ياسمين مصطفى الطّحان/ خاص موقع "أمان الأطفال"
في لحظات قليلة، يتوقف الزمن، يتجمد الهواء، وتتثاقل الأنفاس…كم هي قاسية هذه اللحظة ، لحظة تبكي لها السماء وينزف قلب كل من يؤمن أن طريق الحرية والكرامة هو مقاومة أبيّة. يترجل فيها رجل ليس ككل الرجال، قائد فرسان المقاومة لم يكن اسمه مجرد لقب، بل كان راية، كان وعدًا لا يخلف، وكان درعًا لأمة لا تركع.
السيد نصر الله (قدس) صوتٌ كان يهدر في الميادين، ونبضٌ كان يضيء طريق الأحرار، غاب الجسد ولكن بقيت الفكرة، غاب الصوت ولكن بقيت الكلمة، واستقرت في قلوب الذين آمنوا به، الذين رأوه قائدًا لا تهزه العواصف، ولا تثنيه المحن.
نحزن؟ نعم، فمن لا يحزن حين يغيب رجل بحجمه؟ نبكي؟ نعم، ولكن ليس بكاء الضعف، بل دموع الفخر، دموع الرجال الذين عرفوا أن القادة العظماء يولدون ليكونوا نورًا في حياتنا، ونجومًا في سماء التاريخ.
رحل الجسد، لكن الطريق الذي رسمه بدمه أطول من أن ينتهي، والمسيرة التي بدأها أبعد من أن تتوقف. ستبقى كلماته ترنّ في الأذن، وستبقى رايته مرفوعة، وسيردد الأحرار من بعده: "نحن الوعد الصادق".
في لحظات الفقد الكبرى، يظهر الأطفال بصورتهم البريئة وهم يعبرون عن مشاعرهم بأسلوب صادق ومؤثر. لم يكن تشييع سيد المقاومة، أب الأيتام السيد حسن نصر الله، القائد المضحي الذي ارتبط اسمه بالمقاومة والعزة والصمود، مجرد حدث سياسي أو شعبي، بل حدث زلزل العالم وأثر في جميع الأجيال، بما في ذلك الأطفال الذين نشأوا وهم يسمعونه ويرون دوره الجلل في حماية وطنهم والحفاظ على كرامتهم .
شهدت مراسم التشييع مشاهد مؤثرة حيث ظهر الأطفال وهم يلوحون بالرايات، ويرددون الأناشيد التي كانوا يسمعونها منذ صغرهم. بعضهم كان يحمل صور السيد نصر الله (قدس)، بينما بدت على وجوههم مشاعر التأثر العميق فهم يشعرون أنهم فقدوا أباَ حنوناً معطاء. كانت أعينهم تلمع بالدموع، وكأنهم يدركون، رغم صغر سنهم، أن فقدان قائد مثل السيد الحبيب حسن نصر الله ليس مجرد حدث عابر، بل نقطة تحول في حياة كل مقاوم شريف .لا يمكن لأحد أن ينسى اسمه الذي خلده التاريخ بأشرف المحطات رغماً عن كل إرهابيّ ، كان السيد وسيبقى سيد الانتصارات وأمين القلوب.
لم يكن الأطفال مجرد متفرجين، بل شاركوا بقلوبهم الصغيرة في هذا الحدث العظيم. بعضهم سار جنبًا إلى جنب مع ذويهم، يرددون عبارات الوداع ويستمعون إلى كلمات التأبين التي تروي سيرة السيد نصر الله (قدس) وملاحمه المشرفة، وتذكر بدروسه وتعاليمه... كثير منهم كانوا يرتدون الزي الكشفي، بينما حمل آخرون الورود التي وضعوها بالقرب من صور القائد المغوار الراحل بجسده فقط.
على الرغم من صغر سنهم، فإن الأطفال تأثروا بشدة بالمشهد، فقد تساءلوا عن معنى الفقد والموت، وبدأوا يدركون أكثر عن التضحيات التي يقدمها القادة من أجل شعوبهم. بعض الآباء لاحظوا أن أبناءهم يسألون عن شخصه الكريم وكأنه فرد من العائلة، يعكس ذلك مدى ارتباطهم العاطفي بشخصيته.
إن تعاطف الأطفال في تشييع السيد حسن نصر الله(قدس) لم يكن مجرد مشاعر عابرة، بل يعكس حقيقة أن الأجيال القادمة ستظل تحمل في قلوبها روح المقاومة والصمود. هؤلاء الأطفال الذين شاركوا في وداعه اليوم، قد يصبحون غدًا ممن يكملون مسيرته حاملين قيم التضحية والولاء التي زرعها في نفوسهم منذ صغرهم.
في النهاية، يظل مشهد الأطفال في وداع السيد نصر الله (قدس) صورة صادقة لمجتمع يرى في قادته رموزًا للأمل والمستقبل، ويثبت أن الأثر الذي يتركه القادة الحقيقيون يمتد عبر الأجيال، ليبقى حيًا في قلوب الصغار قبل الكبار. وخاصة كالسيد فهو لم يكن عزيز على قلوب المجاهدين الأبطال فقط بل كان محبوباً عند كل الشعوب وكل من كان يعرفه أو لاقاه أثنى على أخلاقه العالية وأسلوبه الراقي والودود. لم يغتالوا السيد إلا لمعرفتهم بمدى تأثيره على أهل المقاومة في كل العالم و خطورة حكمته و قوته عليهم، و لهذا نحن سنبقى على هذا النهج ولن ننسى وصاياه وسنظل نهتف "لبيك يا نصر الله ".
السلام عليك أيها القائد العظيم وعلى تضحياتك الجسيمة وبطولاتك ... سلامُ فخر على روحك التي لم تخضع وعلى رايتك التي لن تسقط ، كراية جدك الحسين (ع) . رحل الجسد لكنك باقٍ في دمعة كل أم وأب وأخت وأخ شهيد ، وفي كل قلبٍ عرف معنى العزة و الإباء.
بدت الأجواء كرنفالية؛ حيث صاحبت تعليق الفانوس الضخم عروض استعراضية ، وزين أحد جوانبه بكلمة فلسطين.
تفيد الدراسات النفسية بأنّه يمكن للأطفال أن يتعلموا العقيدة والإيمان بصورة صحيحة منذ وقت مبكر
كنا الأطفال الوحيدين في قاعة تعجّ بالعلماء والرجال والضيوف من خارج لبنان
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال