الوحدة 8200 تتجسّس على شبكات الـ VPN: انتبهوا! استخبارات العدو تسلّلت عبر «بوابة الأمان»

الوحدة 8200 تتجسّس على شبكات الـ VPN: انتبهوا! استخبارات العدو تسلّلت عبر «بوابة الأمان»

في الواقع، الشركة مليئة بالمسؤولين السابقين في "الاستخبارات الإسرائيلية"..

مع تزايد التهديدات السيبرانية وتطور تقنيات التجسّس، صار عدد من الأفراد يبحثون عن وسائل لحماية بياناتهم ومعلوماتهم الشخصية في أثناء تصفح الإنترنت. ومن بين هذه الوسائل، تبرز خدمات الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) خيارًا شائعًا يوفّر مستوى معينًا من الأمان.

تتيح هذه الخدمات للمستخدمين القدرة على تصفح الإنترنت بشكل مجهول، مع تشفير بياناتهم وحمايتها من أعين المتطفلين، سواء أكانوا حكومات أم قراصنة أم حتى مزودي خدمة الإنترنت. مع ذلك، كشف تحقيق أجراه موقع MintPress عن جانب خبيث في هذا القطاع، إذ تسللت عناصر «سابقة» من فيلق الاستخبارات التابع للقوات الإسرائيلية، المسؤول عن العمليات السرية وجمع المعلومات الاستخبارية المعروف بوحدة 8200، إلى هذا المجال. أمر حوّل الخدمات التي تهدف إلى حماية الأفراد إلى أدوات مراقبة وتعقّب يمكن أن يستخدمها الصهاينة

ما يبدو حماية وخصوصية في نظر البعض، يخفي وراءه كابوسًا. فقد أظهر تحقيق MintPress أنّ عددًا من خدمات VPN الشهيرة مملوكة لشركات لديها علاقات وثيقة مع وحدة 8200 الإسرائيلية. نستعرض في هذا التقرير كيف تحوّلت هذه الشركات من كونها «حامية» للخصوصية إلى أدوات قد تُستخدم لتوسيع نطاق المراقبة الجماعية، والسيطرة على المعلومات، كما عن ضرورة الوعي بمثل هذه التحديات في هذا العصر المليء بالمخاطر الرقمية.

وفقًا لموقع «فوربس»، يستعين 31 في المئة من جميع مستخدمي الإنترنت في العالم ببرامج VPN. وتشير الدراسات إلى أنّ هذا الرقم سينمو بسرعة. وبحلول العام 2030، من المتوقع أن تصل قيمة هذه الصناعة للمستهلكين والشركات مجتمعة إلى نحو 101 مليار دولار. ولكن ما لا يعرفه معظم المستخدمين هو أن عددًا من شركات الـ VPN الأكثر شعبيةً في السوق مملوكة لشركات ذات صلات عميقة بالاستخبارات الإسرائيلية. من بين هذه الشركات شركة Kape Technologies، والتي تمتلك بعضًا من أفضل خدمات الـ VPN في العالم. وهي على علاقة وثيقة بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وخاصة وحدة 8200.

تشتهر الأخيرة بتطويرها بعضًا من أخطر برامج التجسس في العالم، مثل «بيغاسوس» السيئ السمعة، والذي استخدمته بعض الحكومات الاستبدادية لتعقب ومراقبة المعارضين السياسيين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان. ليس ذلك فحسب، فإذا ما التفتنا إلى ما حصل أخيرًا في لبنان من هجوم على أجهزة البيجر وأجهزة الاتصالات اللاسلكية عبر ما صار يعرف بـ «هجمات سلاسل التوريد»، والتشويش على الـ GPS وحتى على إشارة قنوات التلفزيون، واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل The Gospel و«لافندر» و«أين أبي». وهي أداة خبيثة تنتظر وصول مقاومي «حماس » إلى منازلهم واقتراب أبنائهم منهم حتى يغير عليهم الطيران. من هنا جاءت التسمية، والآن مع انكشاف خرق كبرى شركات الـ VPN، صار واضحًا أن تأثير قطاع التكنولوجيا المتنامي في «إسرائيل »، أصبح يشكل خطرًا على البيانات الرقمية العالمية وعلى صناعة التكنولوجيا نفسها.

