت المناسب للتدخل الجدي؛ ستصبح ابنتهم مدمنة.. فليس بعد أن تتعلّق الفتاة وتصبح مدمنة على هذه الوسائل يأتي دورهم حتّى يمنعوها، فلن ينجحوا في ذلك بسهولة.

لكن إزاء هذا الإدمان؛ هل من ممكن المساعدة في تقليل تأثيره ؟

تنصح الدكتورة "بدر الدين بعدد من الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتقليل تأثير الإدمان؛ بحسب علم النفس التربوي :

  1. تنمية الاهتمامات والمهارات: اكتشاف مهارات الفتاة والعمل على تطويرها من خلال الأنشطة مثل الرسم والموسيقى والرياضة، يمكن أن يكون بديلًا مفيدًا للوقت الذي تقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي.
  1. الانخراط في الأنشطة الاجتماعية: تشجيع الفتاة على الانضمام إلى نوادي أو مجموعات اجتماعية تعزز من تفاعلها مع الآخرين في بيئة صحية وآمنة.
  2. إعداد جدول زمني: وضع جدول زمني يحتوي على أوقات مخصصة للأنشطة المختلفة بما في ذلك الوقت الذي يمكن أن تقضيه على الإنترنت، يمكن أن يساعد في تنظيم الوقت وتخفيف الإدمان.
  3. تعليم مهارات إدارة الوقت: تعليم الفتاة كيفية إدارة وقتها بفعالية يمكن أن يساعدها في تحقيق توازن بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأنشطة الأخرى.
  4. الدعم العاطفي: تقديم الدعم العاطفي والتوجيه الإيجابي يمكن أن يساعد الفتاة في بناء ثقتها بنفسها والتركيز على الأهداف والاهتمامات الشخصية.

في صدد عمليّة الترميم التربوي ينشا لدينا سؤال: كيف يمكن للاهل تطبيق الأساليب التربوية الإيجابية، مثل الثواب، في سياق التحديات الحديثة مثل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ؟

تقول الدكتورة "بدر الدين" أنّ هذا السؤال يساعد في فتح النقاش عن كيفية تعزيز القيم الدينية والأخلاقية، بشكل فعّال، من خلال تبني استراتيجيات عميقة تسهم في بناء شخصية الفتاة. وهي وضّحت قائلة : "طبعًا؛ نحن علينا أن نلتفت إلى شيءٍ مهم، وهو أنّ الأمّ إذا كنت مهتمّة بأبنائها وحريصة على آخرتهم يوم القيامة، لا بدّ أنّها تلتفت إلى جملة من الأمور الأساسية.. فهي يجب أن تعمل على قاعدة "أتركهم سبع، وعلّمهم سبع وآخيهم سبع". وهذه المراحل منسجمة مع المراحل المطروحة عند علماء النّفس. والمرحلة التي نتحدث عنها بخصوص الفتاة فهي المرحلة الثانية، أي عمر العشر سنوات".

في هذه المرحلة، تنصح  المتخصصة في علم النفس التربوي بالخطوات الآتية:

  1. يجب التعامل مع الفتاة بالتحفيز الإيجابي لا فرض الأوامر قسريًا، أي النهي بأسلوب جميل وجاذب.
  2. لا تلزمها وتبعدها عن هذه الأدوات غصبًا؛ بل جعلها تدرك ما هو الحلال والحرام في ما تشاهده، وتشرح لها مفهومي العقاب والثواب الذي ينتظرنا يوم القيامة.
  3. يجب التركيز على غرس حبّ الله من خلال التوجيه الإيجابي، و ليس التخويف الترهيب؛ فتهديد الطفلة أو الطفل بالعقاب الالهي يمكن أن يؤدي إلى نفوره من القيم الدينية، بينما غرس حبّ الله بطريقة المحبّة والمشجعة يعزز العلاقة الإيجابية مع الدين. كما ان أسلوب العقاب المتّبع عند البعض اليوم هو أسلوب خاطئ. لذلك علماء النّفس يؤكّدون على مسألة أنّ أسلوب الثّواب هو أقوى وأكثر تأثيرًا تربويًّا في نفس الإنسان..
  4.   تشجيع الطفلة وتقديم مكافآت لها عندما تلتزم بالقيم والقواعد، سواء كانت المكافآة مادية أو معنوية فالهدف هو تعزيز السلوك الجيد والتشجيع على تكراره .

كيف يمكن للأم بالأخص أن تنمي العفة والحصانة عند بناتها داخل البيت لحمايتهن من تأثيرات المشاهد غير اللائقة؟

تجيب الدكتورة "بدر الدين" أنّه يمكن للأم اتباع مجموعة من الأساليب لتنمية العفة والحصانة عند بناتها:

  1. التعليم المبكر والمرحلي: تبدأ الأم بتقديم معلومات تناسب عمر الفتاة حول العفة والحصانة بطريقة مبسطة ومفهومة. من المهم أن تكون المعلومات متدرجة وفقًا للمرحلة العمرية، بدءًا من مفهوم الحياء والاحتشام في الطفولة المبكرة، وصولًا إلى فهم أعمق للمواضيع الجنسية في سنّ المراهقة.
  2. تعزيز الحوار المفتوح:  جب أن تكون الأم متاحة للحوار ومناقشة أي استفسارات أو مخاوف عند الفتاة من دون حرج أو تردد. هذا يعزز الثقة ويجعل الفتاة تشعر بأن والدتها هي المرجع الأول لأي تساؤل قد يكون لديها.
  3. زرع القيم الدينية والأخلاقية: تعليم الفتاة أهمية العفة والاحتشام كونها جزءًا من القيم الدينية، وشرح كيف أن هذه القيم تحميها وتساعدها في الحفاظ على كرامتها واحترامها لذاتها.
  4. مراقبة المحتوى: من المهم أن تكون الأم على دراية بما تشاهده الفتاة على التلفزيون أو الإنترنت، وتوجيهها نحو المحتوى الذي يعزز القيم الأخلاقية والعفة.
  5. تعزيز العلاقات الأسرية:  تقوية الروابط الأسرية من خلال الأنشطة المشتركة والمحادثات اليومية، ما يجعل الفتاة تشعر بالأمان والانتماء داخل الأسرة.

بتبني هذه الأساليب، يمكن للأم أن تسهم بشكل فعّال في تنمية شخصية بناتها، بطريقة تضمن حمايتهن من التأثيرات السلبية للمشاهد والأفلام غير اللائقة.

 

مواضيع مرتبطة

كيف نستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية بشكل آمن حاليًا؟

يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده

كيف نستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية بشكل آمن حاليًا؟

يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده

لماذا تأخر العالم العربي في بناء منصات التواصل الاجتماعي؟

لماذا نترك المنصّات العالمية لمواقع التواصل لاجتماعي تتحكّم بمنشوراتنا..ألا يمكننا في العالم العربي صنع منصاتنا الخاصة؟