من وجد كيسًا فيه مال يا قوم، من وجد كيسًا فيه مال يا قوم؟..احتار جواد هل يعترف بأنه هو؟

يُحكَى أنه كان هناك رجل فقير غير مقتدر ماديًا اسمه جواد، وكان لجواد زوجة تقية تُدعَى حنان، وكان لديهما ولدان صغيران يملآن عليهما دنياهما، وبالبرغم من سعي جواد ومثابرته لم يكن ميسور الحال ولكن مع ذلك لم يكن كسولًا أبدًا، بل كان لا يترك أي فرصة عمل يستطيع أن يفعلها.

كان جواد يُعرف بين أهل قريته بأمانته وحسن خلقه، وفي يوم من الأيام جاءت زوجه حنان تشتكي لزوجها من أنه لا يوجد شيء في البيت يأكل منه الطفلان الجائعان.

وطلبت من زوجها أن يخرج متجولًا في المدينة عسى الله أن يجعل له مخرجًا لكي يطعم أطفاله، فوافق جواد على كلام زوجه، وقال لها:

- حسنًا يا زوجي العزيزة سأذهب لكي أصلي ركعتين وأدعو الله أن يجعل لنا مخرجًا ويرزقني، وبعد ذلك أكمل طريقي لكي أبحث عن عمل نقتات منه"

بالفعل خرج جواد قاصدًا المسجد وكان هذا التوقيت أذان الظهر.

أدى الرجل صلاة الظهر، وظل جالسًا يدعو الله أن يرزقه رزقًا حلالًا طيبًا، ثم خرج من المسجد لكي يبحث عن عمل، وفي أثناء سيره في السوق وجد جواد كيسًا مصنوعًا من القماش، فقام بفتحه لينظر ما بداخله فوجد فيه مالًا، نظر حوله وهو مندهش ثم أغلق الكيس وأسرع مسرعًا إلى زوجه ويناديها:

• يا حنان يا حنان، اتركي ما في يدك وتعالي وانظري إلى ما جئت به حالًا

بالفعل جاءت زوجه مسرعة، ورأت ما يحمله جواد بين يديه من مال فتعجبت من هذا الأمر وسألته: من أين هذا يا جواد؟

حكى لها ماذا حدث له؛ وأخبرها بأنه سيذهب الآن لكي يشتري ببعض الدراهم ما يأكله أطفاله، فقالت الزوجة: - "لا... لا، والله لن نأخذ منها أي درهم يا جواد، وكيف نأخذ مالًا ولا ندري من صاحبه، أنسيت ما تعاهدنا عليه؛ وهو أن نبني هذا البيت بالرزق الحلال؟ اذهب يا زوجي وابحث عن صاحب هذا الكيس واحتسب أجرك هذا عند الله".

وافق جواد على ما قالته زوجه فخرج حزينًا وفجأة سمع مناديًا ينادي في السوق:

- من وجد كيسًا فيه مال يا قوم، من وجد كيسًا فيه مال يا قوم؟

فرد عليه جواد وقال له: أنا وجدته يا رجل، ولكن ما دليلك على أنك صاحبه، فقال له الرجل إن هذا الكيس فيه ألف درهم.

نظر جواد إلى التاجر، وكان قد أحصى المال، وقال له لقد صدقت، ابتسم التاجر وقال لجواد:

• خذ الكيس أيها الرجل الأمين

تعجب جواد من كلام هذا الرجل، وقال له: هل أنت صادق في ما تقول؟

رد التاجر: نعم يا رجل، لقد منحني رجل ثري من بلاد الشام كيس الدراهم هذا، وقال لي ضع ألفًا منها في كيس وقم بوضعه في الطريق، ثم عد إلى هذا المكان مرة أخرى، وابحث عنها فإن ردها إليك أحدهم؛ فأعط له ما بقي من المال، وها أنت الآن قد رزقت بالمال جزاءً لأمانتك، فهنيئا لك.

شكر جواد هذا الرجل التاجر، ورجع إلى بيته مسرعًا فرحًا بما رزقه الله وكان فخورًا بزوجه الطيبة الأمينة، وبعد ذلك اشترى لطفليه ما لذ وطاب واحتفظ بما بقي معه من مال.

العبرة من القصة

نتعلم من هذه القصة رد الأمانات إلى أهلها، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه. إذ يقول الله في كتابه الكريم : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}.