يتناول التحقيق الذي أجراه MintPress News خلفية شركة Kape Technologies التي يقدر أن لديها نحو 150 موظفًا من وحدة 8200، وعمق علاقاتها بالاستخبارات والوحدات العسكرية الإسرائيلية. ولا تقتصر ارتباطات الشركة بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية. في الواقع، الشركة مليئة بالمسؤولين السابقين في الاستخبارات الإسرائيلية. بدأ المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق للشركة كوبي مناحيمي مسيرته التقنية مطوّرًا لبرمجيات في وحدة 8200. أما ليرون بير، وهو رئيس قسم المحاسبة الحالي في الشركة، فقد خدم أيضًا لمدة ثلاث سنوات في هذه الوحدة.

بالمثل، فإن خليفة مناحيمي في منصب الرئيس التنفيذي لشركة Kape، إيدو إيرليشمان، هو محارب قديم في وحدة 217، والمعروفة بوحدة «دوفدوفان»، وهي فرقة كوماندوس نخبوية تنفذ عمليات استخباراتية واغتيالات ضد الفسلطينيين. ويتحدث التحقيق كيف أنّ سوق برامج الـ VPN العالمية أصبح أداة للمراقبة الجماعية. وبهذا الشكل، يتحول الهدف الأساسي الذي وُجدت من أجله خدمات VPN ــــ وهو حماية الأفراد من المراقبة إلى أداة تُستخدم لتعزيز السيطرة والمراقبة، ما يهدد الخصوصية التي يفترض أن توفرها هذه الخدمات.

ExpressVPN

تُعدّ ExpressVPN إحدى أشهر العلامات التجارية لشبكات VPN التي تمتلكها شركة Kape Technologies. تحوي نحو 50 موظفًا من وحدة 8200، استحوذ عليها في العام 2021 مقابل 936 مليون دولار، ما جعلها أحد أغلى الاستحواذات في صناعة الـ VPN. يفخر ExpressVPN بتقديمه اتصالات سريعة وآمنة، إذ تمتلك الشركة أكثر من ثلاثة آلاف خادم في 94 دولة، ما يجعلها واحدة من أوسع خدمات الـ VPN المتاحة عالميًا. وتقدم الخدمة ميزات أمان قوية مثل تشفير AES-256، وحماية من تسرّب DNS، وخاصية القفل (kill switch) التي تقطع الاتصال بالإنترنت في حال انقطاع الاتصال بشبكة الـ VPN، لضمان عدم كشف هويتك.

مع ذلك، وبالرغم من سمعته مزودًا لخدمة موثوق، واجه ExpressVPN انتقادات كبيرة. في العام 2021، اتهم رئيس قسم التكنولوجيا (CTO) في الشركة دانييل غيريك بانخراطه في مشروع تجسس إلكتروني مثير للجدل متعلق بالحكومة الإماراتية. وكشف تحقيق أجرته «رويترز»، يومها، أنّ المشروع تضمّن اختراق أجهزة الصحافيين والناشطين. مع ذلك، دعمت الشركة غيريك حتى مغادرته في العام 2023. هذا بالإضافة إلى بيع ExpressVPN، لشركة Kape Technologies، ما أثار مخاوف حول الخصوصية بين المدافعين عنها. فعلاقات Kape بوحدة 8200 واضحة، وزادت من المخاوف بشأن إمكانية وجود ثغرات قد تعرّض بيانات المستخدمين للمراقبة؛ حتى موظف الاستخبارات السابق إدوارد سنودن نصح المستخدمين بتجنب ExpressVPN بسبب هذه المخاوف.

CyberGhost

تُعد CyberGhost خدمة VPN رئيسية أخرى ضمن شركة Kape Technologies. تأسست في العام 2011، وبنت سمعة كونها سهلة الاستخدام وتستهدف بشكل خاص المستخدمين الجدد في خدمات VPN. مع أكثر من 9 آلاف خادم في أكثر من 90 دولة، توفر CyberGhost واحدة من أكبر شبكات الخوادم بين خدمات الـ VPN التجارية. تُعرف الخدمة بواجهة المستخدم البسيطة، وميزتها الاتصال بنقرة واحدة، والالتزام بسياسة عدم الاحتفاظ بالسجلات، ما يعني أنّ الشركة تدّعي عدم تتبع أو تخزين أي بيانات للمستخدمين. ومع ذلك، فإن الشركة الأم لـ CyberGhost، Kape Technologies، تُعقد سمعتها.

بالرغم من شفافية CyberGhost والتركيز على الخصوصية، إلا أنّه يقدَّر أن لديها نحو 25 موظفًا من وحدة 8200. مع أنها تقدم مجموعة متكاملة من ميزات الأمان؛ مثل التشفير العسكري وحماية تسرب DNS ؛ فإنّ الأسئلة عن علاقاتها بالشركة الأم المربوطة بوكالات الاستخبارات ما تزال تقلق المستخدمين المهتمين بالخصوصية. بناءً على ذلك، بالرغم من كونه خيارًا قويًا للمستخدمين العاديين إلا أنّ المهتمين بالمراقبة والأمان الشخصي قد يترددون في استخدام CyberGhost للمهمات الحساسة جدًا.

Private Internet Access (PIA)

إحدى أقدم وأشهر خدمات الـ VPN المتاحة في السوق، أسست في العام 2010. استحوذت عليها شركة Kape Technologies في العام 2019 مقابل 126 مليون دولار. يُعرف برنامج PIA بكلفته المنخفضة وشبكة خوادمه الواسعة والتزامه بالخصوصية، وهو يُعد إحدى أكثر خدمات الـ VPN شفافية المتاحة. تحظى الشركة بشعبية خاصة بين المجتمعات التقنية، إذ تقدم ميزات متقدمة مثل إعادة توجيه المنافذ، والاتصال المتعدد، وسياسة عدم الاحتفاظ بالسجلات التي اختبرتها المحاكم مرات عدة، ما يطمئن المستخدمين إلى أنّ بيانات التصفّح الخاصة بهم ليست مخزنة أو مشتركة. إلا أن استحواذ Kape Technologies عليها أثار بعض المخاوف بين المستخدمين، ويقدر أن لديها نحو 10 موظفين من وحدة 8200.

ZenMate

خدمة VPN أخرى ضمن مجموعة Kape Technologies، التي استحوذت عليها الشركة في العام 2018 مقابل 5.5 ملايين دولار. طوّرت ZenMate أصلًا في ألمانيا، وحازت شعبية كبيرة لكونها حلّ VPN خفيفًا وسهل الاستخدام. يستهدف ZenMate المستخدمين العاديين، وهي تقدّم واجهة مبسطة وسهلة الاستخدام توفر تجربة إنترنت آمنة بنقرات قليلة فقط. تشمل ميزاتها الأبرز عرض نطاق غير محدود، ومفاتيح إيقاف تلقائية (kill switches)، وحماية من تسرب DNS، التي تضمن عدم تسرب معلومات المستخدمين عن طريق الخطأ. ومثل نظرائها في مجموعة Kape، فإن ارتباطها بالشركة الأم يثير الشكوك حول مدى فعالية سياسات الخصوصية فيها. إذ يقدر عدد العاملين فيها من وحدة 8200، بحوالى عشرة أفراد. يختار عدد من المستخدمين ZenMate بفضل أسعارها المعقولة وسهولة استخدامها وقدرتها على تجاوز القيود الجغرافية على المحتوى مثل «نتفليكس» و«هولو». ولكن من يسعون إلى الحصول على أعلى مستويات الخصوصية والأمان، قد يترددون في استخدامها بسبب ملكيّتها.

Intego Antivirus

برنامج مختلف بعض الشيء عن بقية استحواذات Kape Technologies لأنّه لا يقتصر فقط على توفير خدمات VPN، بل هو شركة أمنية متخصّصة في برامج مكافحة الفيروسات لأجهزة «آبل». أسّست خدمة Intego في العام 1997، وتُعرف بتقديمها حماية شاملة لمستخدمي أنظمة التشغيل «ماكنتوش» ونظام تشغيل هواتف «آيفون» المسمى iOS، إذ توفر حلولًا مثل برامج مكافحة الفيروسات، وجدران الحماية، والحماية من التصيد الاحتيالي، وأدوات الرقابة الخاصة بالأهل. ويجعل هذا Intego لاعبًا مهمًا في مجال حماية أجهزة «آبل»، وهو مجال لم تهتم به شركات الأمن السيبراني الأخرى بشكل كبير. استحوذت Kape على Intego كجزء من إستراتيجيتها لتوسيع محفظتها إلى ما وراء خدمات الـ VPN والدخول في مجالات أمان الإنترنت الأخرى.

مع أن Intego معروفة ببرامج مكافحة الفيروسات الخاصة بها، إلا أنها تقدم أيضًا خدمة VPN، ما يدمج بين حماية الخصوصية على الإنترنت والعروض الأمنية الأوسع نطاقًا. الشركة تلتزم بسياسة عدم الاحتفاظ بالسجلات في ما يتعلق بخدمات الـ VPN، ما يجعلها مزودًا موثوقًا للحلول الآمنة للتصفح لمستخدمي أجهزة «آبل». ومع ذلك، كما هي الحال مع بقية العلامات التجارية التي تملكها Kape، تثير ملكية Intego مخاوف لدى المستخدمين. علمًا أنّ لا أرقام محددة عن عدد أفراد وحدة 8200 العاملين فيها.

Wizcase

منصة مراجعات تقنية تمتلكها Kape Technologies، وتقدم مراجعات ومقارنات لمنتجات الأمن السيبراني، بما في ذلك شبكات الـ VPN وبرامج مكافحة الفيروسات وبرامج إدارة كلمات المرور. وغالبًا ما تحتل منتجات Kape في Wizcase مراتب متقدمة كأفضل خدمات في السوق، وتحصل ExpressVPN وCyberGhost وPrivate Internet Access على تقييمات عالية بشكل لافت داخل المنصة. وبالنسبة إلى المستخدمين الذين لا يعرفون ملكية Wizcase، قد تكون هذه التقييمات مضلّلة، لأنّ المنصة لها مصلحة في الترويج لمنتجات Kape. ورغم هذا التضارب في المصالح، لا تزال المنصة مصدرًا شائعًا للمستخدمين الذين يبحثون عن مقارنة بين خدمات الـ VPN وغيرها من حلول الأمن السيبراني. وتجدر الإشارة إلى أنّ لا أرقام محددة عن عدد أفراد وحدة 8200 العاملين فيها.

علي عواد/ جريدة الأخبار

مواضيع مرتبطة

كيف تحمي نفسك من اختراق Gmail؟

هي تقنية تصيد شائعة، تهدف إلى إرسال المستخدم إلى بوابة تسجيل دخول مزيفة لجمع بيانات اعتماده بهدوء.

أكاديمية الحرب الرقمية.. هكذا تجنّد "إسرائيل" المواهب العالمية

تكثّف "إسرائيل" حملاتها الإعلانية التي تستهدف جذب الشباب «العالمي» إلى دورات التعليم السيبراني في الآونة الأخيرة؛

ميتا تعلن عن أداة جديدة لصنع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة "ميتا" عن تطوير أداة جديدة يمكن من خلالها صنع الفيديوهات القصيرة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.