الحوار مع فاطمة فرحات جرى قبيل وقف إطلاق النار في لبنان، تناول مساهمتها كحائزة على ماجستير في علم النفس العيادي وحكواتية في زيارة مراكز النزوح للتواصل مع الأطفال والأولاد. تحديثه بعد عودة النازحين كان ضروريًا. لدى الاتصال بفاطمة أخبرتني «اليوم عدت من النزوح إلى الجنوب بعد ست ساعات يمكنني التواصل معك». إذًا كانت نازحة وتهتم بالنازحين. تزور المراكز لتحكي القصص للأولاد، وتجيب على اسئلة الراشدين الصعبة.
تحديثًا للحوار كان سؤال استعادة الأطفال والأولاد عافيتهم بعد الحرب والنزوح هو الأساس؟ قالت: الطفل الذي يعود إلى منزل صالح للسكن سيكون فرحًا وفخورًا. وستكون تجربة النزوح مصدر قوة له مدى العمر. ستفاجئنا المرونة النفسية للأطفال. أما من فقدوا منازلهم يحتاجون لأن نحضّرهم للأمر، وبأن إعادة البناء يلزمها وقت، وأن مكان السكن سيتبدّل. وأن نشركهم بتحضير المنزل البديل. ومحاولة ادخال المرح والتسلية من جديد لحياتهم.
تضيف: عند ملاحظة معاناة الأولاد من قلق أو أرق قبل النوم ويتواصل لمدى شهر، تكون الحاجة ضرورية للدعم من مختص. والأهم أن يعود الأطفال إلى الروتين والنظام الذي كان لهم سابقًا. شخصيًا نزحت عن قريتي التي تضررت كثيرًا، حتى وإن كنت متخصصة بالعلاج النفسي شعرت بقسوة النزوح وبالنازحين. وبأني في غير منزلي، وكنت مستعدة لتقديم الدعم للأطفال. والورش للأهل بهدف تخفيف خوف ابنائهم. شخصيًا هيأت اطفالي لما نحن عليه وكان رد فعلهم حزين، وعملت لاحتوائهم. وللأهل اقول عليكم بسؤال المختصين، فالمنصات متيسرة ولا تتأخروا.
عن زياراتها لمراكز النزوح واهدافها قالت فاطمة فرحات: الهدف رواية القصص للأطفال، وتقديم الدعم النفسي لهم من خلال القصص. إلى زيارات أخرى للقاء الأهل ومساعدتهم في كيفية التعامل مع أولادهم. تترك القصص وقعًا إيجابيًا على الأطفال، يلتفون حولي بفرح. فالقصص التي اختارها تؤدي بهم إلى اجواء ايجابية، حماسية ومضحكة. ونتمكّن من خلق بسمة على وجوههم.
عن خصوصية مراكز النزوح تشير فاطمة إلى الحاجة لمكبر الصوت، كون المكان مفتوح. وتضيف: دائمًا اسعى للتأكد من تركيزهم معي. تركيز لا يتعدى زمن القصة وهو 20 دقيقة. والسبب وجود أعمار مختلفة من أطفال وأولاد، وصبايا وشباب، وأهل وكبار سن أحيانًا. وهنا اختار الحكاية الشعبية التي تمس كافة الأعمار. ثيمة الحكايات متنوعة بين فكاهية وتراثية، وأخرى ذات قيم، ولا تمت بصلة للحرب والموت. فالهدف هو ادخال البهجة.
ملفت جدًا التحلق السريع للأطفال من حولي، وكذلك انصاتهم، والذي يستمر بالحد الأقصى نصف ساعة. لقاء يبدأ مع ردية «يا ستي حكيلي حكاية تْحبيها.. اليوم بصدرك خبيها بكرا برجع بحكيها». ويتخلل اللقاء تمارين تنفس وغيرها. ولاحقًا يأتي دور الحكاية فيكون التفاعل رائعًا.
تقول فاطمة فرحات أن الحكواتية والمعالجة النفسية لديها تتساندان خاصة مع الأطفال النازحين. المعالجة النفسية تساعدني في دعمهم، وفي اعداد التمارين التي تسبق الحكاية وتمهّد لها. كما تساعدني في اختيار حكايتي. بالنسبة لي فهذا شكل تمرينًا نفسيًا شخصيًا لكوني افرح عندما ألعب أدوار شخصيات الحكاية. خاصة عندما اتمكن من اضحاك أكبر عدد من الأولاد. وهذا يختلف عن جلسة العلاج النفسي التي تستهدف فردًا. اشعر بنعمة الجمع بين الحكواتية والعلاج النفسي.
بالسؤال عن قدرة العلاج النفسي في أن ينسى الأطفال بعدهم عن منازلهم، تركز فاطمة فرحات على مرونتهم النفسية، وقدراتهم على التأقلم. وكذلك على اللعب وتكوين صداقات جديدة والفرح بأقل ما يُقدّم لهم.
تشرح نوعية ومضمون الاتصالات التي تتلقاها فتقول: معظمها من النازحين الراشدين. يطلبون المساندة في كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من النزوح والفقد. كأن تسأل الأم كيف أخبر طفلي بأن والده استشهد؟ وكيف نخبر طفلًا أنه الناجي الوحيد من عائلته بعد الغارة؟ وكيف نخبر طفلًا خرج من المستشفى بعد علاج من جروح بالغة بأنه يحتاج لمزيد من العمليات الجراحية لاحقًا؟ أو كيف نخبر طفلًا أن والدته فقدت بصرها نتيجة الإصابة؟ أما جلسات العلاج النفسي الفردي فلم تكن واردة خلال النزوح مطلقًا.
زهرة مرعي/القدس العربي
أفادت والدة إحدى الضحايا بأن أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم تسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع فيديو على "تيك توك"
وسط الحال الأمنية والنفسية الصعبة للبنانيين، يبرز التأثير الأكبر على النساء والأطفال، خصوصًا مع توقف العام الدراسي للكثيرين منهم
يتعلّم الأطفال من القدوة، لذلك الصبر معهم هو إحدى الطرائق لتعليمهم هذه الصفة.
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال