في مكان ريفي هادئ، كان يعيش فأر لطيف ونشيط. كان يعمل طوال الصيف ليجمع الطعام ويخزنه في بيته، في قلب شجرة عتيقة وكبيرة.
في إحدى الليالي، جلس فأر الريف أمام بيته يستريح. فجأة، رأى ابن عمه الذي جاء من المدينة ليزوره. في تلك اللحظة، لاحظ فأر الريف بومة تنقض على ابن عمه فأر المدينة. صاح فأر الريف: “انتبه!” ثم ركض نحو ابن عمه ودفعه إلى حفرة، واختبأ كلاهما فيها، فطارت البومة بعيدًا عن الفأرين الخائفين.
رحب فأر الريف بابن عمه قائلًا: “أهلًا وسهلًا بك في بيتي. ستحب الريف، فهو هادئ ولطيف. وأرجو أن تكون زيارتك لي طويلة...”. ثم أعد له عشاءً مؤلفًا من طعام كثير، لكن فأر المدينة لم يُعجب بالطعام الريفي ولا بآنية الأكل الفخارية السميكة.
عند وقت النوم، لم يستطع فأر المدينة تحمل فراش القش، فقد تسبب له في حكة وجعله يعطس كثيرًا. فقال: “لا أستطيع النوم، فالريف معتم وهادئ جدًا. لم أعتد النوم في قلب شجرة”. فأضاء له فأر الريف شمعتين وأعد له حساءً ساخنًا.
كان فأر الريف يستيقظ كل يوم قبل شروق الشمس ليبدأ عمله في جمع طعام الشتاء. قال يومًا لابن عمه فأر المدينة: “تعال ساعدني يا ابن عمي...”. لكن فأر المدينة لم يحب العمل، وكان يخاف أن تتلف ثيابه أو تتسخ يداه من قطف الثمار والعمل في الحقل.
جلس الفأران ذات يوم في حقل قمح، وفجأة انقض صقر على فأر المدينة وأمسكه وطار به. صاح فأر الريف في يأس: “آه! مسكين يا ابن عمي!”. لكن دخان السيجار الذي كان في يد فأر المدينة جعل الصقر يعطس بشدة، فسقط فأر المدينة على كومة من القش.
في صباح آخر، مشى الفأران في البرية بحثًا عن الفطر. تنهد فأر المدينة قائلًا: “لا أحب الريف، إنه معتم، بارد، رطب، وهادئ جدًا...”. بينما مر حصان لطيف في البرية، خاف فأر المدينة ووقع على ظهره فوق العشب المبتل، معتقدًا أن الحصان وحش كبير.
قال فأر المدينة: “آه، يا ابن عمي، تعبت من الريف! الجو في المدينة دافئ وجاف، والطعام وفير، ولا نتعب في الحصول عليه. تعال وشاهد ذلك بنفسك...”
وفي ليلة، رأى فأر المدينة أهل المنزل المجاور يستعدون للذهاب إلى المدينة بالسيارة.
أسرع إلى فأر الريف وصاح قائلًا: “تعال يا ابن عمي، تعال نرحل معهم...”.
اختبأ الفأران في السيارة، وقفزا منها حين وصلوا وسط المدينة.
سمع فأر الريف في وسط المدينة ضجيجًا مزعجًا، ورأى أضواءً قوية منبعثة لم يكن في حياته قد سمع مثل ذلك الضجيج أو رأى مثل تلك الأضواء.
قال فأر المدينة مرحبًا بابن عمه: أهلًا وسهلًا بك في بيتي... وأسرع أفراد الأسرة كلهم يرحبون بفأر الريف في بيتهم الواسع.
رحب فأر المدينة بابن عمه ترحيبًا شديدًا وقدم له طعامًا شهيًا مكونًا من ألوان الفاكهة، والكعك، والبسكويت، والقشدة، والشوكولاتة. رغم أن الطعام الدسم والحلويات كانت لذيذة، إلا أن فأر الريف شعر بشيء من الغرابة.
بعد العشاء، تجول فأر الريف في بيت ابن عمه، ولاحظ أنه بيت واسع جدًا، لدرجة لم يشعر فيه بالأمان والراحة كما كان في بيته الصغير. وعندما جاء وقت النوم، لم يتأقلم فأر الريف مع الفراش الفخم ولا مع الأنوار القوية المتسربة من الشارع، فأصبح يشعر بالقلق وعدم الراحة.
في اليوم التالي، قرر الفأران الخروج إلى الحديقة العامّة للاستمتاع بالطبيعة، لكن سرعان ما تحولت نزهتهما إلى مطاردة، إذ حاولت طيور البجع والبط أن تلتهم طعامهما، فهربا مذعورين. وفي يوم آخر، في أثناء تجوالهما، هاجم كلبٌ ضخم فأر الريف، لكن فأر المدينة أبدى ذكاءً سريعًا ورش وجه الكلب بشراب الليموناضة، فهرب الفأران من الموقع بعد أن أصابهما خوف شديد.
عاد فأر الريف إلى بيت ابن عمه وهو خائف وحزين، ثم مرت بالقرب منه مكنسة كهربائية وكادت أن تبتلعه، ما زاد من خوفه واضطرابه.
بعد يوم واحد، كاد فأر الريف أن يقع في مصيدة. فأسرع أفراد الأسرة لإنقاذه، ثم هرعوا جميعًا للاختباء في حفرة ضيقة في الحائط هربًا من قطة شرسة كانت تحوم في المنزل. بقيت القطة في الغرفة طوال النهار وطوال الليل، ما اضطر الفأران وأقرباؤهما للبقاء مختبئين من دون طعام، حتى شعروا بالجوع الشديد.
في تلك الليلة، وبينما كان فأر الريف جائعًا ومضطربًا، حلم ببيته الريفي الصغير وشعر كأنه يشم رائحة الشجر والتراب الطازج. استيقظ يرجو بشدة العودة إلى الريف، حيث الهدوء والبساطة والأمان.
في صباح اليوم التالي، شعر فأر الريف بسعادة مفاجئة حينما أدرك أن رائحة الشجر كانت حقيقية؛ فقد جاءت الأسرة بشجرة لتزيينها بمناسبة ليلة رأس السنة، تحت الشجرة، كانت هناك سلة كبيرة، وعندما قرأ فأر المدينة العنوان المكتوب عليها، قال لابن عمه: “هذا السلة مُرسلة إلى مكان قريب من بيتك في الريف...”.
ودّع فأر الريف أقرباءه ودخل السلة متحمسًا للعودة. لاحقًا، جاءت سيارة حملت السلة وانطلقت باتجاه الريف. عندما اقترب فأر الريف من بيته الريفي، قفز من السيارة وهبط في الثلج، ليجد نفسه أمام بيته العتيق.
وصل فأر الريف في ليلة السنة الجديدة، فخرج يبحث عن أصدقائه في الساحات وأماكن الاحتفالات ليحتفل معهم. استقبل الأصدقاء فأر الريف العائد بحفاوة، وسأله أصغرهم: “تعال، حدّثنا عن مغامراتك العظيمة في المدينة...”.
تنهد فأر الريف تنهيدة عميقة، وقال في نفسه: “مساكين، إنهم لا يعرفون أن كل ما أريده الآن هو أن أنسى المدينة ومغأمراتها، وأبقى هنا في هدوء الريف...”.
المغزى من القصة
تعكس قصة فأر المدينة وفأر الريف، أهمية قيم الصداقة، التكيف، والتضحية، وتذكرنا بأهمية فهم واحترام الثقافات المختلفة والتعلم من تجارب الآخرين.
قالت السمكة: "إذا أطلقت سراحي، سأحقق لك ثلاث أمنيات!"..لكنّه لم يكن راضيًا..!!
قرّر الكلب أن يقوم بتدريب نفسه على الركض السريع؛ كي يستطيع الإمساك بهذا الأرنب .. فهل نجح في ذلك؟
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال