ليبيا: إدمان الأطفال على الإلكترونيات يُقلق الأسر

ليبيا: إدمان الأطفال على الإلكترونيات يُقلق الأسر

تغيّرت سلوكيات أطفالي على صعيد العصبية والقلق في النوم والحديث خلاله.

وسط التسارع التقني الذي يشهده العالم، باتت الألعاب الإلكترونية وما يتصل بها من تقنيات التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للأطفال والشبان في ليبيا. ويكرر خبراء التحذير من تداعيات الظاهرة على صعيد زوال الحدود بين العالم الافتراضي والواقع في حال عدم اتخاذ إجراءات لتنظيم استخدامها وتوجيهها من أجل الإفادة من إيجابياتها.

يبدي أحمد الدلاّل، من مدينة الخمس شرق العاصمة طرابلس، قلقه البالغ من تمضية حفيديه، اللذين لا يزالان يدرسان في المرحلة الابتدائية، جل يومهم في مزاولة الألعاب الإلكترونية، وأيضًا بمعزل بعضهما عن بعض، ويقول: "فشلت كل محاولاتي لكسر هذا الروتين اليومي لهما، ومن بينها اصطحابهما إلى ساحة ترفيه كي ينشغلوا بألعاب مع أطفال آخرين، ثم رفضا لاحقًا مرافقته بالكامل بسبب وجود فارق كبير بين اللعب في ساحة ترفيه وبين التمتع بالألعاب الكترونية التي لا تتطلب أيضًا بذل جهد بدني.

يشير إلى أنه اشترى لحفيديه قصصًا ورقية لم تقنعهما، ولو حتى من خلال سردها لهم بطريقة مشوقة، أو من خلال قراءتهما لها، وأبلغاه بأنه يتوفر أحدث منها وأكثر فائدة على الإنترنت مع ربطها بحركات تقنية تحوّل المضمون الى حركات وألعاب. ويقول: "ربما يكون الفارق في التواصل بين جيلي وجيلهم السبب، لكنني أتخوف من أضرار انفصالهما عن والديهما بسبب الألعاب الإلكترونية".

لا يبدو أن هذه المشكلة تشمل كبار السن وحدهم في علاقتهم مع الشبان والأطفال، إذ تشارك الأربعينية نورا الغتمي من طرابلس القلق نفسه على أولادها الثلاثة، وتقول": "بدأت المشكلة مع ابني الأكبر حين كان في سن الـ12 وتسلى مرة مع رفاقه بالدردشة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأ صفحته الخاصة لمتابعة مستجدات الألعاب الإلكترونية، ثم أخبر شقيقيه عن متعة هذه الألعاب فانضما إليه. وحاليًا يمر وقت طويل عليهم من دون أن يتحدثوا أو حتى ينشب عراك بينهم كما حال الأطفال في سنهم".

تتابع بنبرة قلقة: "تغيّرت سلوكيات أطفالي على صعيد العصبية والقلق في النوم والحديث خلاله، وإذا قطعت الاتصال بالإنترنت بذريعة انتهاء الاشتراك الشهري من أجل مساعدتهم على ترك الألعاب الإلكترونية وتقليل أثرها، يتصرفون برفض عنيف، ويطالبون بضرورة تجديد الاشتراك، وقد يرفضون الدراسة أو ينقطعون عن الطعام".

أما حمدي العوامي من بنغازي، فيتحدث عن خشيته من تأثير محتوى التواصل الاجتماعي على سلوك ولده الذي دخل مرحلة المراهقة، بعدما أصبح يمضي ساعات في إحدى زوايا البيت ليشاهد أفلامًا ساعات طويلة، ويوضح أنه كلما حاول فرض رقابة على حساب ابنه على منصات التواصل الاجتماعي، يتحايل عليه عبر فتح حسابات أخرى بتسميات عدة.

أظهر إعلان نشرته إدارة مدرسة أبراج العلا للتعليم الخاص في طرابلس قلق المدارس أيضًا من ظاهرة إدمان الإلكترونيات، إذ دعت أولياء الأمور إلى جلب أطفالهم إلى نادٍ صيفي ينظم أنشطة تجمع بين الألعاب الافتراضية وتلك الواقعية، وقررت عقد ما يشبه ورش عمل مع أولياء الأمور للتنبيه من علامات الإدمان التي يجب أن يرصدوها على أطفالهم بشكل مبكر من أجل تجنّب آثارها السلبية.

يشيد أستاذ علم الاجتماع مخزوم الزروق بمبادرة مدرسة أبراج العلا للتعليم الخاص، ويذكر أنه "من علامات الإدمان الرقمي، اضطرابات النوم وضعف التركيز، وهذه مؤشرات مهمة يجب أن يتنبه لها أولياء الأمور. وقد يكون منع الأطفال من قضاء ساعات مع التقنية أمرًا ممكنًا، لكن منع الشباب في طور المراهقة قد يكون سلبيًا خلال فترة التشكل النفسي الطبيعي الخاص بشخصياتهم الذي يقودهم نحو الاستقلال بأنفسهم وبقرارتهم، لذا يجب تحديد المشكلة في أنها ليست في التقنية التي باتت جزءًا من الحياة، بل في غياب التوازن وفقدان الوالدين القدرة على إقناع الأطفال والشبان بضرورة تحقيقه".

يلفت الزروق الى إيجابيات الألعاب الكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها تنمي المهارات العقلية والمعرفية، يلفت إلى أن غالبية أولياء الأمور تقع بينهم وبين أولادهم فجوة معرفية تحدّ من قدرتهم على فرض توازن إزاء التقنيات، وتوجيهها إيجابًا ضمن حياتهم.

من الجوانب المهمة المؤثرة سلبًا في هذا الأمر، غياب الرقابة الرسمية للسلطات، بحسب رأي الزروق الذي يؤكد أهمية فرض تشريعات ومتابعة رسمية لهذا التحدي لمنع الاستغلال الإلكتروني والمحتويات العنيفة، وحجب الألعاب والمواقع الضارة، وهو ما يمكن أن تحققه الشركات المزودة بخدمات الإنترنت.

مواضيع مرتبطة

أهمية تعامل الأسرة في حياة الطفل ذو الإحتياجات الخاصة

للأسرة عدة أدوار في حياة طفلها ذو الإحتياجات الخاصة بدءًا من الميلاد مرورًا بالنمو بما يتضمنه من تعليم وتدريب

كيف تسهم التمارين المنزلية في بناء العلاقات الأسرية؟

تحسِّن الصحة وتُعزز الاستقرار والتماسك وتعطي نموذجًا للقدوة الحسنة

قضية ابتزاز وتشهير إلكتروني ضحيتها أسرة كاملة تهز الرأي العام في اليمن

فتاة يمنية في الرابعة والعشرين من عمرها، متزوجة وأم لطفلين، ارتكبت خطأً كلفها أغلى ما تملك

كلمات مفتاحية

ألعاب_إلكترونية