واتساب يشكو قراصنة صهيون... وmeta كلّها «على حسابهم»

واتساب يشكو قراصنة صهيون... وmeta كلّها «على حسابهم»

اكتشفت شركة واتساب محاولة اختراق استهدفت نحو 90 مستخدمًا يقيمون في أكثر من عشرين دولة.

في عالم التجسّس الإلكتروني، لا شيء يظهر إلى العلن من دون سبب. فضيحة جديدة تهز واتساب، بعدما اخترقت شركة إسرائيلية العشرات من المستخدمين بطريقة غير متوقعة. لكن السؤال الحقيقي: من المستفيد من كشفها؟

في نهاية الأسبوع الماضي، كشف مسؤول في تطبيق واتساب، التابع لشركة «ميتا» المملوكة من مارك زوكربيرغ، لوكالة «رويترز»، عن استهداف شركة التجسّس الإسرائيلية «باراغون سوليوشنز» العشرات من مستخدمي التطبيق، بمن في ذلك صحافيون وأفراد مجتمع مدني في حملة تجسّس جرت في نهاية العام الماضي. وأوضح المسؤول أنّ واتساب أرسلت إلى «باراغون» خطابًا يطالبها بوقف أنشطتها الضارة فورًا بعد اكتشاف الهجوم. وفي بيان رسمي، أكدت واتساب أنّها «ستواصل حماية قدرة الناس على التواصل بشكل محمي وخاص». من جانبها، رفضت «باراغون» التعليق على هذه الاتهامات.

في المعلومات، اكتشفت شركة واتساب محاولة اختراق استهدفت نحو 90 مستخدمًا يقيمون في أكثر من عشرين دولة، من بينهم أفراد عدة في أوروبا. وأفادت الشركة بأنها أبلغت المستخدمين المستهدفين بوجود خرق محتمل لأجهزتهم.

تشير التحقيقات الأولية إلى أنّ الهجوم كان من نوع «زيرو - كلِك» Zero Click، ما يعني أنّ الضحايا لم يكونوا بحاجة إلى النقر على أي روابط مشبوهة كي تُخترق أجهزتهم. وأوردت صحيفة «ذا غارديان» عن أسلوب قرصنة محتمل، يتمثل في إرسال برنامج التجسّس «غرافايت» التابع لـ«باراغون» ملف PDF مفخخًا بالبرمجيات الخبيثة إلى مجموعات واتساب من دون إذن المستخدمين. بمعنى أنّ الملف يظهر فجأة داخل Group واتساب، وهذا وحده كفيل باختراق واتساب والتجسّس على المحادثات. ويُعرف برنامج التجسس «غرافيت»، بقدرته على الوصول الكامل إلى الأجهزة المستهدفة، بما في ذلك القدرة على قراءة المحادثات المُرسلة عبر تطبيقات مشفرة مثل واتساب وسيغنال.

كان يمكن لهذه القضية أن تكون مثل عدد من قضايا التجسُّس التي تُكشف بين الحين والآخر عن شركات تجسس إسرائيلية، ولا سيما شركة NSO وبرنامجها «بيغاسوس» الشهير. لكنّنا هنا أمام قضية مختلفة من ناحية الدوافع والتوقيت والأشخاص الأقوياء الذين يقفون خلفها. فشركة «باراغون»، التي تأسست في عام 2019 من قِبل مجموعة من ضباط الاستخبارات الإسرائيليين السابقين وبدعم من رئيس وزراء العدو الإسرائيلي السابق إيهود باراك، كان من المُفترض أن تُباع إلى شركة AE Industrial Partners الأميركية في نهاية العام الماضي، ضمن صفقة بدأت بقيمة 500 مليون دولار ثم ارتفعت إلى 900 مليون دولار (الأخبار 27 /1/ 2024).

مثَّلت الصفقة نقلةً نوعية في التعاون بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال في مجال مبيعات التكنولوجيا السيبرانية. من جهة، تعتبر إسرائيل تلك البرمجيات بمثابة أسلحة، ولا تسمح بتصديرها إلا بعد موافقة حكومية. ومن جهة أخرى، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات التجسّس الإسرائيلية، ولا سيما شركة NSO في العام 2021، بسبب استخدام برامجها في التجسُّس على موظفين حكوميين أميركيين، بمن فيهم موظفون في وزارة الخارجية.

كما وقَّع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في العام 2023 أمرًا تنفيذيًّا للحد من الاستخدام الضار لبرامج التجسّس. لكن مع «باراغون» التي تدَّعي أنها شركة «أخلاقية» على عكس NSO، والتقارير التي نُشرت عن إتمام الصفقة قبل أسابيع من تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للمرة الثانية، بدا أنّ الموقف الأميركي قد تغيَّر. والجدير بالذكر أنّه بموجب الصفقة، كانت «باراغون» ستستمر في إدارة عملياتها من كيان الاحتلال، وهو ما يُمكِّنها من العمل بعيدًا من قوانين الولايات المتحدة، ما يعزز قدرتها على العمل بحرية أكبر.

لكن وفقًا لأحدث المعطيات، يبدو أنّ الصفقة لم تحصل بعد على الموافقات التنظيمية الكاملة من إسرائيل. ولم تُدرج الشركة الأميركية AE Industrial Partners الشركة الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني. كما تأتي هذه التطورات بعد أسابيع فقط من صدور حكم قضائي تاريخي في كاليفورنيا لمصلحة تطبيق واتساب ضد شركة NSO، واعتُبرت هذه القضية انتصارًا كبيرًا لواتساب في معركته ضد شركات التجسّس التي تهدد الخصوصية الرقمية.

لا يمكن تناول هذا الموضوع من دون الإشارة إلى «تكويع» مؤسس «ميتا» مارك زوكربيرغ، وانضمامه إلى «الحظيرة» الترامبية، بعدما كان يصف ترامب «ميتا» بأنها «عدوة الشعب» واتهمها بإسكات أصوات جماعات اليمين. وأشارت تقارير حديثة إلى أنّ زوكربيرغ يبحث عن عقار في العاصمة واشنطن ليبقى على مقربة من البيت الأبيض (يأتي الحب بأشكال عدة). المهم، تدفع كل هذه المعطيات المراقبين للتساؤل عن حقيقة الفضيحة: هل كُشفت هذه القضية بسبب غضب الإدارة الأميركية من امتناع إسرائيل عن إتمام صفقة بيع «باراغون» إلى أميركا؟ أم أنّ واشنطن سحبت دعمها للشركة بعدما تبين أنه من بين المُستهدفين الصحافي الإيطالي الشهير فرانشيسكو كانسيلاتو، رئيس تحرير موقع Fanpage الاستقصائي الإيطالي، والمعروف بكشفه عن شبكات الفاشيين داخل حزب رئيسة وزراء إيطاليا اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني؟

أسئلة كثيرة لا أجوبة شافية عنها اليوم، لكن من المتوقع أن تصدر مجموعات بحثية، مثل «سيتيزن لاب»، تقارير مفصلة في المستقبل القريب توضح كيفية تنفيذ هذه الهجمات وتحديد الجهات المسؤولة عنها، ما قد يفتح المجال أمام المزيد من الإجراءات القانونية والتنظيمية لمواجهة هذه التهديدات، وبالتالي المعلومات والأجوبة.

علي عواد/ جريدة الأخبار

مواضيع مرتبطة

واتساب يشكو قراصنة صهيون... وmeta كلّها «على حسابهم»

اكتشفت شركة واتساب محاولة اختراق استهدفت نحو 90 مستخدمًا يقيمون في أكثر من عشرين دولة.

روسيا.. ضبط أساليب احتيال جديدة على "تليغرام"

بدأ المستخدمون بالإبلاغ عن تلقيهم رسائل تدعي أنها تأتي من خدمة دعم Telegram.