خاص "موقع أمان الأطفال/ د. جمال مسلماني
في عالم تُهَيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة اليومية، تُطرح تساؤلات عديدة عن عدم ظهور منصة تواصل اجتماعي عربية قوية تُنافس منصات كـ"فيسبوك" و"إكس" (تويتر سابقًا). مع أن المنطقة العربية تزخر برؤوس المال البشرية الشابة.
تطوير منصة تواصل اجتماعي محلية يتطلب بنية تحتية رقمية قوية، بدءًا من الإنترنت عالي السرعة إلى مراكز البيانات الآمنة والمجهزة. وبالرغم من التحسن النسبي في بعض الدول العربية، ما تزال عدة دول أخرى تعاني بطء الإنترنت وارتفاع تكاليف الاتصال، ما يجعل من الصعب الاعتماد على خدمات محلية منافسة. كما أنّ مواكبة التكنولوجيا، خاصة مع الانتقال نحو شبكات الجيل الخامس (5G)، تحتاج إلى استثمارات ضخمة في بنية الاتصالات. هذا الأمر يتطلب رؤى وسياسات استراتيجية بعيدة المدى من الحكومات العربية لتطوير البنية الرقمية، والتي تعدّ الأساس لأي تطور في مجال التكنولوجيا الاجتماعية.
إلى ذلك؛ المناخ السياسي في العالم العربي المُقيد يسهم في ضعف الرؤى السياسية والاقتصادية والريادية، إذ يخشى الكثيرون من إطلاق مشاريع تكنولوجية محلية يُمكن أن تخضع للرقابة أو تُغلق بسبب محتوى يُعدّ مخالفًا أو تهديدًا لاستقرار النظام. وبدلًا من تشجيع منصات التواصل التي تحفز حرية التعبير، تُستثمر الموارد غالبًا في دعم منصات تُعزز الروايات الرسمية.
يعدّ التعليم عاملًا محوريًا في تطوير التكنولوجيا، غير أنّ النظام التعليمي في بعض الدول العربية يفتقر للتركيز على المهارات الرقمية والعلوم التطبيقية الحديثة. وهذا ما ينعكس سلبًا على قدرات الشباب في مجالات البرمجة وتطوير البرمجيات. إذ إنّ غياب المناهج التي تركز على التكنولوجيا الرقمية يقلل من الفرص أمام الشباب لدخول هذا المجال. بعض التقارير تشير إلى أن نسبة كبيرة من الطلاب العرب لا يتخصصون في مجالات تتعلق بالتكنولوجيا، ما يؤدي إلى نقص الكفاءات المحلية القادرة على إنشاء وتطوير منصات تواصل اجتماعي فعّالة.
كما تؤدي الثقافة المجتمعية دورًا لا يُستهان به في تأخر التطور التكنولوجي العربي؛ ففي الكثير من المجتمعات العربية، ما تزال هناك نظرة شائعة ترى التكنولوجيا صناعة غربية، وأن محاولات محلية لإنتاج تقنيات جديدة قد لا تكون مجدية. كذلك، تتسبب التقاليد المحافظة، في بعض الأحيان، في خلق صورة سلبية عن منصات التواصل الاجتماعي، كونها فضاءات تتعارض وقيم المجتمع وتشكل تهديدًا للخصوصية. لذلك رفع الوعي المجتمعي بأهمية التكنولوجيا يسهم في جعلها جزءًا من الثقافة المحلية، ما يتيح فرصًا أكبر للمبدعين العرب لدخول هذا المجال بثقة.
تتحكّم الشركات الغربية التي تملك منصات التواصل الكبرى لالسرديات العامة، وغالبًا ما يظهر ذلك جليًا في القضايا الحساسة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. إذ تُظهر التقارير انحيازًا واضحًا للمنصات الكبرى إلى "السردية الإسرائيلية" على حساب الرواية الفلسطينية. هذا التحيز يُمثل تحديًا أمام المستخدمين العرب الذين يبحثون عن ساحة مفتوحة للتعبير عن آرائهم ونقل وجهات نظرهم. في غياب منصات عربية مستقلة، يظل المستخدمون العرب مجبرين على استخدام منصّات قد تتعارض وسردياتهم التاريخية والاجتماعية. هذه السيطرة على السردية التاريخية تسلط الضوء على حاجة الدول العربية إلى إنشاء منصات تواصل محلية تتيح للمستخدمين فضاءً أكثر حرية وحيادية.
تتعدد التحديات التي تواجه الطموح العربي لإنشاء منصات تواصل اجتماعي، ومن أبرزها:
4.ندرة الوعي الثقافي: يعدّ الوعي المجتمعي بأهمية التكنولوجيا والتحول الرقمي عاملًا أساسيًا لإنجاح منصات التواصل الاجتماعي المحلية.
تحليل SWOT لمستقبل منصات التواصل الاجتماعي العربية
نقاط القوة |
نقاط الضعف |
قاعدة شبابية كبيرة وواعية تكنولوجيًا |
نقص التمويل والدعم الحكومي |
تنوع ثقافي واجتماعي غني |
قلة المهارات التقنية في مجالات البرمجة |
اهتمام متزايد من بعض الحكومات بالتكنولوجيا |
القيود والرقابة السياسية المتشددة |
الفرص |
التحديات |
التعاون بين القطاعين العام والخاص |
الرقابة والقيود على حرية التعبير |
التوجه نحو الاقتصاد الرقمي |
ضعف البنية التحتية الرقمية |
الاستفادة من التجارب الدولية |
غياب الوعي المجتمعي بأهمية الابتكار |
بالرغم من تلك التحديات، تمتلك الدول العربية عدة إمكانات تُعدّ بمثابة فرص لتطوير منصات محلية قوية. أول هذه الإمكانات هو الرأسمال البشري؛ فالدول العربية تضم نسبة كبيرة من الشباب الذين يمتلكون الشغف والقدرة على الابتكار. إضافة إلى ذلك، يمكن استثمار التراث الثقافي الغني والموروثات الاجتماعية في إنشاء محتوى محلي جذاب على المنصات، ما يمنحها هوية عربية خاصة.
كما يمكن للحكومات العربية أيضًا الإفادة من التوجه العالمي نحو الاقتصاد الرقمي، حيث بدأت بعض الدول بالفعل تبني سياسات داعمة للتحول الرقمي. وتعزز الشراكات بين القطاعين العام والخاص فرص النجاح، حيث يمكن للمؤسسات العامة أن تؤدي دورًا في توفير التمويل اللازم أو تسهيل الإجراءات، في حين يتولى القطاع الخاص تقديم الحلول التقنية.
تحقيق نقلة نوعية في مجال التواصل الاجتماعي العربي يتطلب تكاتف الجهود من الأطراف كافة؛ الحكومات والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص.
من بين الحلول المقترحة لتجاوز العقبات الحالية:
هذا؛ وتعكس التحديات التي تواجه العرب في بناء منصات تواصل اجتماعي تأثيرات سياسية واقتصادية وثقافية، إلا أن معالجة هذه العوائق يجب أن تكون على رأس الأولويات لتحقيق تطور تكنولوجي شامل. إذ إنّ الاستثمار في التعليم وتحديث البنية التحتية وتغيير النظرة المجتمعية أزاء الابتكار؛ كلها خطوات ضرورية لتحفيز الصناعات الرقمية المحلية، وبناء فضاء عربي يعبّر عن هويته ويسهم في تطوير اقتصاد المنطقة الرقمي.
مع المربي الأصيل، يتحول الطفل من مجرد كائن من المادة، إلى مخلوق جميل من الله تعالى
هو تطبيق يستخدم التشفير بين الأطراف المتحادثة، وهذا التشفير موجود في الرسائل المكتوبة وفي المكالمات الصوتية والمرئية أيضًا.
يعمد العدو إلى وسائل تكنولوجية متطورة لاختراق أجهزتنا الذكية وصفحاتنا الاجتماعية ليترصّد أي معلومة قد تفيده
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال