أصدر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (مركز حملة) تقريره السنوي "هاشتاغ فلسطين"، الذي يرصد انتهاكات الحقوق الرقمية والعنف الافتراضي الذي يتعرض له الفلسطينيون ومناصرو الحقوق الفلسطينية على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
ركز التقرير، الصادر الاثنين الماضي، على انعكاسات حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت أكثر من 15 شهرًا على قطاع غزة، والانتهاك الممنهج لحقوق الفلسطينيين الرقمية، كما سلط الضوء على استخدام "إسرائيل" الذكاء الاصطناعي في أعمالها العسكرية والأمنية بهدف التضييق على المحتوى الفلسطيني وتقييده. تطرق أيضًا إلى الدور المتزايد الذي تلعبه شركات التكنولوجيا في تعزيز ما وصفه "حملة" بـ"الاحتلال الرقمي"، من خلال امتثالها للطلبات الإسرائيلية وتقديمها تقنيات لاستعمالها ضد الفلسطينيين.
رقابة على المحتوى
شنّت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في العام 2024 حملات اعتقال شملت المئات من فلسطينيي الداخل والقدس المحتلة بتهمة التحريض من خلال منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، وأدان القضاء الإسرائيلي أغلبهم. بنهاية إبريل/ نيسان الماضي وجّهت لوائح اتهام إلى 162 شخصًا بسبب منشورات على منصات التواصل الاجتماعي.
كان ذلك جزءًا من حملة إسرائيلية واسعة النطاق على حرية تعبير الفلسطينيين بعد بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفقًا لمركز حملة. إذ تعرض الكثير من الفلسطينيين إلى الطرد والاعتقال والمراقبة بسبب تعليقات على المنصات الاجتماعية.
هذه الضغوط دفعت أعدادًا أكبر من الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس لممارسة الرقابة الذاتية، وكان تقرير سابق لـ"حملة" قد كشف أن 40% من الشباب قاموا بحذف منشورات سياسية، كما اضطر 50% منهم إلى تخفيض نشاطهم الإلكتروني، وأقر 60% بأنهم يمارسون الرقابة الذاتية بسبب تدهور الأمان الرقمي وازدياد المراقبة، من قبل جهات مختلفة، أبرزها إدارات المنصات وسلطات الاحتلال وكذلك السلطة الفلسطينية.
الأمر نفسه، عايشه الشباب في الداخل المحتل، ففي تقرير آخر أعده "حملة"، قال 70% إنهم يمارسون الرقابة الذاتية على منشوراتهم، كما أشار 74% إلى أنهم تعرضوا لاعتداء لفظي على منصات التواصل الاجتماعي.
منصات التواصل متعاونة مع إسرائيل
أدت منصات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في إعاقة الناشطين والصحافيين في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية، من خلال ممارسة قمعية تنوعت بين إزالة المنشورات وتعليق الحسابات وحتى التلاعب بالخوارزميات، وهو ما ينتهك مبادئ حرية التعبير والشفافية، كما أنه يعزز التهميش الرقمي للفلسطينيين.
لفت مركز حملة إلى أن شركة ميتا، على سبيل المثال، مارست رقابة غير متكافئة وموجهة ضد المحتوى الفلسطيني في عام 2024، ما أثر بشكل كبير في عمل الصحافيين ووسائل الإعلام، وهو ما وثّقه المركز في تقرير تضمن شهادات من 20 صحافيًا ومؤثرًا فلسطينيًا عن إجراءات "ميتا" الرقابية لإسكات الأصوات الفلسطينية. كذلك، وثّق مركز حملة 797 حالة شهدت حذفًا أو تقييدًا للمحتوى نفذتها منصات التواصل الاجتماعي بحق المحتوى الفلسطيني خلال العام الماضي.
توزعت هذه الانتهاكات بين 596 حالة حذف أو تقييد للحساب و201 حالة حذف للمحتوى. وسجّلت منصة إنستغرام العدد الأكبر من الانتهاكات ضد المحتوى الفلسطيني، وبلغت 428، تلاها "تيك توك" بـ166 انتهاكًا، وحلّ "فيسبوك" ثالثًا بـ163 انتهاكًا، وتوزعت بقيت الانتهاكات على منصات إكس ويوتيوب وواتساب وغيرها.
انتهاكات لحقوق الفلسطينيين ومناصريهم
لفت تقرير "حملة" إلى أن منصات مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تليغرام" و"إكس" لم توفر حماية كافية للفلسطينيين من خطاب الكراهية والعنف، وهو ما أدى لانتشار محتويات تحرض على العنف والإبادة الجماعية خلال العدوان على غزة.
وثّق المركز خلال العام الماضي كمًّا ضخمًا من المحتوى الذي يحض على العنف والكراهية ضد الفلسطينيين والمناصرين لحقوقهم باستخدام أداتين رئيسيتين: منصة حر ومؤشر العنف. وبلغ إجمالي عدد المنشورات التي وثقت من خلال مؤشر العنف وتضمنت محتوى عنيفًا باللغة العبرية أكثر من 12 مليونًا، مقابل أقل من مليون و200 ألف منشور باللغة العربية.
كذلك، وثق 2779 محتوى عنيفًا بشكل يدوي من خلال منصة حر، تنوعت بين التحريض وخطاب الكراهية وتشويه السمعة والأخبار المضللة. وشهد "إكس" نشر أكبر عدد من هذا المحتوى من خلال 1834 منشورًا، تلاه فيسبوك بـ527 منشورًا، فيما حل "إنستغرام" ثالثًا بـ255 منشورًا.
بالإضافة إلى ذلك، سجّل التقرير تعرض العاملين في شركات التكنولوجيا لرقابة وتقييد شديدين فيما يتعلق بموقفهم الداعم للفلسطينيين ولوقف حرب الإبادة على غزة. وواجه مناصرو فلسطين في شركات مثل "ميتا" و"غوغل" و"آبل" ممارسات تمييزية، منها التنمر والرقابة خارج العمل والتضييق الإداري. كما طردت "غوغل" 50 موظفًا شاركوا في احتجاجات سلمية على مشروع نيمبوس الذي تتعاون فيه الشركة مع الحكومة وجيش الاحتلال.
إضافةً إلى ذلك، أدان التقرير الدور الذي لعبته منصات الاقتصاد الرقمي، مثل "بايبال" و"غو فوند مي" في تقييد وصول المساعدات المالية إلى المؤسسات والأفراد في غزة، عبر فرض إجراءات رقابية مشددة وحذف الحسابات، الأمر الذي أخّر وصول المساعدات المالية في ظل حرب الإبادة التي أدت إلى استشهاد نحو 50 ألف فلسطيني.
عسكرة التكنولوجيا
ركّز التقرير أيضًا على دور سلطات الاحتلال في تقييد الحقوق الرقمية، وذلك من خلال تفتيش هواتف الفلسطينيين وحساباتهم الإلكترونية عند توقيفهم على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتعزيز منظومات الرقابة مثل كاميرات التعرّف على الوجوه في المدن والأحياء الفلسطينية. إضافةً إلى سن قوانين تجريمية مثل قانون اختراق المواد الحاسوبية، الذي يوسع صلاحيات الشرطة في استخدام أدوات تجسس مثل "بيغاسوس" لتشمل الهواتف والحواسيب من دون إبلاغ أصحابها.
بيّن مركز حملة أن جيش الاحتلال قام بعسكرة الذكاء الاصطناعي خلال حرب الإبادة على غزة عبر توظيفه أدوات رقمية مثل "غوسبل" و"لافندر" و"أين أبي؟" في جمع المعلومات وإنتاج قوائم أهداف يفترض أنها عسكرية، لكن معظم ضحاياها كانوا من المدنيين الفلسطينيين، لأنها تعتمد على بيانات غير دقيقة أو ناقصة في كثير من الأحيان.
من الناحية المقابلة، عمدت "إسرائيل" إلى عزل الفلسطينيين إلى أبعد حدٍّ تكنولوجيًا، وأشار التقرير إلى أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية للاتصالات في القطاع، إذ بينت التقديرات الأولية تضرر نحو 75% منها بشكل كامل أو جزئي. كما شهدت خدمة الاتصال انقطاعات متكررة، ولحقت أضرار كبيرة بخدمات الإنترنت.
دعا مركز حملة، في ختام تقريره، مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لاتخاذ تدابير فورية تضمن وقف انتهاك الحقوق الرقمية للفلسطينيين، وطالب بمساءلة شركات التكنولوجيا الكبرى عن دورها في تعزيز هذه الانتهاكات. كما شدّد على ضرورة إلزامها باتباع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإجراء تقييمات مستقلة وشفافة لتأثير سياساتها في الحقوق الرقمية للفلسطينيين.
قدرة الألياف على تحليل عدة إشارات في وقت واحد يجعلها تشبه أعضاء الحواس البشرية
تلعب حبيبة مع بعض الخراف في المزرعة وتطلق على كل واحد منها اسما خاصا
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال